تعاون المجتمع المدني مع القوى العاملة في قطاع الإحصاء لتتبع معدلات العنف ضد المرأة في المغرب
التاريخ:
نُشر هذا المقال من موقع "النساء يعتد بهن" التابع لهيئة الأمم المتحدة للمرأة.
تعد قضية العنف ضد النساء والفتيات موضوعًا حساسًا ويُنظر إليه على أنه مسألة عائلية خاصة، مما يجعل جمع البيانات الدقيقة والشاملة تحديًا للمكاتب الإحصائية الوطنية. في المغرب على سبيل المثال وكما هو الحال في العديد من المجتمعات، غالبًا ما يتردد الناجيات أو يخشين مناقشة مسألة تعرضهن للعنف خوفًا من الانتقام أو المواقف الاجتماعية المنتشرة التي غالبًا ما تلوم الضحايا. وعلى هذا النحو، يتطلب إجراء مقابلات مع النساء الناجيات من العنف والنقاش حول تجاربهن مع العنف الكثير من الحظر والتدريب.
إن الخطوة الأولى لمواجهة العنف ضد النساء والفتيات والقضاء عليه هو فهم طبيعة وأسباب العنف وهي الخطوة التي على أساسها يمكننا إنشاء سياسات وبرامج فعالة. أظهرت الدراسات الاستقصائية المخصصة كطريقة فعالة للإطلاع على تجارب النساء والفتيات مع العنف، لكنها تتحدى الباحثين والباحثات لتطوير تعريفات واضحة لأنواع مختلفة من العنف بالإضافة إلى أدوات مستهدفة لقياس ما قد لا يعتبره الناس عنفًا.
بعد اعتماد قانون وطني لمنع العنف ضد النساء والفتيات في شباط/ فبراير 2018، أعربت الحكومة المغربية عن الحاجة إلى تحديث أرقام ومعدلات انتشار العنف ضد النساء والفتيات الواردة في المسح الأول للعنف ضد النساء والفتيات في عام 2009، وذلك من أجل تحديد الأولويات وإبلاغ إنفاذ القانون الجديد ورصد تقدمه.
عملت هيئة الأمم المتحدة للمرأة بشكل وثيق مع المكتب الإحصائي الوطني المغربي، والمندوبية السامية للتخطيط ، لتصميم المسح الثاني المعني بانتشار العنف ضد النساء والفتيات في البلاد. بدأ برنامج " النساء يعتد بهن" التابع لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في المغرب[1] في عام 2019 بتقييم وطني وورش عمل لإشراك الفئات المستخدمة والمنتجة وإشراك القوى العاملة في مجال الإحصاء في المراحل الأولى.
طورت هذه المشاركة المبكرة العلاقات وسمحت لمنظمات المجتمع المدني "بإسماع أصواتها بشأن التحديات التي تواجهها"، الأمر الذي "بنى الزخم الذي أشركها في العملية الكاملة لإنتاج البيانات". جاء ذلك وفقًا لليلى ريوي، ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في المغرب.
سعت المشاورات إلى توسيع نطاق المسح إلى ما وراء المجالات التي شملها المسح الأول في عام 2009. ونتيجة لذلك، تمت إضافة مجالات جديدة، مثل تقدير التكاليف الاجتماعية والاقتصادية للعنف ضد المرأة، لكل من الضحايا وأقاربهن.
كما نظمت هيئة الأمم المتحدة للمرأة أيضًا تدريبًا لعضوات وأعضاء الإشراف في المندوبية العليا للتخطيط الإقليمية، وذلك لتعميق فهم القضايا المتعلقة بالعنف ضد النساء والفتيات وتدريب القوى العاملة في الإحصاء على سبل جمع البيانات الحساسة، بما في ذلك كيفية مساعدة الأشخاص اللواتي تمت مقابلتهن على تذكر الأحداث العنيفة والإجراءات الأخلاقية والإحالات إلى الخدمات ودعم الناجيات. تم تدريب ثلاثة فقط من المشرفين/ات البالغ عددهم 21 مشرفًا على العنف ضد النساء والفتيات. وقدم التدريب خبير(ة) من إحدى منظمات المجتمع المدني المتخصصة في العنف القائم على النوع الاجتماعي، الجمعية المغربية لحقوق المرأة.
المستمعون والمستمعات
عندما أجرت المندوبية العليا للتخطيط أول مسح معني بالعنف ضد النساء والفتيات في البلاد في عام 2009، بدعم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة، وصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة، تم إشراك كل من الشبكات النسائية ومنظمات المجتمع المدني. وإدراكًا أن جمع البيانات حول هذا الموضوع الحساس سيكون صعبًا بشكل خاص في القرى التقليدية، قام برنامج الرعاية الصحية بدمج "مستمعات" من منظمات المجتمع المدني التي تقدم خدمات لضحايا العنف في تلك المناطق. عمل المستمعون والمستمعات جنبًا إلى جنب مع فرق المندوبية العليا للتخطيط في جمع البيانات.
تقول نجاة الرازي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق المرأة "عندما يتم إشراك المستخدمون والمستخدمات في البيانات وذلك من خلال المشاركة في جمعها، فإن ذلك يخلق ثقة في الأرقام المطروحة والبيانات الناتجة".
