من موقعي هذا: "أقوم بتطوير مهاراتي في الوساطة لتشجيع ابنتي وجيلها على المشاركة في جهود بناء السلام"

التاريخ:

أمل شهابي، في مخيم عين الحلوة للاجئين واللاجئات الفلسطينيين/ات. الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة

أمل شهابي، لاجئة فلسطينية في التاسعة والخمسين من عمرها، تعيش في مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان، وترأس القسم الاجتماعي لحركة فتح الفلسطينية في لبنان، كما ترأس وحدة الدعم القانوني لقوات الأمن الوطني الفلسطينية. أمل أم لأربعة أولاد، تحمل شهادة في الصحة العامة من مركز سبلين للتدريب التابع للأونروا ( وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى)، وأخرى في الصحة من الجامعة الأمريكية في بيروت، وهي عضوة في شبكة للوساطة المجتمعية تستضيفها هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالتعاون مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) وبدعم من مؤسسة ريبيكا دايكس.

في أثناء نشأتي في مخيم عين الحلوة، كان هناك دائمًا تمييز ضد النساء، سواء في التعليم أم العمل. لقد تربينا على الاعتقاد بأن الفتيات يجب أن يعملن في قطاع التعليم فقط، ولا ينبغي عليهن مزاولة أي مهنة في القطاعات الأخرى.

في التاسعة من عمري، التحقت بمخيم للأطفال نظمته حركة فتح وشمل أنشطة ما بعد المدرسة، وكان عدد الفتيات والفتيان فيه متساويًا، فأعجبني ذلك. تعلمت الموسيقى، وسرعان ما انضممت إلى كورس المخيم. تعلمنا في المخيم أيضًا أمورًا عن فلسطين، وعن نكبة عام 1948. تلقت الفتيات التشجيع للالتحاق بهذه المخيمات لعدم توفر أي أنشطة أخرى لهن خارج المنهج المدرسي. لقد كنا لاجئين ولاجئات نعيش تحت وطأة الفقر.

خلال الحرب الأهلية في لبنان التي اندلعت عام 1975، قام جنود من الجيش الإسرائيلي باعتقالي لمدة شهر في أثناء اجتياح لبنان لأني كنت ناشطة سياسيًا. احتجزت في البداية في سراي صيدا (المركز الإداري المحلي)، ثم نقلت إلى مخيم اعتقال في النبطية، وهي بلدة تقع جنوب صيدا. وأطلق سراحي بعد ثلاثة أشهر في عملية تبادل للأسرى.

بدأت في الدفاع عن حقوق المرأة عام 2007 عندما التحقت بمشروع يهدف إلى محاربة العنف ضد النساء؛ كمتدربة أولًا قبل أن أصبح منسقة للمشروع ومدرّبة في رفع الوعي حول العنف ضد النساء. أذكر أني شاهدت نساء في مواقع قيادية يبكين في أثناء الجلسات لأنهن عِشن بعض التجارب المماثلة لتلك التي روتها النساء حول تعرضهن للعنف.

وبينما رحتُ أشغل مزيدًا من الأدوار القيادية في مجتمعي، أدركتُ بأن تمثيل النساء في اللجان الشعبية الفلسطينية، وهي سلطة تعادل البلديات في مخيمات اللجوء الفلسطينية، لا يتجاوز سبع نساء، يعملن فقط كسكرتيرات أو عاملات التنظيف. عملنا بجهد لإشراك عدد أكبر من النساء في مواقع صنع القرار، وتمكنّا بداية من إشراك امرأتين في اللجان الشعبية لكل مخيم من مخيمات اللجوء الإثني عشر. وتشمل اللجان اليوم 47 امرأة في أدوار القيادة وصنع القرار.

اهتممت بالمشاركة في مجال الوساطة الذي تقوده هيئة الأمم المتحدة للمرأة لأنه كان لي، أصلًا، دور قيادي في المخيم كمناصرة لحقوق النساء وكرئيسة لوحدة الدعم القانوني في قوات الأمن.

وجدت في تدريبات الوساطة التي تقودها هيئة الأمم المتحدة للمرأة ما أحتاج إليه تمامًا. عرّفتنا المدربة، التي كانت من المركز المهنيّ للوساطة في جامعة القدّيس يوسف، على مهارات جديدة مثل الإصغاء الناشط والتواصل الفعال. وأكثر ما أعجبني هو إتاحة الفرصة لنا لطرح جميع المواضيع ومناقشتها في أثناء ورش العمل، وقد مكننا ذلك من تطبيق المهارات الجديدة التي نتعلمها في تجاربنا اليومية. وقد أرشدتنا المدربة إلى معظم مهارات الوساطة، كما تعلمنا أن نميّز بين التفاوض والوساطة.

بدأ التدريب في كانون الثاني/يناير 2020، لمدة أربع ساعات في اليوم. وبعد انتهاء دورة التدريب، جرى تشجيعنا على التوصل إلى تحديد بعض التدخلات حيث نطبق تدريبنا، وذلك بمساعدة جامعة القديس يوسف.

الوساطة ضرورية للغاية للنساء، لأننا نؤدي دورًا مهمًا في المجتمع، ونحن الأكثر تأثرًا بالصراعات. حين تندلع الخلافات داخل المخيم، تتحرك النساء فورًا للتخفيف من التوتر، على الرغم من أنهن لا يشاركن في الصراع، غير أن إخوتهن وأبناءهن وآباءهن على الأرجح عرضة للأذى. لذلك، نحتاج إلى مزيد من المهارات لتحسين قدرتنا على الاضطلاع بهذا الدور. في المستقبل، أخطط لاستخدام مهاراتي في الوساطة للمشاركة في التوجيه نحو تفاعل إيجابي أكثر بين قوى الأمن والمواطنين والمواطنات، وتخفيف حدة التوتر في المخيم.

أريد أيضًا العمل على إشراك النساء في قوات الأمن واللجان الشعبية، لدعم النساء في إبداء آرائهن، ولكي تُسْمَع هذه الآراء وتُحْتَرم. حتى الساعة، ليس لدينا نساء عاملات في قوى الأمن في مخيمات اللجوء، وأود تغيير هذا الواقع.

أنمّي مهاراتي في الوساطة والتفاوض لتشجيع ابنتي وجيلها على المشاركة في جهود بناء السلام. حين تشارك النساء في قضايا الأمن، وحين يكون دورهن فاعلًا، يمكننا القول بأننا نبني السلام والأمن في مجتمعاتنا."