على لسان نورا ساحلي: "بعد انفجار بيروت، فقدت النساء إحساسهن بالأمان. نعمل على مساعدة النساء على استعادة هذا الأمان"

التاريخ:

الأخصائية النفسية اللبنانية نورا ساحلي في بيروت. الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة / دار المصور

نورا ساحلي، 26 سنة، أخصائية نفسية لبنانية تدعم النساء والفتيات للتغلب على الصدمات النفسية التي سببها انفجار مرفأ بيروت. كانت نورا واحدة من بين 18 معالجًا ومعالجة نفسية التحقوا بعد يومين فقط من الانفجار بخيمة إغاثة طارئة أقامها مركز ريستارت لتأهيل ضحايا التعذيب والعنف، وهي منظمة محلية غير حكومية، وبالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والإسعافات الأولية والطعام والمواد الخاصة بالصحة والنظافة للمتضررات من الانفجار.

Quote

لقد صدمتني احتياجات الأشخاص التي تواصلت معنا في خيمة الإغاثة الطارئة في مركز ريستارت في مار مخايل.

أتى إلى الخيمة نساء ورجال وأطفال ليصفوا الدمار الذي شهدوه. لقد استمعنا إليهم/ن، ودعمنا مشاعرهم/ن، وقدمنا حلولًا علاجية تساعد على التعامل مع الصدمات. في بعض الحالات، كان الاستماع هو المطلوب فحسب. بالنسبة للحالات الأكثر خطورة، واصلنا تقديم الدعم بعد مراحل الطوارئ الأولى أو بدأنا الدعم بعد أشهر من الانفجار. شملت العديد من هذه الحالات أطفالًا صغارًا احتاجت إلى نهج متكامل للعلاج شمل الأهالي أيضا.

ومن الأمثلة على ذلك، في شباط/فبراير الماضي، طلبت إحدى الأمهات الدعم النفسي لابنتها البالغة من العمر 5 سنوات والتي أظهرت سلوكيات خطيرة ومقلقة في أعقاب الانفجار. كانت الفتاة تتبول على نحو لا إرادي، وتقف على طرف النافذة أو الشرفة دون إدراك خطر السقوط، وكانت تتصرف على نحو عدواني وباتت مفرطة النشاط. تسكن الأسرة في برج حمود على بعد 3.6 كيلومتر من المرفأ. عندما لجأت الأم إلينا لأول مرة، اعتقدت أن ابنتها لن تتحسن أبدًا، وألقت باللوم على نفسها على مشاكل ابنتها.

نورا في مركز ريستارت لتأهيل ضحايا التعذيب والعنف في بيروت. الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/دار المصور

عملتُ مع الأم والطفل في المركز مباشرة وعن بعد. لم تصدق الأم التقدم الذي أحرزته ابنتها في النهاية. الآن، تقول الفتاة الصغيرة إنها تشعر بالأمان مجددًا، كما باتت تعلّم أختها البالغة من العمر 3 سنوات أسلوب التغلب على مخاوفها. توقفت الأم عن لوم نفسها على محنة ابنتها وتعلمت دعم أسرتها بشكل أفضل من خلال خلق مساحة آمنة داخل الأسرة.

عند القيام بعمل كهذا، نهدف إلى ضمان حصول الأشخاص على مساحة آمنة للتعبير عن النفس واستعادة الطمأنينة والحصول على الدعم العاطفي، من خلال العلاج النفسي وعلاج النطق وغيرها من أنواع المساعدة العلاجية. من خلال خبرتي هذه، إن النساء يَمِلنَ إلى البحث عن العلاج النفسي أكثر من سواهن لأن الرجال ليسوا معتادين على الاعتراف بمشاعرهم.

بينما يعاني لبنان من أزمات متعددة الأبعاد، أدى انفجار بيروت إلى تفاقم القلق عند الناس، حيث يسعى الكثيرون والكثيرات إلى الحصول على دعم نفسي للتعبير عن مخاوفهم/ن. غالبًا ما تخبرني المريضات النساء أنهن، وبسبب عيشهن في مجتمع ذكوري، لا يمكنهن التحدث أو التصرف بحرية.

لا يقتصر العلاج فقط على أن يجري الاستماع إلى شخص ما ولكن أيضًا على التعلم. عندما نتعلم وتكون لدينا القدرة على الاعتراف بألمنا وما يسببه، يمكننا أن نشعر بالفخر بأنفسنا، وهنا يبدأ التعافي.

من خلال القيام بهذا العمل، ندعم النساء للدفاع عن حقوقهن، نعلمهن كيف يمكنهن التحدث دون أن يتأذين وكيف يطلبن المساعدة دون التعرض للخطر. بعد الانفجار، فقدت النساء إحساسهن بالأمان. تأكدت ريستارت من سماع صوت النساء اللواتي زِرنَ خيمة الطوارئ أو المركز ومن معالجة مشاكلهن بسرية تامة.

أشعر بالفخر لأنني أحدث تغييرًا في حياة الناس، وخاصة الأطفال. أخبرتني فتاة صغيرة كنت أساعدها أنها تريد أن تصبح معالجة نفسية، مثلي، وقد بدأت في تقديم علاج جماعي لإخوتها حتى. هذا هو السبب الذي يجعلني أواصل هذا العمل."

تم دعم خيمة الطوارئ والدعم النفسي والاجتماعي التي يوفرها مركز ريستارت في إطار مشروع هيئة الأمم المتحدة للمرأة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بعنوان "التعامل مع الماضي".  قدمت الخيمة الرعاية الصحية النفسية والاجتماعية والعقلية إلى 247 امرأة ورجلًا وطفلاً تضرروا من انفجار مرفأ بيروت ولمدة 18 شهراً. يتلقى هذا المشروع دعم سخي من صندوق الأمم المتحدة لبناء السلام.