تم تكرار هذا النهج في استطلاع عام 2019، حيث تم توظيف 35 من مقدمي ومقدمات خدمات المجتمع المدني للعنف ضد المرأة والفتاة كمستمعين ومستمعات. وهكذا تم جمع البيانات من قبل اثنين من العدادين، أحدهما من منظمات المجتمع المدني والآخر من المندوبية العليا للتخطيط، وتم إجراء تدريبات للعمل معًا. سمح هذا النهج المبتكر للمجموعتين بالتعلم من خبرات بعضهما البعض وأسفر عن أدوات مسح أكثر حساسية مع زيادة الثقة في البيانات الناتجة. وقد عمق الاستطلاع الثاني المشاركة بين منظمات المجتمع المدني والجهة المسؤولة عن الرعاية الصحية، حيث قدمهم في وقت سابق لمناقشة الأدوات والمفاهيم والأساليب لمقابلة الضحايا ووضع الأسئلة التي سيتم طرحها.
قال أسامة مرسلي، مدير قطاع الإحصاء بالمندوبية العليا للتخطيط: "أدى العمل مع المجتمع المدني إلى تحسين جودة البيانات من خلال الطرق التي أجروها بالمقابلات والأدوات والكلمات المختارة، حيث مكن كل هذا من تحسين جودة البيانات من خلال عكس واقع تجارب النساء المغربيات بدقة أكبر. كما صرح قائلًا إن المستمعين والمستمعات كان لهم دور كبير في مساعدة القولى العاملة في الإحصاء على تعريف أشكال العنف بطريقة غير مباشرة للحصول على المعلومات بمهارة أكبر.
النتائج
تم إجراء المسح الوطني الثاني لمعدلات انتشار العنف ضد المرأة والفتاة في المغرب في الفترة من شباط/فبراير إلى تموز/ يوليو 2019، حيث شمل 12000 امرأة وفتاة و 3000 رجل وفتى. تشمل النتائج الأولية أن 57٪ من النساء والفتيات قد تعرضن على الأقل لعمل عنف واحد في الاثني عشر شهرًا الماضية (انخفاضًا من 63٪ في عام 2009). أبلغت 10.5٪ فقط من الناجيات عن العنف (ارتفاعًا من 3٪ في عام 2009). سمع 58٪ فقط من النساء و 57٪ من الرجال بالقانون 103-13 - الذي يجرم التمييز القائم على النوع الاجتماعي- وفقط 41٪ من النساء كن على علم بالخدمات العامة ذات الصلة.
استخدام البيانات
تم نشر النتائج الأولية على نطاق واسع، حتى قبل النشر، في حدث رفيع المستوى حظي بتغطية إعلامية جيدة في كانون الأول/ ديسمبر 2019. وقد استشهدت منظمات المجتمع المدني بدورها ببيانات من المسح في جهود المناصرة. استخدمت بعض المجموعات نتائج المسح الأولية، جنبًا إلى جنب مع البيانات الإدارية، للدعوة إلى تغييرات في القانون 103-13 لمكافحة العنف ضد المرأة والفتاة على وجه التحديد، والعمل مع هيئات الدولة للقيام بذلك.
كما عملت منظمات المجتمع المدني المشاركة في تصميم المسح وتنفيذه كعوامل تغيير في استخدام البيانات لزيادة الوعي وتوجيه تقديم الخدمات المحلية للناجيات، على سبيل المثال، استهداف المناطق التي ترتفع فيها مستويات العنف، لكن قلة من النساء أبلغن عن تلك الحالات.
في الآونة الأخيرة، تم استخدام بيانات المسح من قبل منظمات المجتمع المدني المغربية للدفاع عن تدابير لحماية المرأة من العنف، لا سيما في سياق جائحة كوفيد-19. كما أشارت إحدى منظمات المجتمع المدني إلى ذلك في دراسة استقصائية محددة أجرتها مع مزودي خدمات منظمات المجتمع المدني للعنف ضد النساء والفتيات، حيث لاحظ 66.67٪ من المستجيبين والمستجيبات زيادة أعداد النساء المعنفات اللواتي يطلبن المساعدة وأفاد 91.67٪ أنهن يواجهن تحديات جديدة في خدمة الناجيات أثناء حالة الطوارئ.
[1] يعمل برنامج "النساء يعتد بهن" أيضًا مع البرنامج المشترك لتعزيز المنهجيات والقياس وبناء القدرات الوطنية لبيانات العنف ضد المرأة ، الذي تم تنفيذه بالشراكة مع منظمة الصحة العالمية في المغرب.
تستند هذه المقالة إلى دراسة حالة حول سد الفجوة بين إنتاج البيانات واستخدامها وتسليط الضوء على دور مستخدمي ومستخدمات البيانات في التأثير في كيفية جمع البيانات. توثق سلسلة دراسات الحالة نتائج واعدة من برنامج "النساء يعتدن بهن"، لاستخلاص الدروس الهامة المستفادة التي يمكن تطبيقها ونشرها وتكرارها.
جين روس كاتبة مستقلة ومحررة لديها أكثر من 10 سنوات من الخبرة في الأمم المتحدة، بما في ذلك مع اللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان وهيئة الأمم المتحدة للمرأة.