كلمات من أميرة أبو عرقوب: "يمكن للأشخاص ذوي الإعاقة أن يشاركوا مشاركة كاملة في المجتمع عندما يوائمون مهاراتهم مع احتياجات السوق".

التاريخ:

نُشرت القصة في الأصل على موقع هيئة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين.

alt
أميرة أبو عرقوب أثناء العمل في رام الله. الصورة مقدمة من أميرة أبو عرقوب.

ولدت أميرة، البالغة من العمر 24 عامًا، ضعيفة البصر، وهي تعيش في رام الله مع إخوتها ووالديها. حصلت أميرة على شهادة في اللغة الإنجليزية وآدابها، وتسعى حاليًّا للحصول على درجة الماجستير في التنمية المجتمعية. كما تعمل أميرة في منظمة EducAid، وهي منظمة دولية غير ربحية، تساعد الأشخاص ذوي الإعاقة على التغلب على صعوبات التعلم والتوظيف. وهي عضوة في منتدى "أجورا الابتكار في قضايا النوع الاجتماعي" للشباب، التابع لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وهي منصة استشارية للحوار المنتظم مع الشباب والشابات من فلسطين. وتأسس المنتدى من قِبَل مكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين في عام 2020، ويتكون من خبراء في المجتمع المدني ونشطاء من الشباب والشابات والشخصيات المؤثرة في مجال المناصرة ووسائل التواصل الاجتماعي لدعم ممثلي وممثلات الشباب في تطوير حلول مبتكرة لتحقيق المساواة القائمة على النوع الاجتماعي، والمشاركة مع مجموعة أوسع من الجهات المعنية. ويقدم أعضاء أجورا الخبرة في مجال الشباب وقضايا النوع الاجتماعي، ويصممون حلولًا وحملات مبتكرة، ويشجعون تعبئة الشباب، ويسهلون نشر المعلومات على الشبكات والمنظمات في جميع أنحاء المنطقة.

Quote

جعلتني معاناتي من ضعف البصر أثناء نشأتي أواجه العديد من الصعوبات، لكن التعلم كان التحدي الأصعب، حيث لم يكن في مدرستي كتب مطبوعة بطريقة برايل، ولذلك اضطررت إلى الاعتماد على والدتي لقراءة الكتب لي. وكان تعلم الكلمات أمرًا صعبًا عليَّ بدون القدرة على الرؤية. فعلى سبيل المثال، كان من الصعب معرفة أسماء الحيوانات؛ لأنني لم أستطع تصورها، ومهما حاول والداي وأساتذتي، كانت هناك فجوة بين ما يصفونه والصورة التي أحاول تصورها في ذهني.

تكثر التحديات في المدرسة. كانت دروس اللغة الإنجليزية أسهل وأكثر متعة من بقية الدروس، وتلقيت الكثير من الدعم من معلمي اللغة الإنجليزية والناطقين الأصليين بها الذين اعتادوا القدوم إلى مدرستي للتطوع. وبدلًا من الاعتماد على الأساليب التقليدية التي نادرًا ما تأخذ في الاعتبار الطلبة ذوي الإعاقة، استخدموا الموسيقى والدراما والألعاب لتدريس اللغة. وأتاحت هذه الطريقة لجميع الأطفال في صفي، بما في ذلك ذوي الإعاقة، التعلم معًا. وأدركت أهمية دمج الأشخاص ذوي الإعاقة مع الطلاب والطالبات الآخرين بدلًا من عزلهم في المدارس المتخصصة. ولكن الأمر يتطلب مناهج ومعلمين ومعلمات يراعون الإعاقة لتوفير تعليم شامل لا يهمل أحدًا.      

لقد استمتعت بدروس اللغة الإنجليزية كثيرًا، لدرجة أنني قررت متابعة درجة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية وآدابها وأن أصبح مُدرِّسة.

وفي الجامعة، تعرفت على العديد من الطلبة ذوي الإعاقة. وكان البعض يُعاني من ضعف البصر، بينما كان البعض الآخر من ذوي الحركة المحدودة، أو يُعانون من مرض التوحد. وكانت بعض التحديات التي تواجههم/ن تشبه تحدياتي، لكن البعض الآخر كان أكثر صعوبة. وغالبًا ما تواجه الفتيات ذوات الإعاقة تحديات أكثر من الذكور، ويتعرضن للتمييز بشكل مضاعف، ممَّا يجعلهن أكثر عرضة لخطر العنف العاطفي والجسدي والجنسي. وهناك ارتباط وثيق بين كل من الإعاقة والنوع الاجتماعي والتمييز. وكثيرًا ما تواجه النساء ذوات الإعاقة أضرارًا إضافية قائمة على النوع الاجتماعي تدفعهن إلى هامش المجتمع، ممَّا يؤدي إلى تدني وضعهن الاقتصادي والاجتماعي، فضلًا عن مشاركتهن في المجال المدني والسياسي.

ونادرًا ما تولي منظمات حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة اهتمامًا كافيًا للأبعاد المتعلقة بالنوع الاجتماعي. وعلى مر السنين، أدركت أن التدريب والندوات المصممَين للأشخاص ذوي الإعاقة، يركزان بشكل مفرط على زيادة وعيهم بحقوقهم وفقًا للاتفاقيات والمعايير الدولية. وعلى الرغم من أهمية معرفة الفرد بحقوقه، إلا أنها لا تكفي لعيش حياة منتجة مع الإعاقة. ولمساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل فعال، نحتاج إلى مساعدتهم على بناء قدراتهم ومهاراتهم حتى يتمكنوا من أن يكونوا جزءًا من النسيج الاجتماعي والاقتصادي.  

ولهذا السبب أطلقت مع صديقين، أحدهما يُعاني من ضعف البصر، مبادرة "اندماج". وتهدف المبادرة إلى تحديد المهارات التي يمتلكها الأشخاص ذوو الإعاقة، ولا سيما النساء، أو تزويدهم بمهارات جديدة تتناسب مع احتياجات سوق العمل. فعلى سبيل المثال، بحسب قدراتهم، يمكنهم تعلم لغة أجنبية، أو اكتساب مهارات الكمبيوتر. 

وقد ساعدتني مبادرتي في الحصول على وظيفة مع "EducAid"، وهي منظمة دولية غير ربحية أعقد فيها جلسات فردية مع الأشخاص ذوي الإعاقة، ومعظمهم من النساء وأمهات الأطفال المصابين بمرض التوحد ومتلازمة داون. ومن خلال عملي معهم، أدركت كيف تمنع الافتراضات والأحكام المسبقة لدى بعض أصحاب وصاحبات العمل الأشخاص ذوي الإعاقة، وخاصة النساء، من تولي وظائف يمكنهم القيام بها، وتحرمهم من فرصة عيش حياة منتجة.  

ولا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه حتى يدمج المجتمع الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل كامل. وإحدى الطرق السريعة لبلوغ هذه الغاية هي مواءمة مهاراتهم بشكل أفضل مع احتياجات السوق".