كلمة: لنُجدد التزامنا بمنهاج عمل بيجين، فكل خطوة نحو تمكين النساء والفتيات هي خطوة نحو مستقبل أكثر عدلاً واستدامة وسلاماً

كلمة افتتاحية للمديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الاجتماع رفيع المستوى حول التقدم المحرز في تنفيذ إعلان ومنهاج عمل بيجين بعد ثلاثين عاماً في مسقط، 9 كانون الأول/ ديسمبر

التاريخ:

9 كانون الأول/ ديسمبر 2024 |   للمديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة

صاحبات وأصحاب المعالي والسعادة، ممثلات وممثلو الدول العربية والمجتمع المدني والشباب، الزميلات والزملاء في الأمم المتحدة، الصديقات والأصدقاء، الحضور الكريم، 

أود أن أبدأ كلمتي بالتعبير عن خالص الشكر والامتنان إلى حكومة سلطنة عُمان على استضافتنا اليوم، وأعرب عن امتناني لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة في  هذا البلد الرائع – والشكر موصول أيضاً لسعادة الشيخ راشد بن أحمد الشامسي وكيل وزارة التنمية الاجتماعية ولمعالي الدكتورة العزيزة ليلى بنت احمد النجار وزيرة التنمية الاجتماعية.

صاحبات وأصحاب المعالي والسعادة، ممثلات وممثلو الدول العربية والمجتمع المدني والشباب، الزميلات والزملاء في الأمم المتحدة، الصديقات والأصدقاء، الحضور الكريم،
كلمة افتتاحية للمديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الاجتماع رفيع المستوى حول التقدم المحرز في تنفيذ إعلان ومنهاج عمل بيجين بعد ثلاثين عاماً في مسقط، 9 كانون الأول/ ديسمبر. الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة – المكتب الإقليمي للدول العربية

كما أتقدم بالشكر لكل من ساهم في  تسجيل الدول العربية رقماً قياسياً في عدد التقارير الوطنية المقدمة حول تنفيذ ‎‎‎إعلان ومنهاج عمل بيجين، بمعدل استجابة بلغ 80 في المائة. وهذه شهادة على التزامكم بالنهوض بحقوق المرأة حتى في أحلك الظروف و في ظل ما نشهده اليوم من نزاعات.

وأشكر الشقيقة الإسكوا، ممثلة بمعالي الدكتورة رولا دشتي، وكيلة الأمين العام والأمينة التنفيذية، على شراكتها القيمة وتفانيها. 

وجزيل الشكر لجامعة الدول العربية، ممثلة بمعالي السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة، على دورها الريادي وجهودها الدؤوبة ومشوارها المعطاء لرفعة المرأة والفتاة في المنطقة العربية. كما أشكرها على الشراكة في تنظيم هذا الاجتماع الهام. 

وأشكر أيضاً الزميلات والزملاء من المجتمع المدني وممثلات وممثلي الشباب المجتمعين هنا اليوم  على جهودكم لضمان استمرار تحملنا جميعا مسؤولية تنفيذ منهاج عمل بيجين.

صاحبات وأصحاب المعالي والسعادة، الحضور الكريم،

 نجتمع اليوم في ظل واقع إنساني مؤلم تعيشه العديد من الدول العربية. في فلسطين - في غزة، والسودان، ولبنان، وواقع عدم الاستقرار في اليمن وليبيا والصومال، حيث تواجه النساء والفتيات تحديات قاسية وغير مسبوقة. فقد خلّفت النزاعات والحروب المستعرة آثاراً مدمرة على المجتمعات، وأثقلت كاهل النساء اللواتي تحملن أعباءً مضاعفة. ففي غزة بلغ عدد الذين استشهدوا ضحية العدوان الإسرائيلي أكثر من 45,000 ثلثيهم من النساء والاطفال. ويقاسي سكان القطاع من فقدان الخدمات الأساسية والحرمان من وصول المساعدات الانسانية. وفي ظل مجاعة تهددهم وتهدد اسرهم وأطفالهم، فهم يعانون من فقدان الأمن والأمل تحت وطأة احتلال وحرب وقصف وقتل ونزوح متتالٍ.

في السودان قُدر عدد الضحايا بحوالي ستين ألفاً خلال الأربعة عشر شهراً الماضية. وأشارت تقارير الأمم المتحدة الى استشراء العنف الجنسي ضد النساء والفتيات على نطاق كارثي ممنهج غير مسبوق.

إن هذه التحديات المؤلمة تدعونا إلى العمل معاً، وبشكل جماعي، لوقف هذه المآسي، ولضمان أن تكون النساء والفتيات محور كل استجابة إنسانية وتنموية من أجل تحقيق التعافي والسلام العادل.

