تحدي التقليد: كيف أصبح المحامي الشاب مدافعاً صريحاً عن حقوق المرأة في غزة
التاريخ:
"إن التغيير الإيجابي ممكن"- حذيفة شبير
حذيفة شبير ،محام فلسطيني 26 عاماً، غرست فيه عائلته وتربيته احتراماً كبيراً لمهنة المحاماة.
منذ صغره، انجذب حذيفة للدفاع عن حقوق الإنسان ومحاربة الظلم. ومع ذلك، لم تخلو الطريق أمامه من العقبات، حيث نشأ في غزة في بيئة مجتمعية ما تزال تنظر إلى مفهوم التعامل مع المرأة من منظور عدم الانفتاح أو التقبل الأمر الذي عرضّه لمحدودية التعامل مع أي قضية من القضايا المتعلقة بالمرأة أو النوع الاجتماعي.
مع توفر الفرصة لدى حذيفة لمزاولة القانون لدى نقابة المحاميين الفلسطينين في غزة، وجد صعوبة بالغة في البداية في التواصل مع زميلاته أو حتى المراجِعات لاسيما أولئك اللاتي تعرضن للعنف القائم على النوع الاجتماعي.
إلا أنه عندما استمع إلى قصصهن وتعرف على التحديات المنهجية اللاتي يواجهنها، بدأ يدرك أن تحيزاته ومعتقداته المجتمعية والثقافية خاطئة وتعيق قدرته على توفير تمثيل قانوني فعّال لهذه الفئة.
اتخذت حياة حذيفة منعطفاً كبيراً عندما تم اختياره للتدريب في وحدة المرأة التابعة لنقاية المحاميين الفلسطينين على مشروع يدعمه برنامح سواسية المشترك من خلال هيئة الأمم المتحدة للمرأة.
فتحت هذه الفرصة أعين حذيفة على عالم العدالة و المساواة بين الجنسين أما القانون وحقوق المرأة. ومن خلال عمله، شارك في أنشطة برنامج سواسية المشترك وزار عدد من المؤسسات القضائية وذلك لفهم الدور الحاسم الذي تلعبه مهنة المحاماة في ضمان معالجة هذه القضايا المتعلقة بالنوع الاجتماعي والمرأة. وأثناء تدريبه، بدأت وجهة نظر حذيفة في التغيير، وخلال هذه الفترة، طور تقديراً جديداً لأهمية هذه القضايا الحيوية. "خلال مشاركتي في أنشطة سواسية، قمت بزيارة مؤسسات مثل مجلس القضاء الأعلى، ومكتب المدعي العام، والشرطة النسائية لتقييم استجابتها للتوعية بالنوع الاجتماعي ومشاركة المرأة في مناصب صنع القرار، وأدركت أهمية المناصرة والدفاع عن حقوق الإنسان، وخاصة حقوق المرأة ".
لاحقاً وتقديراً لدوره القيادي في تعزيز المساواة والعدالة بين الجنسين وحقوق المرأة داخل وحدة المرأة في نقابة المحاميين، تم اختيار حذيفة لإكمال تدريب إضافي لمدة ثلاثة أشهر في هذه الدائرة والعيادة القانونية أيضاً.
وبدافع من التعاطف مع قضايا المرأة وحقوقها في غزة، قرر حذيفة التسلح بمهاراته القانونية من أجل الدفاع عن حقوق المرأة. في الوقت ذاته، عمل حذيفة على إجراء عدد من التدريبات وورش العمل وجلسات التوعية حول مواضيع العدالة والمساواة بين الجنسين للزملاء والزميلات وغيرهم من الفئات المهمشة في القطاع. "اكتسبت من خلال هذه الأنشطة القدرة على الدفاع عن العدالة والمساواة بين الجنسين وحقوق المرأة، فيما قمت بتطوير مهارات الاتصال والقيادة لدي، وعززت ثقتي بنفسي".
