التمكين الاقتصادي للمرأة

الأمم المتحدة/ عماد كريم
 

ما زالت التحولات السياسية الصعبة، والتحديات الأمنية، وتدهور أسعار النفط، والصراعات الإقليمية التي طال أمدها تؤثر على التوقعات الاقتصادية للمنطقة. وتشير التقديرات إلى أن النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد تباطأ بشكل حاد إلى 1.8% في عام 2017. من المتوقع أن يتسارع النمو في المنطقة إلى 3% في عام 2018.[1] تتشكل الهياكل الاقتصادية بالقطاع العام المهيمن في بلدان المنطقة وتتأثر به، وهناك تنوع محدود في الاقتصادات. وفي حين أن أقل من 3% من السكان يعيشون في فقر مدقع، ما زال الضعف شديدًا نظرًا لكون 53% من السكان يعيشون على 4 دولارات في اليوم أو أقل[2].

احتلت المنطقة المرتبة الأخيرة في المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين  لعام 2017. عند المقارنة بعام 2006، لوحظت أعلى التحسّنات في المؤشر الفرعي للتحصيل التعليمي، بينما حظت المؤشرات الفرعية للمشاركة والفرص الاقتصادية والتمكين السياسي بأدنى التحسّنات.

ففي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا يشارك سوى 20.5% من النساء في القوى العاملة[3]. وتشير التقديرات إلى أن 33% من النساء في المنطقة يشاركن في العمالة الهشة مقارنةً بنسبة 23% للرجال. وتُمثَّل المرأة تمثيلًا زائدًا في المهن ذات الأجور المتدنية، بينما يوجد عدد قليل جدًا من النساء في المناصب العليا في المنطقة.

يعود السبب الرئيسي وراء انخفاض معدلات المشاركة النسائية في القوى العاملة في المنطقة إلى مجموعة كبيرة من العوامل المترابطة. ويشمل ذلك الأطر التنظيمية القانونية التمييزية، ومحدودية الوصول إلى التدريب الملائم، وأعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر وغير المعترف بها (ارتفاع تكلفة رعاية الأطفال، والأعمال المنزلية)، وسوء ظروف العمل بما في ذلك الأجور المنخفضة، وغالبًا ما يقترن ذلك بعدم وجود تغطية للضمان الاجتماعي، والقواعد التمييزية الاجتماعية والثقافية، ومحدودية الوصول إلى الموارد والتحكم فيها (الأرض، والملكية، والتمويل... إلخ)، وعدم قدرة أسواق العمل على توليد وظائف لائقة.

إن التمكين الاقتصادي للمرأة - قدرتها على النجاح والتقدم اقتصاديًا وامتلاكها الصلاحيات لصنع القرارات الاقتصادية واتخاذ إجراءات بشأنها - هو حق إنساني أساسي. صدّقت جميع دول المنطقة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو). ومع ذلك، فقد سجّلت 7 بلدان تحفظات على المادة 15 (المتعلقة بالمساواة في حقوق المرأة في إبرام العقود وإدارة الممتلكات) و11 بلدًا على المادة 16 (المتعلقة بحق المرأة المتزوجة في حيازة الممتلكات وإدارتها والتصرف فيها على قدم المساواة مع الرجل). ينعكس ذلك سلبًا على التمكين الاقتصادي للمرأة في المنطقة لأنه يؤثر على وصول المرأة على قدم المساواة إلى الموارد.

التمكين الاقتصادي للمرأة هو إحدى الركائز الأساسية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة. يُعدّ توسيع الفرص الاقتصادية أمام المرأة أمرًا مهمًا لأنه عامل حاسم في تمكين المرأة. يجري تنفيذ جهود هيئة الأمم المتحدة للمرأة بشأن التمكين الاقتصادي في سياق حقوق المرأة والعمل، والعدالة الاجتماعية، والتنمية المستدامة الشاملة التي تشمل الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية بما يتماشى مع خطة التنمية المستدامة لعام 2030.

 

 مجالات العمل والبرامج

تسترشد ولاية الأمم المتحدة المحددة بشأن التمكين الاقتصادي للمرأة بمجموعة من المعايير الدولية والأطر المعيارية، بما في ذلك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)؛ و إعلان ومنهاج عمل بيجين (1995)؛ والنتائج ذات الصلة للجنة وضع المرأة (CSW) بما في ذلك القرار 54/4 لعام 2010 بشأن التمكين الاقتصادي للمرأة؛ و الاتفاقيات بشأن المساواة بين الجنسين  لمنظمة العمل الدولية. تدعم هيئة الأمم المتحدة للمرأة اعتماد مبادئ تمكين المرأة (WEPs) كأداة رئيسية لتنفيذ هذه القواعد والمعايير.

