لاجئة في الصفوف الأمامية لمواجهة كوفيد-19

التاريخ:

تقدم ريم الخلف، وهي لاجئة سورية في لبنان، الرعاية التمريضية للمرضى المسنين أثناء جائحة كوفيد-19. الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/دار المصور

يُعتبر كبار السّن من ضمن الفئات الأكثر ضعفًا أثناء جائحة كوفيد-19 وأصبحت سلامة هذه الفئة أولوية وتحديًا للحكومات في العالم. في الأوقات التي تستنزف فيها النظم الصحية وتزيد من إرهاق العاملين والعاملات في مجال الرعاية الصحية، تعمل هذه اللاجئة السورية على تحسين مهاراتها لرعاية المرضى المسنين في طرابلس، لبنان.

في لبنان، غالبًا ما تكون فرص اللاجئات السوريات محدودة للتطور المهني. تشير دراسة أجرتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة إلى أن نسبة مشاركة النساء السوريات في سوق العمل هي أقل بست مرات من نسبة مشاركة الرجال السوريين، حيث قدرت نسبة مشاركة النساء في القوة العاملة بـ10 في المائة، مقارنة بـ 65 في المائة للرجال في عام 2019. وأصبح الوضع أكثر تعقيدًا في سياق جائحة كوفيد-19 والأزمة الاقتصادية في لبنان. في أعقاب انفجار ميناء بيروت المميت في 4 آب/أغسطس، وصلت الإصابات بكوفيد-19 إلى مستويات قياسية في البلاد، إلى أكثر من 35000 حالة، بحلول نهاية أيلول/سبتمبر 2020. وبسبب انفجار بيروت، فقد 300000 شخص منازلهم وأصبح العزل أو الحجر الصحي في المنزل في حالة الإصابة بالفيروس مستحيلًا بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون في أماكن مزدحمة.

بالنسبة إلى ريم الخلف، وهي لاجئة سورية تبلغ من العمر 34 سنة وتقيم في طرابلس، لم يكن من السهل أن تستطيع الحصول على تدريب وعمل في مجال الرعاية الصحية.

تتحدر ريم من مدينة تلكلخ‎ في محافظة حمص في سوريا، وكمثل العديد من مواطني المدينة، أُجبرت على الفرار مع عائلتها إلى لبنان المجاور في عام 2012، بعد عام واحد من اندلاع الحرب في بلادها. نتيجة لذلك، كان عليها أن تتوقف عن متابعة دراسة التمريض وهي لا تزال في عامها  الدراسي الثاني.

استقرت عائلتها أولًا في عكار، ثم في طرابلس، شمال لبنان، حيث حاولت ريم إكمال دراستها ولكن قيل لها إن "عمرها متقدم جدًا" للالتحاق بمدرسة التمريض.

بمساعدة هيئة الأمم المتحدة للمرأة، وبالشراكة مع وكالة التعاون التقني والتنمية (آكتد)، لم تلبث الأمور ان تغيرت للأفضل.

ريم خلال رعايتها إحدى المريضات. الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/دار المصور

بعد إجراء تقييم يستند على أسئلة حول التدريبات السابقة والخبرة في العمل ومعايير أخرى، انضمت ريم إلى تدريب لمدة شهرين في مجال الرعاية الصحية المنزلية والذي تضمن دورات حول الرعاية التي ترتكز على المريض وإعطاء العلاجات الطبية والتواصل مع كل من المرضى والطواقم الطبية. هذا التدريب هو واحد من أنشطة عدة تقدمها هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان ومنظمة آكتد في طرابلس، في سياق مشروع مدعوم من صندوق الأمم المتحدة الاستئماني للأمن البشري.

تركّز أنشطة المشروع على الفتيات والنساء، سواء من الجنسية السورية أو اللبنانية، وعلى تزويدهن بالتدريبات على المهارات بالإضافة إلى جلسات توعية حول العنف القائم على النوع الاجتماعي، حتى تتمكنّ من معرفة حقوقهن وفهمها بشكل أفضل والحصول على خدمات الحماية.