أثبت هذه التجربة، أنها نقطة تحول جديدة في المسار المهني القانوني لحذيفة، حيث تعرّف على عدد من العقبات المنهجية التي تواجهها النساء في فلسطين في الوصول إلى العدالة بالإضافة إلى إطلاعه على العديد من أشكال العنف التي يتعرضن له يومياً. ومن خلال العمل جنباً إلى جنب مع زميلاته، أدرك حذيفة أهمية زيادة تمثيل المرأة في مهنة المحاماة، لا سيما في المناصب القيادية ومناصب صنع القرار. وتوصل إلى نتيجة مفادها أن نشأته المحافظة قد حدت من انفتاحه وفهمه للقضايا المتعلقة بالنوع الاجتماعي لذلك فأصبح حريصاً على معرفة المزيد.
"مع مرور الأيام، ازداد شغفي بالدفاع عن حقوق الإنسان والمرأة. بدأت في التغلب على الحواجز والقيود الاجتماعية المرتبطة بالعادات والتقاليد المحيطة. كانت عائلتي داعمة للغاية وساعدتني في التغلب على العقبات الثقافية والدينية ".
كان حذيفة واحد من ضمن 380 محامي ومحامية شاباً ممن التحقوا ببرنامج تدريب نقابة المحامين الفلسطينيين (28 بالمائة منهم نساء) في العام 2022، والذي تم دعمه من قبل برنامج سواسية المشترك لتعزيز سيادة القانون في دولة فلسطين، من خلال هيئة الأمم المتحدة للمرأة.
حيث استفاد ما يقرب من 1350 محامياً ومحامية من أنشطة البرنامج التدريبية. كما قدم المشروع المساعدة القانونية ودعم العديد من المحامين في جهودهم لتعزيز وحماية حقوق الإنسان وتقديم الدعم للفئات الأكثر ضعفاً في غزة، وخاصة النساء.
على صعيد آخر، غيّر منظور حذيفة الجديد أيضاً وجهات نظره حول حقوق أخواته الإناث في مواضيع التعليم والعمل وحرية السفر. فأصبح مدافعاً صريحاً عن هذه الحقوق في منزله ومجتمعه. وهو الآن يشجع الآخرين على تغيير آرائهم وعلى تبني الأفكار والمفاهيم الجديدة بثقة ودون خوف من النظرة المجتمعية.
إن هذا التغيير الذي خاضه حذيفة غاية في الإلهام.
"لا يمكنني أن أنسى أبداً كم غيرتني هذه التجربة. لقد انتقلت من كوني شاباً كان يخشى التفاعل من زميلة إلى محامٍ شاب يؤمن بالعدالة والمساواة بين الجنسين ويدافع عن مشاركة المرأة في جميع المجالات. أنا ممتن للتعاون والدعم الذي تلقيته من زملائي في نقابة المحامين والعاملين في برنامج سواسية، بما في ذلك المحامون وقيادة المشروع، الذين زودوني بالمعلومات والخبرة التي أحتاجها للنجاح."
على الرغم من نشأته في بيئة محافظة تتبنى وجهات نظر تقليدية حول أدوار النوع الاجتماعي، أدت رحلة حذيفة مع برنامج سواسية إلى لحظة تحول عميق في فهمه وقبوله للقضايا المتعلقة بالنوع الاجتماعي وذلك على المستوى الشخصي وليس المهني فقط. من خلال عمله في الدفاع عن حقوق الإنسان والسعي لتحقيق العدالة للفئات المهمشة، أصبح حذيفة يدرك الأهمية الحاسمة لدعم أصوات النساء وخبراتهن. لم تكن هذه الرحلة سهلة، ولكن من خلال المثابرة والاستعداد لتحدي معتقداته الخاصة، أصبح حذيفة مدافع قوي عن العدالة والمساواة بين الجنسين وحقق المرأة في المهنة القانونية وخارجها.