ولا شك أن منهاج عمل بيجين يشكل إطاراً محورياً في هذا السعي.  ونأمل لسوريا استقراراً وسلاماً تشارك في بناءه جميع نسائها وفتياتها.

السيدات والسادة،

ثلاثون عاماً مضت منذ أن اتفق العالم على مجموعة من المعايير والإجراءات الجريئة لتحقيق المساواة بين الجنسين. ثلاثون عاماً من الفكر والعمل والإصلاح حققت فيها العديد من دولنا العربية تقدماً ملحوظاْ في تمكين المرأة في العديد من المجالات كما سمعنا الان من معالي الدكتورة رولا دشتي ومعالي الدكتورة هيفاء أبو غزالة ..... لن أكرر ما تقدمن به ولكن أضيف أنه بصفة عامة فقد نجحت معظم دولنا في إحراز تقدم ملحوظ في بناء قدرات النساء، ولكن هذا التقدم تباين معه الركود على المستوى الاقليمي في توفير فرص للاستفادة من تلك القدرات من خلال مشاركة المرأة الاقتصادية والسياسية.

فقد حققت المنطقة العربية خطوات مشرفة نحو المساواة بين الجنسين: في التعليم والصحة.

ففي المجال الأكاديمي تقترب الفتيات من تحقيق المساواة في التعليم، إذ نجحت المنطقة في خفض نسبة الأمية الى النصف خلال العقدين الماضيين، ووصلت نسبة التحاق الفتيات بالتعليم إلى 90%، وزاد عدد الفتيات الملتحقات بالجامعات على عدد الفتيان. وتفوقت منطقتنا على مناطق العالم الأخرى في نسبة المتخرجات من كليات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، إذ تشكل النساء حوالي 47% من خريجي مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وهي من أعلى النسب عالمياً.

كذلك حققت المنطقة تقدماً في المجال الصحي، إذ تمكنت من 96.4% من فجوة الفروق بين الإناث والذكور.

وبالمقارنة بالتقدم في بناء القدرات، عانت منطقتنا باستثناء القليل من الدول من تأخر وركود في توفير الفرص للاستفادة من هذه القدرات من خلال المشاركة الاقتصادية والسياسية، إذ لم يتجاوز متوسط نسبة مشاركة النساء في سوق العمل 20% على مدار ثلاثة عقود، مع قلة التمثيل في القطاع الخاص واستمرار فجوة الأجور بين الجنسين. ولا تزال نسبة تمثيل النساء حوالي 18% في الوظائف في مجالات العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة والرياضيات.

وبالنسبة للمشاركة السياسية، تسجل المنطقة أدنى معدل عالمي لتمثيل النساء في البرلمانات المنتخبة. والمتوسط الاقليمي لا ينفي أن نسبة تمثيل النساء في المناصب السياسية قد تجاوزت 25% في 7 دول عربية.

صاحبات وأصحاب المعالي

بعد ثلاثين عاماً من تبني إعلان ومنهاج عمل بيجين، علينا أن نعطي أولويةً قصوى لما يهدف إليه هذا الإعلان من تضييق الهوة بين قدرات المرأة المتنامية وفرصها الراكدة، من خلال زيادة المشاركة الاقتصادية والسياسية للمرأة في المنطقة العربية، ولكي تستفيد مجتمعاتنا وتنهض بمشاركة كافة نسائها وفتياتها بمن فيهن ذوات الإعاقة والنازحات واللاجئات والمدافعات عن الحقوق وغيرهن.

لقد استخلصت هيئة الأمم المتحدة للمرأة من التقارير الوطنية التي قدمتها 150 دولة حول تنفيذ برنامج عمل بيجين، أن هناك ست أولويات رئيسية للمضي قدماً في تمكين المرأة وتفعيل حقوقها وبما يساهم في تحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة.

الأولويات الستة هي: القضاء على العنف ضد المرأة، وتحقيق المساواة في المشاركة السياسية، وتفعيل دور المرأة في الانتقال إلى اقتصاد يحمي البيئة، وسد الفجوة في استفادة النساء والفتيات من التكنولوجيا الحديثة، وتطوير اقتصاد الرعاية، وإعمال أجندة المرأة والسلام والأمن. وهناك أولوية أخرى تتقاطع مع هذه الأولويات الستة وهي ضمان دور محوري للشابات والشباب. لتصبح الأولويات ستة زائد واحد.  

وتتسق هذه الأولويات مع الخمس أولويات التي جاءت في التقارير القطرية العربية. وهي:

القضاء على العنف ضد المرأة

  • القضاء على العنف ضد المرأة: تشير التقديرات إلى أن واحدة من كل ثلاث نساء في المنطقة العربية قد تعرضت للعنف من شريكها، وهو معدل مقارب للمعدلات العالمية. وتعيق الإساءة الرقمية بشكل متزايد، بما في ذلك خطاب الكراهية والتحرش الالكتروني، مشاركة النساء في الحياة العامة والسياسية. وترتفع مخاطر العنف ضد الإناث في ظل النزاعات.

