طريق العودة الطويل إلى الوطن: ساعتان مشيًا وساعتان متبقيتان للنازحين العائدين إلى شمال غزة
التاريخ:
![Mohammad Abdallah, Gaza](/sites/default/files/2025-02/hanin-1200.jpg?t=1739119555)
«أمضيت ساعتين وأنا أسير حتى الآن».
حنين حمدونة، صحفية غزية صامدة وأم لطفلٍ في الرابعة عشرة من عمره، تمضي في رحلةٍ مشحونةٍ بالعاطفة، يتداخل فيها الأمل بالحزن. اليوم، تسير حنين نحو بيتها، أو ما تبقى منه، في شمال غزة. بعد حربٍ مدمرةٍ استمرت 15 شهرًا، تمضي وسط المجهول، لا تدري إن كان منزلها لا يزال قائمًا أم أنه سُوي بالأرض.
بدأت حنين رحلتها عند الساعة 6:30 صباحًا، لتنضم إلى آلاف النازحين العائدين إلى الجزء الشمالي من القطاع، يحملون فوق أكتافهم أعباء الحرب وآثار النزوح. منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، نزحت حنين أكثر من عشر مرات. صوتها المُرهق، لكنه صامد، يعكس صدى آلاف القصص المشابهة. تقول وهي تسير:
«انطلقنا من شارع الرشيد، مشينا حوالي 7 كيلومترات. الطريق يعج بالوجوه المتعبة، لكن الجميع يبتسمون». ثم تضيف: «الناس سعداء، لا يصدقون أنهم عائدون. حتى لو فقدنا ديارنا، الأهم أننا عدنا إلى وطننا».
![Photo: CNN/Majdi Fathi](/sites/default/files/2025-02/majdi-fathi-nur-photos-cnn.jpg?t=1739120066)
قبل الحرب، كانت حنين تعيش في حي النصر وسط مدينة غزة. ولكن في 14 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، انقلبت حياتها رأسًا على عقب. أجبرت على النزوح مع أسرتها. تتذكر ذلك اليوم بقلب مثقل:
«كان مشهدًا مفجعًا، سرنا وسط الحشود، لا نعلم إلى أين نتجه أو ما ينتظرنا هناك».
وكما هو حال حنين، نزح 90 في المائة من سكان غزة، وفقًا لتقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، تاركين منازلهم وحياتهم خلفهم، ليواجهوا مستقبلاً مجهولًا.
![Stringer. Reuters. SOURCE CNN](/sites/default/files/2025-02/stringer-reuters-source-cnn.jpg?t=1739121541)
لم تكن حنين بمنأى عن القصف، إذ نجت بالكاد من هجومين خلال نزوحها، وخرجت منهما وهي لا تحمل معها سوى حياتها.
وقع الهجوم الأول عندما كانت في طريقها من الجنوب إلى الشمال، إذ استهدفت غارة إسرائيلية حافلة بينما كان النازحون يسيرون على الطريق. أما الهجوم الثاني، فكان أثناء عملها في مستشفى شهداء الأقصى، حيث استهدفت غارة جوية خيمة الصحفيين.
تقول حنين: «عندما غادرت [مدينة] غزة، تركت كل شيء خلفي: بيتي وعملي وعالمي بأسره».
اليوم، تعود حنين إلى ما تبقى من حي النصر، الذي لم يعد سوى كومةٍ من الأنقاض. هي واحدة من بين 650,000 نازح يخوضون هذه الرحلة، وفقًا لوزارة الصحة في غزة. منذ بدء الحرب، نزح أكثر من 1.93 مليون شخص من سكان غزة، البالغ عددهم 2.3 مليون، وكلٌ منهم يحمل قصته الخاصة عن الفقدان والصمود.
![Hanin Hamaduna](/sites/default/files/2025-02/hanin2.jpg?t=1739120731)
لكن حنين ليست مجرد نازحة، بل هي صوتٌ يعكس معاناة آلاف النساء اللاتي يعشن تحت وطأة الحرب القاسية. وفقًا لإحصاءات هيئة الأمم المتحدة للمرأة لعام 2024، نزح ما يقارب مليون امرأة وفتاة، ليواجهن تحديات إنسانية هائلة. رحلة حنين ليست سوى واحدة من بين آلاف الرحلات، التي تحمل في طياتها وجع الفقد، لكنه لا يخلو من الأمل.
ورغم كل شيء، لا يزال النازحون متمسكين ببصيص أمل، مهما كان هشًّا.
تقول حنين: «ربما تهدمت البيوت، لكن الشوارع، والأرض، والذكريات باقية. الأهم أن نعود لنبدأ من جديد».
منذ بدء العودة في 27 يناير/ كانون الثاني، بدأ حوالي 650,000 شخص رحلتهم نحو الشمال. مزيجٌ من الفرح والألم يملأ الطريق، حيث يخطو العائدون بين الأنقاض بأقدامٍ مثقلةٍ بالتعب، لكن بروحٍ لا تنكسر.
تتفقد حنين الوقت، وتقول بصوت منهك لكنه مشحونٌ بالإصرار: «ساعتان أُخْرَيان ونصل».
ساعتان إضافيتان من المشي. ساعتان لمعرفة ما إذا كان هناك شيءٌ من حياتها السابقة قد بقي على حاله.
«نأمل أن نصل».