خطاب د. مُعز دريد، المدير الإقليمي بالنيابة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة للدول العربية، في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوزاري الرابع رفيع المستوى حول المرأة والسلام والأمن- القاهرة: جامعة الدول العربية 27 نوفمبر/ تشرين الثاني

التاريخ:

خطاب  د. مُعز دريد، المدير الإقليمي بالنيابة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة للدول العربية، في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوزاري الرابع رفيع المستوى حول المرأة والسلام والأمن- القاهرة: جامعة الدول العربية  27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024
المدير الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية يشارك في المؤتمر الوزاري الرابع رفيع المستوى حول المرأة والسلم والأمن بمقر جامعة الدول العربية تحت عنوان "تعزيز الحماية والاستجابة الشاملة لاحتياجات النساء في مناطق النزاع: النساء يواجهن الحروب". صورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/إسماعيل حمدي

أشكرك، سيدتي السفيرة، على إعطائي الكلمة،

أصحاب السعادة والمعالي،

أولا، أود أن أعرب عن عظيم تقديري وشكري لجامعة الدول العربية،  ممثلة بسعادة السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة، وأن أعرب عن تقدير هيئة الأمم المتحدة للمرأة للشراكة الطويلة مع وزارة خارجية فنلندا، ممثلة اليوم بمعالي السفيرة ريكا  إيلا. وعن سعادتي الخالصة للمشاركة في المؤتمر الوزاري الرابع رفيع المستوى حول المرأة والسلام والأمن.

كما أتقدم بتقديري لجميع شركائنا في النهوض بحقوق النساء والفتيات وتمكينهن على الصعيدين الإقليمي والقطري.

الزملاء، الأعزاء، أصبحت منطقة الدول العربية مركزا لمستويات متزايدة من الصراعات و الحروب. تصنف المنطقة باستمرار على أنها الأقل سلما في العالم[1].  وقد أسفرت سلسلة الأزمات والحروب في المنطقة عن خسائر كبيرة في الأرواح، ومزقت النسيج الاجتماعي، ودمرت البنية الاجتماعية، وأدت إلى نزوح جماعي - في عام 2024، كان هناك أكثر من 15.8 مليون نازح قسرا وعديم الجنسية في المنطقة، بما في ذلك اللاجئيين وطالبي اللجوء والنازحين داخليا[2]  (12٪ من المجموع العالمي).  

كما أن الحروب تؤدي إلى عكس مكاسب التنمية بشكل جذري.  وتعاني عدة بلدان في المنطقة من تراجع التوقعات الاقتصادية كنتيجة مباشرة للحرب.

في فلسطين، بحلول نهاية عام 2024، يمكن أن تنخفض التنمية مقاسة بمؤشر التنمية البشرية إلى مستويات لم نشهدها منذ بدء حسابات مؤشر التنمية البشرية لدولة فلسطين في عام 2004.

و من المتوقع ان ينخفض مؤشر التنمية البشرية إلى 0.643 في فلسطين - وهو المستوى المقدر لعام 2000، مما يعيد التنمية إلى الوراء بمقدار 24 عاما.  أما في غزة، فقد انخفض مؤشر التنمية البشرية إلى المستوى المقدر لعام 1955، مما أدى إلى محو أكثر من 69 عاما من التقدم[3].

وعلاوة على ذلك، تسببت الحرب في غزة في انتهاكات جسيمة لحقوق المرأة.  في غزة اليوم ما يقرب من مليون امرأة وفتاة نازحة، وقد نزح العديد منهن أكثر من 10 مرات. كما تعاني أكثر من 550,000 امرأة وفتاة من انعدام الأمن الغذائي، ومن المتوقع أن تواجه 70,000 امرأة انعدام الأمن الغذائي الكارثي و المجاعة مع بقية أفراد أسرهن في الشهرين المقبلين.

وقد خلقت الحرب عبئاً غير متناسب على الأمهات الحوامل والمرضعات. حيث حرم العديد منهم من الرعاية الصحية الأولية والثانوية.  هناك 155,000 امرأة حامل ومرضعة في غزة يواجهن تحديات حرجة في الحصول على رعاية قبل الولادة وبعدها.