إن سنّ و تفعيل القوانين التي تُجرم وتعاقب العنف ضد المرأة  هو جزء من الحل، علينا أن نتكاتف ونبذل المزيد من الجهود لضمان ذلك .

  • المشاركة السياسية: من أبرز العقبات التي تواجه النساء: التصورات السلبية حول قدرتهن على القيادة، والعنف الموجه ضدهن، والتكاليف المرتفعة التي يتطلبها الانخراط في العمل السياسي.

لا شك أن هناك الكثير مما يجب عمله لتحقيق هدف التكافؤ السياسي بين الجنسين الذي حددته لجنة وضع المرأة في دورتها الخامسة والستين. وعلى أرض الواقع أحرزت بعض الدول العربية تقدماً عبر خطوات مثل تعديل القوانين الانتخابية لتصبح أكثر شمولاً، واعتماد تدابير خاصة مؤقتة.

  • تفعيل دور المرأة في الانتقال إلى اقتصاد يحمي البيئة، وسد الفجوة في استفادة النساء والفتيات من التكنولوجيا الحديثة وتطوير اقتصاد الرعاية ليدعم تمكين المرأة اقتصادياً: فلدينا الآن حلولٌ قابلة للتطبيق تَوَصّلْنا إليها استناداً إلى تحليل أجرته هيئة الأمم المتحدة للمرأة، بالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية والبنك الإفريقي للتنمية وكذلك القطاع الخاص. وتركز هذه الحلول على ثلاثة قطاعات اقتصادية ذات إمكانات وقدرة عالية على توظيف مئات الآلاف من النساء في الاقتصاد الأخضر واقتصاد الرعاية ومجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
  • أجندة المرأة والأمن والسلام: تُعاني 6 من دول المنطقة من نزاعات حالية أو ممتدة، مما يفاقم التحديات الإنسانية والاجتماعية.

ومن الحلول المقترحة بعد تحقيق وقف دائم وشامل لإطلاق النار ومنح أولويةٍ قصوى لإنهاء النزاع وتقليل معاناة المدنيين، هو ضمانُ إيصال المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق، بما في ذلك الغذاء والدواء والمستلزمات الأساسية. ويتطلب الوضع التركيز على جهود التعافي وإعادة الإعمار، مع إعطاء الأولوية لتمكين النساء من استعادة سبل عيشهن وتعزيز مشاركتهن في بناء السلام.

وأود أن أنوه هنا بأن ثمانِ دول عربية قد تبنت خطط عمل وطنية لتنفيذ أجندة المرأة والسلام والأمن.

  • دور الشباب: ويجب أن نؤكد على أننا لن نستطيع تحقيق أيٍّ مما سبق دون ضمان دور محوري للشابات وللشباب في التنمية وتمكين المرأة، فهم حاضرنا ومستقبلنا.

الأخوات والإخوة الأعزاء،

وفي الختام، أدعونا جميعاً:

  1. لنُجدد التزامنا بمنهاج عمل بيجين ولنعمل على تركيز عملنا وتسريع خطواتنا لتتماشى مع الاحتياجات والتحديات، فكل خطوة نحو تمكين النساء والفتيات هي خطوة نحو مستقبل أكثر عدلاً واستدامة وسلاماً. إن الاستثمار في تعزيز قدرات النساء واستفادتهن منها هو حق لهن، وهو ليس بخيار بل ضرورة لتقدم مجتمعاتنا وتحقيق وعد بيجين وكافة أهدافنا التنموية الأخرى.
  2. لنبنِ على قصص النجاح، فمنطقتنا تزخر بالعديد من الأمثلة الملهمة للتقدم، والتي تم تسليط الضوء على الكثير منها في تقاريركم الوطنية. دعونا نستفيد من دروس هذه النجاحات، نعزز تأثيرها، ونعمل معاً، حكومات ومؤسسات مجتمع مدني والقطاع الخاص ومنظمات إقليمية ودولية، على ضمان أن تكون نجاحاتنا والتحديات التي نواجهها أيضاً مصادر إلهام لتحولات أكبر وأكثر استدامة.
  3. لننتهز هذه اللحظة الفريدة: فمع رئاسة المملكة العربية السعودية للجنة وضع المرأة، لدينا فرصة غير مسبوقة لإظهار ريادة المنطقة العربية على المسرح العالمي. دعونا ننهض بالشجاعة والإصرار لإيصال رسالة قوية عن مدى التزامنا المشترك بتمكين المرأة والفتاة في المنطقة العربية، وبالمساواة والعدالة والسلام.

شكراً لكم جميعاً. 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.