عندما يتشارك الآباء الرعاية المنزلية

بما أن كوفيد-19 تؤثر في الآباء في جميع أنحاء العالم، فإن مشاركة عمل الرعاية أمر بالغ الأهمية. هذان الزوجة والزوج من فلسطين اللذان يعيشان في مخيم للاجئين في لبنان يظهران كيف يتم ذلك

التاريخ:

Mahmoud Charary and one-year-old Jouri enjoy playtime. Photo: Ramzi Haidar/Dar Al Mussawir for UN Women
صورة تجمع بين محمود شراري وهو يلعب مع ابنته التي تبلغ من العمر عامًا واحدًا. الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/ دار المصور

في مجتمع ينظر إلى مشاركة الرجال في العمل المنزلي والرعاية على أنها ضعف، يبرز محمود شراري كاستثناء الذي يأمل أن تتغير نظرة المجتمع عن قريب.

ملاك ومحمود شراري، زوجان في ريعان الشباب من فلسطين يعيشان في مخيم الرشيدية للاجئين في لبنان. وهما أم وأب لطفلة تبلغ من العمر سنة واحدة. يرى محمود أنه لا ينبغي أن يُنظر إلى المرأة على أنها أم ومسؤولة عن المنزل فحسب، فهي جزء لا يتجزأ من المجتمع ولها مطالب واحتياجات وتحب وتكره.

 وأضاف: "أنا وزوجتي نتشارك المسؤولية في كل شيء في المنزل، وأنا فخور بذلك. أطبخ، أنظف، أغسل الملابس، أعتني بابنتي الصغيرة وزوجتي، مما يمنح ملاك الوقت لنفسها وعملها. لا أتوقع أن تتم مكافأتي مقابل ذلك، بل أعتقد أنها مسؤوليتي".

ملاك ومحمود يتشاركان في رعاية ابنتهما، جوري، ابنتهما التي تبث السعادة في قلوب الجميع. وتشاركهما في ذلك عمتهما، ذات الـ 90 عامًا، والتي تعيش معهما في المنزل، وتساعد في مهام الرعاية أيضًا والدة محمود قدر ما استطاعت.

ملاك شراري تقدر شراكة زوجها في رعاية ابنتهما. فقدت ملاك والدها في سن العاشرة وترعرعت في كنف عمها. وقد عقدت العزم على إكمال تعليمها، فكانت تسافر بصفة يومية إلى الجامعة لمدة ثلاث ساعات لتتحصل أخيرًا على شهادة في الصيدلة. لا يُسمح للاجئات واللاجئين من فلسطين بالعمل كصيادلة في لبنان، لكن ملاك وجدت عملًا كصيدلانية محلية داخل عيادات الأمم المتحدة في مخيمات الأشخاص في وضع اللجوء. مع وصول جائحة كـوفيد-19 إلى لبنان، عملت لساعات طويلة على الخط الأمامي للأزمة خلال فترة الإغلاق، تاركة محمود لرعاية ابنتهما.

بعد أن عاشا في مخيم الرشيدية طوال حياتهما، ثاني أكبر مخيم للاجئات واللاجئين من فلسطين في لبنان، عانى الزوجان كثيرًا من انعدام الأمن، بما في ذلك انتشار الأسلحة والمخدرات والأعراف الاجتماعية التقييدية التي تميز ضد النساء والفتيات.

تقول ملاك إن تعاون محمود في رعاية الأطفال والأعمال المنزلية سمح لها بالعودة إلى العمل عندما كانت ابنتهما تبلغ من العمر شهرًا واحدًا فقط. وأضافت قائلة: "وظيفتي مهمة للغاية بالنسبة لي، ليس فقط للأمن المالي الذي توفره لنا كعائلة، ولكن أيضا لأنني أقدر استقلاليتي".

Mahmoud cleans the kitchen floor while his spouse Malak is at work Photo: Ramzi Haidar/Dar Al Mussawir for UN Women
اللاجئ الفلسطيني، محمود شراري يساعد في الأعمال المنزلية في منزله في مخيم الرشيدية في لبنان أثناء عمل زوجته. هيئة الأمم المتحدة للمرأة/ دار المصور

ينسب محمود بعض ما تعلمه من قيم إلى مشاركته كمتطوع في منظمة الجليل للتنمية، وهي منظمة مجتمعية مدعومة من البرنامج الإقليمي "الرجال والنساء من أجل المساواة بين الجنسين" التابع لهيئة الأمم المتحدة للمرأة. يعمل البرنامج، الذي تموله حكومة السويد، مع المجتمعات المحلية والحكومات لتعزيز الرجولة الإيجابية والمساواة بين الجنسين في ست دول عربية.