 تُشير الأدلة إلى إسهام المساواة بين الجنسين بشكل كبير في النهوض باقتصادات المجتمعات والتنمية المستدامة، مما يضمن حياةً أفضل للنساء والرجال والمجتمع ككل. تعمل هيئة الأمم المتحدة للمرأة على دعم جميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية لتحقيق التمكين الاقتصادي للمرأة. وبالتعاون مع شركائها، تصمّم هيئة الأمم المتحدة للمرأة وتنفذ برامج تهدف إلى دعم النساء للحصول على دخل أعلى، وتحسين الوصول إلى الموارد والتحكم فيها، وزيادة الأمن، بما في ذلك الحماية من العنف. وتتماشى هذه الجهود مع خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وأهداف التنمية المستدامة الـ 17، وعلى وجه الخصوص مع الهدف 5 من أهداف التنمية المستدامة، الذي يدعو الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى "منح المرأة حقوقًا متساوية في الموارد الاقتصادية، وكذلك في الوصول إلى الملكية والتحكم في الأراضي وغيرها من أشكال الملكية، والخدمات المالية، والميراث والموارد الطبيعية، وفقًا للقوانين الوطنية" والهدف 8 بشأن "تعزيز النمو الاقتصادي المتواصل والشامل والمستدام، والعمالة الكاملة والمُنتجة، والعمل اللائق للجميع".

 في مجال التمكين الاقتصادي للمرأة، يعمل المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية مع شركائه من أجل تحقيق جملة أمور، من بينها:

  •  توفير دعم سياساتي للحكومات لترجمة مستهدفات أهداف التنمية المستدامة إلى السياق الإقليمي والمحلي؛
  •  تعزيز السياسات القائمة على الأدلة المراعية للنوع الاجتماعي من خلال إشراك الشبكة الاقتصادية للمرأة العربية "خديجة"، وهي منبر للدعوة ونشر المعرفة تحت مظلة جامعة الدول العربية؛
  •  تعزيز قدرة المجتمع المدني على الدخول في حوار مع الحكومات بشأن ضمان أن تكون القوانين والسياسات ذات الصلة مُراعية للنوع الاجتماعي؛
  •  تعزيز قدرات المؤسسات الوطنية لتوفير خدمات مُراعية للنوع الاجتماعي فيما يتعلق بالتمكين الاقتصادي؛
  •  تعزيز العمل اللائق والعمالة المُنتِجة من خلال معالجة الأسباب الهيكلية لعدم المساواة التي تواجهها المرأة - بالاشتراك مع منظمة العمل الدولية؛
  •  تعزيز روح ريادة الأعمال لدى النساء، وتخفيف الحواجز والمساهمة في تهيئة بيئة مواتية لتنمية روح ريادة الأعمال - بالاشتراك مع اليونيدو ومنظمة الأغذية والزراعة؛
  •  تصعيد التركيز على النساء في النقاش حول الهجرة والمساهمة في تعزيز الفرص المتكافئة المأمونة والمساواة بين الجنسين للعاملات المهاجرات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا - بالاشتراك مع المنظمة الدولية للهجرة.
  •  تعزيز مبادئ تمكين المرأة (WEPs) والانخراط مع القطاع الخاص لتحسين وضع المرأة في الاقتصاد من أجل تحقيق نمو شامل ومستدام؛ و
  • تحدي الصور النمطية للجنسين، وزيادة الوعي والدعم للتصدي للتمييز القائم على النوع الاجتماعي على مستوى الفرد والأسرة والذي يعوق المرأة ويكرّس عدم المساواة بين الجنسين في المجتمع.

 في جميع برامج التمكين الاقتصادي لدينا، تعمل هيئة الأمم المتحدة للمرأة على الوصول إلى النساء الأكثر احتياجًا، في كثير من الأحيان من خلال المشاركة مع المنظمات الشعبية ومنظمات المجتمع المدني. وفي هذا السياق، تشمل الفئات المُهمّشة النساء الريفيات، وعاملات المنازل، وبعض النساء من المهاجرات وذوات المهارات المُتدنيّة. من خلال اعتماد نهج شامل للبرامج، تهدف هيئة الأمم المتحدة للمرأة إلى المساهمة في تأمين مستويات أعلى من الدخل، وتحسين الوصول إلى الموارد والتحكم فيها، وزيادة الأمن لجميع النساء، بما في ذلك الحماية من العنف.

 تُشرِك هيئة الأمم المتحدة للمرأة مجتمعًا عالميًا مفتوحًا لتمكين المرأة اقتصاديًا على البوابة الإلكترونية www.empowerwomen.org. توفر بوابة المعرفة هذه الفرص لأعضائها للعثور على الموارد وأدوات التعلم وتقاسمها؛ والتواصل مع الأقران والخبراء؛ ومناقشة وتوليد أفكار جديدة؛ والدعوة إلى التمكين الاقتصادي للمرأة. تجمع البوابة بين مجموعة متنوعة من الشركاء، والشبكات، والأعضاء من المنظمات الدولية، والقطاع الخاص، والحكومات، والأوساط الأكاديمية، والمجتمع المدني.

https://www.empowerwomen.org/en

 



[1] البنك الدولي (2018). التوقعات الاقتصادية العالمية لعام 2018: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

[2] التقرير السنوي للبنك الدولي لعام 2016

[3] ILOSTAT, 2017

news
آخر الأخبار