من موقعي هذا: "بالرغم من التباعد الجسدي، المحبة جعلتنا أكثر قربًا"

التاريخ:

خلال فترة الإقفال بسبب كوفيد-19، كانت ليال واحدة من الموظفين والموظفات القلائل في مستشفى جمعية الخدمات الاجتماعية في طرابلس ممن سمح لهم بالعودة إلى المنزل كل يوم. الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/ دار المصور.

ليال محفوظ، 32 سنة، هي ممرضة لبنانية تقيم في طرابلس، وهي ثاني أكبر مدينة في لبنان. تتحدر ليال من مدينة الكورة في شمال لبنان وتعمل في مستشفى جمعية الخدمات الاجتماعية في طرابلس منذ 11 عامًا. كجزء من عملها، تقدم ليال الرعاية التمريضية للمرضى وتشرف على الموظفات والموظفين في المركز. جعلت أزمة كوفيد-19 عملها أكثر صعوبة من أي وقت مضى، ولا سيما بعد الانفجار الهائل في ميناء بيروت وبلوغ الإصابات الجديدة بـكوفيد-19 مستويات قياسية في البلاد، فبحلول نهاية سبتمبر/أيلول، أصيب أكثر من 36,000 شخص وتوفي ما لا يقل عن 347 بسبب الفيروس.

"أثّر الفيروس علينا كثيرًا هنا، حيث تم فرض الحجر في مركز كبار السن، واستطاع ثلاثة أشخاص فقط من بيننا (أي طاقم العمل) مغادرة المركز. كان علينا أن نوقّع على تعهّد ينص على أننا الثلاثة فقط من خُولنا الحق في التواصل مع العالم الخارجي. تم عزل الموظفات والموظفين الآخرين داخل المركز، لذلك كنا نحن السبيل الوحيد للتواصل بين مختلف الأقسام وبين العالم الخارجي. تعهدنا بالبقاء في الحجر عندما نغادر المركز، مما يعني أنه يمكننا العودة إلى المنزل وليس إلى أي مكان آخر.

حافظنا على هذا الوعد كي نستطيع أن نكمل عملنا دون الحاجة إلى النوم في المركز. كانت المخاطر مرتفعة، وهذا أثّر علينا جسديًا ونفسيًا. كانت ثلاثة أشهر صعبة.

تقدم ليال محفوظ الرعاية التمريضية للمرضى من أصحاب الشيخوخة في مستشفى جمعية الخدمات الاجتماعية في طرابلس خلال جائحة كوفيد-19. الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/ دار المصور.

وعند عودتي إلى المنزل، كنتٌ أخشى أن أقترب من عائلتي. ذلك إني كنت الشخص الوحيد الذي يخرج من المنزل. بقي ولديّ في الحجر الصحي في المنزل، وتوقف زوجي عن العمل. شعر أفراد عائلتي بالخوف، ولكن حاولت عائلتي عدم إظهار ذلك، غير ان زوجي طلب مني عدم الاقتراب من أولادنا. لم أزر عائلتي الكبيرة، وتوقفنا عن التفاعل مع الآخرين. لقد حرصت دائمًا على ارتداء الكمامات والقفازات، وكانت النظافة والتعقيم من الأولويات. شعر بعض الناس بالخوف من الاقتراب مني وحرص الناس أيضًا على الإبقاء على مسافة في خشية، وقد تفهّمت ذلك.

أخاف على أولادي وعائلتي أيضًا. تقيم والدتي في منزلي، وأنا أخاف أن تصاب بالفيروس. كنت أخاف أيضًا على مرضاي كبار السن.

نعامل مرضانا كعائلتنا، ولهذا أصررنا على العزل والحماية. حرصنا على اتخاذ جميع الاحتياطات، حتى لو عنى ذلك إبعاد المرضى عن العائلات. غيّرت الجائحة بروتوكولات النظافة والطريقة التي نعامل بها الناس؛ وأثرت في التعبير عن عاطفتنا وحبنا تجاه بعضنا البعض، وقربنا من الناس. نحن نفكر الآن مليون مرة قبل الاقتراب من شخص ما لمصافحة الأيدي.

لقد غيّرت الجائحة أولوياتي. أصبحنا أكثر تعلقًا بالمرضى، ونحب مرضانا أكثر الآن، وقد وطّدنا معرفتنا بعائلات المرضى. أنا مسؤولة عن 82 مريض ومريضة، وتتصل بي العائلات يوميًا للاطمئنان. على الرغم من التباعد الجسدي، المحبة جعلتنا أكثر قربًا".