أصبح محمود مؤمنًا قويًا بأهمية تغيير المواقف تجاه المعايير بشأن أدوار الجنسين في مجتمعه، واستمر في العودة لمزيد من التدريب. واليوم، يقود الشاب، البالغ من العمر 27 عامًا، أنشطة الشباب في المخيم، بما في ذلك تدريب كرة القدم وكرة السلة للفتيات والفتيان كنقاط دخول لدمج المواقف المنصفة بين الجنسين.

لم يتقبل المجتمع في البداية آراءه التي تنشد المساواة في رعاية الأطفال والعمل المنزلي. انتقد قادة المجتمع في مخيم الرشيدية العديد من المنظمات لتحديها أدوار الجنسين التقليدية، لكن منظمة الجليل حسّنت في نهاية المطاف العلاقة مع قيادات المجتمع، وساهمت، ببطء، في بناء الإجماع على أن المساواة بين الجنسين في المنزل تصنع منازل أفضل ومجتمعات أكثر صحة.

وقال حسين شراري، المدير التنفيذي لمنظمة الجليل "لقد أصبح تأثير محمود الإيجابي على أقرانه، والمتدربات والمتدربين الصغار وعائلته واضحا منذ انضمامه إلى برامجنا، مشيرا إلى أن شخصيته وآراءه بشأن المساواة بين الجنسين قد تغيرت أيضًا. وأضاف أن محمود ألهم، وعلى مر السنين، العديد من الرجال والنساء الآخرين لممارسة المساواة داخل منازلهم، بما في ذلك والده وأخته.

وقالت راشيل دور-وييكس، مديرة مكتب الأمم المتحدة للمرأة في لبنان إن 12 في المئة فقط من الرجال في لبنان يؤدون مهام الرعاية والإشراف الروتيني على الأطفال. و"هذا يعني أن معظم أعمال رعاية الأطفال تقوم بها النساء. الآباء الذين يشاركون في الرعاية المنزلية يمكّنون زوجاتهم من الالتحاق بسوق العمل والحفاظ على وظائفهن. إن عمل كلا الوالدين مهم بشكل خاص في ظل التراجع الاقتصادي الحالي الناجم عن كوفيد-19. نحن ندير حملة توعية وتغيير سلوك بعنوان "لأني رجل" لتعزيز الرجولة الإيجابية ومشاركة الرجال لتحقيق ذلك".

Mahmoud became a strong believer in the importance of changing attitudes towards gender norms in his own community. Photo: Ramzi Haidar/Dar Al Mussawir for UN Women
أصبح محمود مؤمنًا قويًا بأهمية تغيير المواقف تجاه المعايير القائمة على النوع الاجتماعي في مجتمعه. الصورة: رمزي هايدار / دار المصور لهيئة الأمم المتحدة للمرأة

يقول محمود شراري: "مشاركة الرجال في الأعمال المنزلية لا يقلل من رجوليتهم، بل على العكس، يخلق شعورًا رائعًا بالإنجاز، إن دور المرأة يتجاوز المنزل، فإنه يمكن للمرأة أن تكون مبدعة وناجحة في كل عمل تؤديه".

من الأعمال المنزلية إلى رعاية الأحباء، يقضي الناس حول العالم 16 مليار ساعة في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر كل يوم. إن هذا العمل هو العمود الفقري للأسر والمجتمعات والاقتصادات المزدهرة، وغالبًا ما يقع هذا العمل إلى حد كبير على عاتق النساء والفتيات ويزيد في أوقات الأزمات. نظرًا لأن بعض البلدان لا تزال تقاتل تفشي جائحة كوفيد-19، بينما تطرح دول أخرى خططًا للاستجابة، فإن تقييم أعمال الرعاية غير المدفوعة وإعادة توزيعها يجب أن يكون جزءًا من إعادة البناء للحصول على نتائج أفضل.