أثبتت ريم أنها متدربة تعمل بجهد وانضباط. يدفعها شغف بالتعلّم. أكملت ريم 120 ساعة من التدريب على مدى عشرة أسابيع. بفضل درجاتها العالية الّتي حصلت عليها خلال اختبار ما بعد التدريب، والمهارات التي أظهرتها خلال التمارين العملية، تم اختيارها لاكمال تدريبها النظري بالتدريب العملي أثناء العمل من خلال فرصة التدريب في مستشفى جمعية الخدمات الاجتماعية، وهو مركز رعاية صحية لكبار السن، في طرابلس.

تتيح فرص التدريب للمتدربات تعزيز مهاراتهن الفنية والتفاعل مع الجمهور وتطبيق ما تعلّمنه. كما يساعد هذا التدريب العملي السوريات اللاجئات على الحصول على فرص عمل أفضل عند عودتهن إلى وطنهن.

أثناء التدريب، أتمت ريم مجموع 80 ساعة من العمل على مدى شهرين، ومع ذلك تطوّعت للعمل لساعات إضافية. أثبتت ريم أنها سريعة التعلّم وتملك قدرة على الاستماع والمشاركة وإراحة الناس. بمجرد الانتهاء من التدريب، التحقت ببرنامج النقد مقابل العمل، كعاملة رعاية لكبار السن، في قسم الصحة العقلية في المركز عينه.

تقول ريم "عندما تم قبولي في الوظيفة، كنت أخشى ألا أعرف كيف أساعد كبار السن بشكل صحيح. كان من الصعب في البداية التعامل مع المرضى الذين لا يستطيعون أداء المهام اليومية البسيطة، ولكن سرعان ما اعتدت على ذلك."

يتضمّن الروتين اليومي الذي تتبعه الإشراف على تناول المرضى الدواء والوجبات ومتابعة الاستحمام ومراقبة درجة حرارة جسم المريض وضغط الدم ومستويات السكر، بالإضافة إلى التعامل مع الجروح السطحية عند الحاجة.

"غيّرت هذه التجربة حياتي. لقد رأيت تحسنًا كبيرًا في حياتي ورفاهيتي بشكل عام." تضيف ريم.

في لبنان، تشكل النساء 80٪ من الممرضات المسجلات في البلاد، وفي حين ثمة في لبنان فائض من الأطباء، إلا أنه يعاني نقصاً مزمناً في الممرضات - متخلفًا بذلك عن الإحصائيات التي تشير إلى كثافة الممرضات على المستويين الإقليمي والعالمي.

يعتمد نظام الرعاية الصحية في لبنان بشكل متزايد على النساء والفتيات لتحمل مسؤوليات رعاية أفراد الأسرة، المرضى والمسنين والأطفال. تدرك ريم هذا الواقع. "إن مسؤولياتي تتطلب مستوى عال من الرعاية الشخصية وكذلك التعاطف والصبر والانفتاح والقدرة على البقاء متيقظًة بشكل خاص في سياق جائحة كوفيد-19 الأخيرة."

تقول راشيل دور ويكس، رئيسة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان "منذ تفشي كوفيد-19 في لبنان، تعمل العاملات الصحيات في الخطوط الأمامية وفي ظروف مليئة بالمخاطر. يواجهن تحديات خطيرة، بما في ذلك الظروف غير الآمنة والخطيرة في كثير من الأحيان، والحال ان نسب المرضى مقارنة بنسبة الممرضات تتزايد بشكل كبير، فتتزلى كل ممرضة رعاية مريضًا 18، وهو أكثر من ضعف النسبة المقترحة. نحن بحاجة إلى استخدام جميع الموارد المتاحة لرفع عدد موظفات وموظفي الرعاية المدربات والمدربين والمؤهلات والمؤهلين في لبنان، وتأمين ظروف عمل آمنة ولائقة".