تقرير جديد لهيئة الأمم المتحدة للمرأة يُعلي أصوات الفلسطينيات في خضم تدابير الإغلاق المفروضة في مواجهة كوفيد-19

التاريخ:

In Palestine, many women face additional workloads at home due to the COVID-19 lockdown measures. Illustration: UN Women/Ahmad Abu Rashed.
في فلسطين، تتحمل العديد من النساء مثل روان، وهي موظفة حكومية، أعباء عمل إضافية في المنزل بسبب تدابير الإغلاق الناجمة عن جائحة كوفيد-19. صورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/ أحمد أبو راشد.

"لطالما حلمت بأخذ إجازة طويلة وقضائها في المنزل مع أطفالي وزوجي، بيد أن الآن حلمي تحول إلى كابوس"، لدي المزيد من العبء فأقوم الآن بالمزيد من الأعمال المنزلية، ورعاية الأطفال، والتدريس ... ويتعين عليّ ضمان أن زوجي الذي يعمل في المنزل [لديه] مساحة هادئة للقيام بمهام عمله." هذه روان وهي امرأة فلسطينية تعمل بالقطاع العام في الضفة الغربية والتي شاركتنا القليل من قصتها.

في وقت مبكر من أزمة كوفيد-19، أجرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة، بالشراكة مع مركز العالم العربي للبحوث والتنمية، مقابلات متعمقة مع النساء الفلسطينيات في الضفة الغربية وغزة لإجراء دراسة حديثة تلقي ضوءًا جديدًا على وضع واحتياجات الفلسطينيات حيث اشترك في جهود الاستطلاعات والاجتماعات المعنية التي من شأنها أن تجمع بيانات حول تجارب النساء أكثر من 30 منظمة تقودها النساء وقائدات في المنطقة.

ففي محاولة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد في فلسطين، تم الإعلان عن حالة الطوارئ في أذار/ مارس، وتلتها إجراءات الإغلاق في شتى أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة. في البداية، تم إعفاء الموظفات ذوات الأطفال ممن يعملن في القطاع العام فقط من واجباتهن المهنية لرعاية أطفالهن، ولتعزيز القوالب النمطية المنوطة بالنوع الاجتماعي والتي تتوقع أن تكون النساء مقدمات الرعاية والرجال معيلين. في وقت لاحق، حتى عندما طُلب من جميع الموظفات والموظفين الحكوميين غير الأساسيين البقاء في المنزل، بقي عبء العمل المنزلي ورعاية الأطفال على عاتق النساء.

Additional domestic and care work is being largely dropped on women like Asma. Illustration: UN Women/Ahmad Abu Rashed.
يُلقى بالمزيد من الأعمال المنزلية والرعاية إلى حد كبير على عاتق النساء مثل أسما. صورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/ أحمد أبو راشد.

أما أسما، وهي أيضًا من الضفة الغربية، ومستجيبة لاستقصاء هيئة الأمم المتحدة للمرأة فتقول "يجب أن نهتم بمنازلنا ونعتني بالنظافة. على سبيل المثال، زوجي يخضع للحجر الصحي في منزلنا وانتقلت مع أطفالي إلى منزل أحد الجيران. أنا أتولى جميع المسؤوليات، والأطفال، والتنظيف، والتدبير، والتحقق من احتياجات زوجي".

وفقًا للدراسة، أبلغت 68٪ من النساء الفلسطينيات عن زيادة في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر منذ سريان تدابير العزلة لمواجهة داء كوفيد-19.

الوضع أكثر إرهاقًا للنساء اللواتي يُتوقع منهن العمل من المنزل، لأنه يُتوقع منهن رعاية أطفالهن والقيام بأعمالهن المنزلية في نفس الوقت. عندما يعمل كل من الشركاء من الذكور والإناث في المنزل عن بُعد، يُعطى لعمل الرجال المأجور أولوية أعلى من عمل النساء.

تشعر أم أحمد البالغة من العمر ثمانية وثلاثين عامًا، وهي أم لثلاثة أطفال من نابلس، بالضغط والتوتر: "يجب أن أهتم الآن بجميع جوانب رفاه أطفالي. مع إدخال التعلم الإلكتروني، أنا الوحيدة التي تتابع مع الأطفال حقًا أداء الفروض المدرسية. إنهم يشعرون بالضيق والإرهاق، ويجب أن أتعامل مع ذلك، لكنني أيضًا أشعر بالتوتر والضغط." تود أم أحمد دعمًا نفسيًا واجتماعيًا للعائلات حيث تكافح من أجل التأقلم مع الوضع الطبيعي الجديد الذي أتت به جائحة كوفيد-19.

