احتفالا بعيد الأب: أب فلسطيني يروي رحلته مع التغيير نحو التربية التشاركية والمساواة المبنية على النوع الاجتماعي

التاريخ:

Photo: Aisha association for women and child protection
محمد قداس يشارك في أحد ورش العمل حول الذكورية الإيجابية المقدمة للرجال والنساء من مخيم اللاجئين بدولة فلسطين. الصورة: جمعية عايشة لحماية المرأة والطفل

اعتاد محمد قداس وهو أب شاب يعيش بمخيم جباليا بشمال مدينة غزة على التمسك بالأدوار النمطية للجنسين أي العمل لإعالة أسرته ولم يخطر بباله قط أن يقوم بالأعمال المنزلية أو أن يشارك في تربية أطفاله حيث كانت الأدوار بالنسبة له واضحة فهو يعمل خارج المنزل ويحقق الدخل وتتولى زوجته رعاية الأطفال والمسؤوليات المنزلية.

Photo: Aisha association for women and child protection
محمد قداس يشارك في أحد ورش العمل حول الذكورية الإيجابية المقدمة للرجال والنساء من مخيم اللاجئين بدولة فلسطين. الصورة: جمعية عايشة لحماية المرأة والطفل

تردد كثيرا محمد عند التواصل معه للمشاركة في بعض المناقشات حول الأبوة والذكورة الإيجابية التي نظمها البرنامج الإقليمي للأمم المتحدة للمرأة رجال ونساء من أجل المساواة بين الجنسين  - بتمويل من السويد ولم يكن يتقبل فكرة تولي نصيبه من المسؤوليات المنزلية حيث ترسخ دور الرجل والمرأة عنده منذ الصغر. ولكن مع مرور الوقت وبالاستماع إلى مختلف الآراء التي دارت أثناء الجلسات النقاشية، بدأ محمد في تغيير وجهة نظره وأصبح مقتنعاً بأهمية المشاركة في الأعمال المنزلية والرعائية من أجل استدامة الحب والمودة وتحقيق السعادة والرفاهة لكل أفراد الأسرة.

يقول محمد أنه عندما بدأ يندمج بالبرنامج كاد يتمنى مشاركته به في أول زواجه ولو كان قد حدث ذلك لكانت حياته الزوجية اختلفت للغاية. ويتحدث محمد عن الطاقة الجديدة في علاقته بزوجته بعد أن خاض أنشطة البرنامج حيث أصبح الزوجان يتشاركون اتخاذ القرارات في كل الأمور المتعلقة بأسرتهم. استفاد محمد من ورش العمل التي حضرها حيث أظهرت له الحاجة الملحة إلى تفعيل مفهوم المساواة المبنية على النوع الاجتماعي على مستوى الأسرة وأهمية مشاركة الرجال بالمثل في رعاية الأطفال. وأظهرت له أيضًا القيمة الكامنة وراء الأبوة التشاركية التي تجعل الأسرة أكثر سعادة حيث يتمتع كل أفرادها بالصحة والسلامة والرفاهة، كما أن تلك التجربة ساهمت في تحسين علاقته مع طفليه حيث أصبحوا يستمتعون بحبه وعاطفته بعد أن كانوا يخافونه ويحذرون صراخه.

تجاوز التأثير الإيجابي لتغيير محمد من نطاق أسرته قط ليمتد إلى المجتمع المحيط به. كما صارت زوجته تتحدث إلى النساء في المخيم اللواتي تعلمن المزيد عن مفهوم الذكورية الإيجابية وذلك بلغتهن ومصطلحاتهن وفهمهن البسيط، دون أي استخدام للمصطلحات الرسمية المتعلقة بمبدأ المساواة المبنية على النوع الاجتماعي.

مثال محمد هو إحدى قصص النجاح العديدة لبرنامج رجال ونساء من أجل المساواة بين الجنسين. عمل هذا البرنامج منذ ٢٠١٩ مع أكثر من مائة وخمسون ألف رجل وامرأة لتعزيز وتغيير السلوكيات المجتمعية النمطية في أربعة بلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: مصر ولبنان وفلسطين والمغرب. وتشير الدلائل المستمدة من التقييم الدقيق لهذه التدخلات المجتمعية التي أجرتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة إلى أن الرجال والنساء المشاركين في هذه المبادرات طوروا بشكل ملحوظ من مواقفهم وسلوكياتهم تجاه المساواة المبنية على النوع الاجتماعي والذكورة الإيجابية. وزاد عدد المستفيدين المستهدفين ذوي المواقف الإيجابية تجاه المساواة المبنية على النوع الاجتماعي بنسبة ٢٠،٥ في المئة، بينما زاد عدد المستفيدين الذين أظهروا سلوكيات أكثر إيجابية بنسبة ١٧،٢ في المئة.

Photo: Aisha association for women and child protection
محمد قداس يشارك في أحد ورش العمل حول الذكورية الإيجابية المقدمة للرجال والنساء من مخيم اللاجئين بدولة فلسطين. الصورة: جمعية عايشة لحماية المرأة والطفل

ومع ذلك، تشير التقارير الرسمية من قبل هيئة الأمم المتحدة للمرأة إلى أنه لا تزال هناك حاجة إلى بذل الكثير من الجهود للحد من عدم المساواة فيما يتعلق الأمر بتقديم الرعاية والعمل المنزلي غير مدفوع الأجر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث لا تزال النساء في منطقة الدول العربية يعملن عدد ساعات أكبر بكثير من الرجال بالأعمال المنزلية غير مدفوعة الأجر مما يصل بين ١٧- ٣٤ ساعة في الأسبوع مقارنة ب ١-٥ ساعات فقط في الأسبوع يستثمرها الرجال.

وفقًا للدراسة الاستقصائية بشأن الرجال والمساواة بين الجنسين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي أجرتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة وشركاؤها في عام ٢٠١٧ تظهر صورة واعدة في المنطقة العربية، حيث إن أكثر من نصف الرجال في مصر والمغرب وفلسطين ولبنان يرغبون في قضاء المزيد من الوقت مع أطفالهم. وتشير أيضًا الأبحاث إلى أن مشاركة الرجال بالأعمال المنزلية ورعاية الأطفال تعزز من رفاهة الأسرة وأطفالهم والنساء والرجال أنفسهم.

واستناداً إلى هذه الدلائل والعمل الفريد لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتعزيز الذكورية الإيجابية، فأطلق برنامج رجال ونساء من أجل المساواة بين الجنسين حملة لأني رجل لإشراك العديد من الرجال في الأبوة التشاركية والمساواة المبنية على النوع الاجتماعي. وقد وصلت الحملة بنجاح حتى الآن إلى أكثر من ٤٤ مليون شخص في المنطقة من خلال وسائل الإعلام التقليدية ومنصات التواصل الاجتماعي.

#لأني_رجل 
#عيد_الأب