ولن ننسى أن هناك ما يقرب من 315,000 فتاة فقدن حقهن الأساسي في التعليم الأساسي، مما زاد من مخاطر الزواج المبكر والحمل، وزاد من تعرضهن للعنف، وعزز الأدوار والمسؤوليات النمطية التي تثقل كاهل النساء خاصة وقت الحروب والأزمات.

خلفت الحرب المتصاعدة في لبنان خسائر فادحة في أرواح السكان. وما برحت الأزمة الإنسانية تزداد سوءًا، مع تكثيف الغارات الجوية الإسرائيلية التي أسفرت عن سقوط وفيات وحالات نزوحٍ واسعة النطاق. وسُجلت 3,516 حالة وفاة، منذ 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، من بينها 700 امرأة و231 طفلًا، بينما بلغ عدد الإصابات أكثر من 14,929 إصابة. ونزح نحو 886,028 شخصًا، منهم ما يقدر بنحو 451,874 (51 بالمائة) من النساء[4]  وتقدر هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن 12,000 أسرة نازحة ترأسها نساء. وتواجه النساء والفتيات  بالعموم مخاطر وعوامل هشاشة عدة، بعضها يعود إلى فترة ما قبل النزاع والبعض الآخر تطور أو تفاقم نتيجة له.

وفي ظل هذه الظروف العصيبة، تواصل هيئة الأمم المتحدة للمرأة وجامعة الدول العربية توفير منصة لبناء السلام، وتعزيز الحوار وضمان مشاركة المرأة بشكل هادف.

كما تشارك هيئة الأمم المتحدة للمرأة في التنسيق الدولي والبحوث المتعلقة بحقوق المرأة في سياق العمليات السياسية، وتحليل النزاعات، وتعزيز قيادة المرأة في صنع السلام.

و انطلاقا من التعاون المستمر من أجل النهوض بوضع المرأة والفتاة في المنطقة العربية.  أنشأت هيئة الأمم المتحدة للمرأة وجامعة الدول العربية شبكة وسيطات السلام ولجنة الطوارئ.  آليتان تهدفان إلى تعزيز مشاركة المرأة في عمليات السلام، وتمكين الوسيطات، فضلا عن وسائل الاستفادة من الإمكانات الكاملة لشبكات الوساطة التي تقودها نساء في حل الصراعات والحفاظ على السلام.

يشكل المؤتمر الوزاري اليوم فرصة هامة لنقاش التقدم  المحرز على أجندة  المرأة والسلام والأمن والتحديات التي تواجه كل الجهات الفاعلة في هذا الاطار،  بما يشمل مشاركة النساء في عمليات الإغاثة والتعافي وإعادة الإعمار وعملية صنع السلام ومنع العنف بكافة أشكاله وصوره. كما سيتطرق المؤتمر لخطط العمل الوطنية لتنفيذ التزمات المرأة والسلام والأمن ولعقد الشراكات على المستوى الدولي والاقليمي والقطري.

كما أود أن أذكرنا جميعًا بأن 25 نوفمبر يمثل بدايةالحمله العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة. وهذه الحملة العالمية فرصة لإعادة تأكيد التزاماتنا ، واتخاذ إجراءات حاسمة لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات. مع اقترابنا من الذكرى الثلاثين لإعلان ومنهاج عمل بيجين في عام 2025 - وهو مخطط تحويلي للنهوض بالمساواة بين الجنسين وتأمين حقوق المرأة والفتاة في جميع أنحاء العالم - دعونا نجدد جهودنا الجماعية لخلق عالم أكثر أمانًا وإنصافًا للجميع وخاصة النساء والفتيات في منطقتنا.

وفي الختام أتطلع إلى سماع النقاش اليوم، وأكرر التزام هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالشراكة الاستراتيجية مع جامعة الدول العربية، وأشكر حكومات فنلندا وألمانيا واليابان على مساهماتهم السخية في دعم أجندة المرأة والسلام والأمن في المنطقة العربية.

شكرا لكم

____________________________________

[1] Global Peace Index 2023, https://www.visionofhumanity.org/wp-content/uploads/2023/06/GPI-2023-Web.pdf  
[2] مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين:  https://reporting.unhcr.org/global-appeal-2024/regional-overviews/middle-east-and-north-africa   
[3] https://www.undp.org/press-releases/new-un-report-impacts-war-have-set-back-development-gaza-much-69-years  
[4] OCHA 2024, Lebanon: Flash Update#45-Escalation of hostilities in Lebanon, as of 18 November 2024