أصوات غزة: "بعد كل تصعيد، نستأنف العيش في الخوف من التصعيد التالي."

التاريخ:

alt
سنابل أحمد أبو سعيد، 39 عاما، أم تعمل لدى مركز شؤون المرأة في غزة. الصورة: سنابل أحمد أبو سعيد

سنابل أحمد أبو سعيد، 39 عاماً، تعيش مع ابنتها البالغة من العمر 13 عاماً ووالديها وشقيقها في غزة. مطلقة وتربي ابنتها بمفردها. يعيش زوجها السابق في منطقة الخليج. فضلاً عن كونها ناشطة حقوقية ونسوية، تعمل سنابل مع منظمات المجتمع المدني في غزة، بما في ذلك مركز شؤون المرأة، شريك هيئة الأمم المتحدة للمرأة، حيث تشغل منصب مستشارة المتابعة والتقييم والمساءلة والتعلم في مجال تمكين المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين.

"كلما قرعت طبول الحرب، نُلملم حاجاتنا الأساسية، أحلامنا وذكرياتنا، ماضينا وحاضرنا، في حقيبة صغيرة نتركها عند باب البيت في حال اضطررنا إلى الفرار، لعلها تنجو معنا أو تبقى شاهدة ًعلى أننا كنا هنا.

لقد عشنا العديد من التصعيدات. يودي كل تصعيد بحياة الكثيرين فيما يرزح الناجون تحت وطأة الفقدان والدمار. كل حرب تدفن المزيد من الأحلام والذكريات تحت الأنقاض.

خلال هذه التصعيدات، تنتابني مخاوف جمة. أخشى رؤية ابنتي مذعورة، وسماع صوت قلبها ينبض بشدة كالطبول المدوية. أشعر بمسؤوليتي عن تعريضها للخطر لمجرد أنني أنجبتها في غزة. ومهما حاولت منحها حياة جيدة، دائماً ما أشعر بالتقصير في حقها. لا يسعني إلا الاعتقاد بأنني سبب عدم حصولها على الطفولة التي تستحق أن تعيشها.

أخشى الاضطرار إلى الفرار من منزلنا والبدء من جديد، مخلفين ذكرياتنا وراءنا. في كل مرة يندلع فيها العنف، أقرر مغادرة غزة لتجنيب ابنتي المزيد من الخطر والألم. لكن الأمر ليس بهذه السهولة. فالحصول على تصاريح السفر في "الظروف العادية" أمر بالغ الصعوبة، ناهيك عن أوقات الأزمات. يرفض والدي السبعيني مغادرة منزله. بالنسبة له، يعد فقدان منزله بمثابة فقدانه لروحه. ليتني أستطيع المغادرة مع ابنتي وكل عائلتي للحفاظ على ما تبقى من إنسانيتنا، لكنني لا أستطيع.

عندما تم إعلان الهدنة، شعرت بالارتياح لأننا نجونا هذه المرة.

كثيراً ما أسمع الناس يقولون إن سكان غزة اعتادوا على الحروب. لم ولن نتعود على الموت والدمار. لا يمكن لإنسان أن يعتاد على الألم أو أن يتوقف عن الشعور به.

خلافاً لسابقه، لم يستمر التصعيد الأخير سوى خمسة أيام. ليتني أستطيع القول إننا الآن بأمان بعد أن توقفت الغارات. لسنا بأمان. فبعد كل تصعيد، نستأنف العيش في الخوف من التصعيد التالي."