"في حين أنه من اللطيف أن تكون العائلة معًا، فإن زوجي ليس لديه ما يفعله. إنه يشعر بالملل و ... الملل يجعله منفعلًا وعرضة للعنف." هذا ما أخبرتنا به هبة * من الضفة الغربية، مما يشير إلى التهديد المتزايد بالعنف المنزلي - الجائحة المستترة - الذي تواجهها النساء حول العالم خلال كوفيد-19.

وفي الشأن نفسه، أبلغت جمعية المرأة العاملة الفلسطينية عن ورود أكثر من 510 طلب للدعم، بما في ذلك من ضحايا العنف المنزلي في الفترة ما بين 22 أذار/مارس و4 نيسان/ أبريل، وأبلغت سوا، وهي منظمة نسائية أخرى، عن 3 حالات لمحاولات انتحار بسبب الاعتداء الجنسي وسفاح القربى والمضايقة ومحاولة الاغتصاب في غضون أسبوع واحد (9 - 16 نيسان/ أبريل). ولا نغفل حقيقة أن هذه فقط الحالات تلك التي تم الإبلاغ عنها؛ فعادة ما يكون الإبلاغ عن العنف المنزلي أقل من المعدل الفعلي للحوادث، وفي أوقات الأزمات، قد لا تتاح للعديد من النساء الفرصة أو يتوفر الأمان للإبلاغ عن حدوث عنفٍ.

Lockdown measures around the world have led to increases in domestic violence and created new barriers to survivors seeking support. Illustration: UN Women/Ahmad Abu Rashed.
وقد أدت إجراءات الإغلاق في جميع أنحاء العالم إلى زيادة العنف المنزلي وخلقت عوائق جديدة أمام الناجيات الباحثات عن الدعم. الرسم: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/ أحمد أبو راشد

خلقت إجراءات الإغلاق الضرورية لاحتواء انتشار الفيروس عوائق جديدة أمام الناجيات اللاتي يبحثن عن خدمات حيوية، كما عملت القيود على الحركة على تطبيع الفكرة الأبوية السائدة بأن "مكان المرأة في المنزل".

ومن الناحية الاقتصادية، من المتوقع أن تضرب الأزمة سبل عيش النساء بشكل أكبر، حيث تعمل معظم النساء في القطاع غير الرسمي والأعمال الصغيرة. أظهر مسح أجراه مركز العالم العربي للبحوث والتنمية أن 76 في المئة من النساء فقدن دخلهن (مقارنة بنسبة 65 في المئة للرجال). وفقا لمسح سريع أجرته هيئة الأمم المتحدة للمرأة، قالت 95 في المئة من صاحبات المشاريع البالغة الصغر والصغيرة والمتوسطة إن عملهن قد تأثر بالفعل بجائحة كوفيد-19. علاوة على ذلك، وجد التقرير أن ما يقرب من 25 في المئة من النساء الفلسطينيات العاملات في القطاع الخاص ليس لديهن عقود أو/ وينقصهن حماية المرتبات.

تؤكد أمل حمد، وزيرة شؤون المرأة الفلسطينية، أن العنف الاقتصادي والعنف المنزلي مرتبطان ارتباطًا وثيقًا في خضم الظروف الحالية. وتعلق على الأمر ذاته قائلة "نتيجة للظروف الاقتصادية، وفقدان الوظائف، وحالة القلق الشديد الحالية، هناك تدهور في الوضع الاقتصادي للمرأة، وهذا يؤدي إلى العنف الاقتصادي في المنزل، وكذلك ارتفاع معدلات العنف المنزلي."

للتخفيف من تأثير كوفيد-19 في فلسطين، يقدم تقرير هيئة الأمم المتحدة للمرأة حجة قوية وبراهين على ضرورة إيلاء الأولوية لاعتبارات النوع الاجتماعي في خطة استجابة البلد لجائحة كوفيد-19.

وحسب الممثلة الخاصة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين، ماريز غيموند "إن الجائحة لا تظهر لنا مشاكل جديدة بل تتسبب في استفحال المشكلات المعروفة بالفعل. نحن نعلم أن الأزمات يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للنساء والفتيات، مما يعمق أوجه عدم المساواة القائمة بيد أن هذه يمكن أن تكون أيضًا فرصة للمضي قدمًا لا التراجع."

للخروج من هذه الأزمة قادرات وقادرين على الصمود، ولإعادة البناء بشكل أفضل، يجب أن تحتل المساواة بين الجنسين مركز الصدارة في جهود الإنعاش والتعافي - من ضمان أن خطط الإنعاش الاقتصادي تلبي احتياجات النساء والرجال على حد سواء إلى تشجيع وتعزيز دور الرجال في المنزل وفي رعاية الأطفال كشركاء متساوين في الأسرة. للمزيد من التوصيات، يُرجى الاطلاع على التقرير بالكامل.

*  الأسماء الواردة تم تغييرها واستخدمت الأسماء الأولى فقط دون اللقب لحماية خصوصية المجيبات على الدراسة الاستقصائية.