خمسة أسئلة: "يجب أن تقود النساء الحوار حول المساواة المبنية على النوع الاجتماعي"
التاريخ:
حياة مرشاد، 32 عامًا، هي ناشطة لبنانية مدافعة عن حقوق الانسان والمساواة المبنية على النوع الاجتماعي، وخبيرة في مجال التواصل والمناصرة.
بصفتها مُشاركة بتأسيس منظمة فيمايل في لبنان، تناضل مرشاد ضد المعايير والسياسات التمييزية من حيث النوع الاجتماعي وتعمل بشكل وثيق مع برنامج الرجال والنساء من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين التابع لـ "هيئة الأمم المتحدة للمرأة" والممول من حكومة السويد، الذي يعمل على تغيير السلوكيات والأعراف الاجتماعية المتعلقة بالمساواة المبنية على النوع الاجتماعي في الدول العربية.
مرشاد أيضًا عضوة في أجورا الابتكار في قضايا النوع الاجتماعي التابع لـ "هيئة الأمم المتحدة للمرأة"، وقد تمت تسميتها من قِبَل "بي بي سي" كواحدة من أكثر 100 امرأة مؤثرة وملهمة لعام 2020 على خلفية نشاطها في مجال حقوق المرأة.
في هذه المقابلة، تُشاركنا مرشاد رحلتها في محاربة المساواة المبنية على النوع الاجتماعي وتشرح كيفية التكاتف من أجل التأثيرعلى نطاق واسع وبشكلٍ مستدام.
كيف أصبحتِ مناصرة لحقوق المرأة والمساواة المبنية على النوع الاجتماعي في لبنان؟
كانت قراءتي لكتاب نوال السعداوي "المرأة والجنس" نقطة تحوّل في حياتي، وأكدت تجارب مماثلة اختبرتها أفكاري حول التمييز القائم على النوع الاجتماعي. ونتيجة لذلك، بدأت بمتابعة قضايا المرأة في لبنان وتطوعت لاحقًا في الحملة العالمية من أجل المساواة في حقوق الجنسية بصفتي طالبة في عامي الأول في الجامعة، مما شكل الأساس في مسيرتي المهنية.
على مر السنوات، طوّرت معرفتي بالنسوية وأنشأت شبكات محلية وإقليمية ودولية، لأنني أؤمن كثيرًا بالتضامن والتعاون. مكّنني العمل في وسائل الإعلام من رفع مستوى الوعي بقضايا النوع الاجتماعي من خلال منصات وسائل الإعلام العامة والاجتماعية. وكلما عرفت المزيد عن المعاناة اليومية للمرأة، قررت أن أكون أكثر صراحة، للتأكد من أن صوتي مسموعا.
كيف يتفاعل الأشخاص من حولك مع نشاطك؟ وما هي التحديات التي تواجهينها كونك نسوية؟
ليس من السهل محاولة الدفاع عن مواضيع غير مرحّب بها في مجتمعنا المعاند على نحو طبيعي؛ غالبًا ما يكون النقد عدوانيًا وساخرًا؛ ذلك ان التغييرات المرتبطة بأنظمة القيم لدينا والتقاليد تعدّ أكثر صعوبة من سواها، وغالبًا ما ترتبط قضايا النوع الاجتماعي بالدين والسياسة.
بغية العمل من أجل تغيير الأعراف المجتمعية الخاصة بالنوع الاجتماعي في لبنان، انطلقتُ من مجتمعي المباشر – وهو كمثل غالبية المجتمع اللبناني، محافظ بشكل أساسي. أنا فخورة بالقول إن آراء عائلتي قد تغيرت على نحو كبير، وهم الآن مدافعون ومدافعات عن حقوق المرأة داخل دوائرهم/ن ومحيطهم/ن. على الرغم من أنني فقدت العديد من الأصدقاء خلال رحلتي، فقد انضم العديد من الآخرين إلى الحركة النسوية.
من خلال تجربتك، كيف تؤثر الرجولة والأعراف الاجتماعية على المساواة المبنية على النوع الاجتماعي في لبنان؟ وما الذي يمكن فعله لتغيير المواقف بشأن المساواة ؟
أنا أؤمن أن الرجولة السامة هي لبّ المشكلة. غالبًا ما يؤدي تصور المجتمع للرجولة إلى الهيمنة الاجتماعية وكراهية النساء والعنف وحتى القتل في بعض الحالات، مع استمرار اعتبار جرائم الشرف مقبولة في العديد من البلدان. علاوة على ذلك، توفر قوانيننا وتقاليدنا وقيمنا وديننا ومجتمعنا بشكل عام غطاء لعرض الرجولة السامة، مما يؤثر سلبًا على حياة المرأة وحقوقها وكرامتها ومصيرها. لسوء الحظ، تعين أن يودي العنف القائم على النوع الاجتماعي بحياة العديد من النساء اللبنانيات للتأكيد على الضرورة الملحة لإصلاح قوانين العنف الأسري، والذي تمت الموافقة عليها أخيرًا في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
عند تدريس المناصرة، أؤكد على أهمية قلب ديناميكيات السلطة من خلال وسائل الإعلام والتعليم والقوانين وتربية الأطفال. نحتاج أيضًا إلى الاستثمار في النساء وتمكينهن من قيادة الحوار حول المساواة المبنية على النوع الاجتماعي لاستعادة حقوقنا ومساحتنا داخل المجتمع، كما يجب أن يعمل الأولاد والرجال والآباء معنا.
كيف يمكننا تعزيز التعاون عبر الحركة النسوية في لبنان؟
أولاً، نحتاج إلى سد الفجوة بين الأجيال في الحركة النسوية من خلال تعزيز الحوار، والاعتراف بمساهمات الأجيال الأكبر سنًا من النسويات و [تمكين] الأصوات النسوية الشابة من التحدث. هذه مشكلة شائعة في العديد من البلدان. أعتقد أن المناقشات بين أجيال من النسويات وزيادة التعاون فيما بيننا هي المفتاح لتقوية الحركة النسوية في لبنان.
كذلك، يجب على الجهات المانحة العمل مع المنظمات النسائية اللبنانية في تحديد أولويات التمويل وجداول أعمالها، وإلا فهناك خطر محيق متمثل في لعب دور سلبي في الحركة النسوية. من المهم أن يتم توجيه الموارد نحو تعزيز جدول أعمال نسوي نملكه نحن حقا.
ماذا تقولين للشباب والشابات الذين يرونك قدوة نسوية؟
أنا لا أؤمن بالنماذج والقدوات الثابتة في الحركة النسوية: تعترف الحركة النسوية وتأخذ في عين الاعتبار إنجازات ومساهمات الأجيال السابقة من النسويات، بينما تدعو الأجيال الشابة إلى التوسع المستمر ووضع جدول أعمال لحقوق المرأة بناءً على الحقائق الجديدة في عالمنا المعولم.
لن أكون هنا اليوم، بصوت عالٍ هكذا، لولا عمل النسويات اللاتي جئن قبلي. يمكن لأخواتنا الصغار الآن أن يبدأن في الدفاع داخل مجتمعاتهن. أدعو الأجيال الشابة إلى المضي قدمًا في عملنا وتسليم إنجازاتهم ومعارفهم وخبراتهم إلى النسويات في المستقبل