سمر الطراونة: قيادة ورؤى في مجال تمكين المرأة العربية سياسيًا
التاريخ:

في ظل الجهود الإقليمية والدولية لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية، تلعب الشبكة العربية للمرأة في الانتخابات دورًا محوريًا في دعم الإدارات الانتخابية وتمكين المرأة من خوض العملية الانتخابية بأمان وعدالة. ومن خلال التعاون مع المنظمات الدولية، مثل هيئة الأمم المتحدة للمرأة، تسعى الشبكة إلى تبني سياسات وممارسات مبتكرة لمواجهة العنف الانتخابي ضد المرأة وتعزيز تكافؤ الفرص في الانتخابات.
في حوار أجريناه مع سمر الطراوانة، رئيسة الشبكة العربية للمرأة في الانتخابات، نسلط الضوء على التحديات التي تواجه تمكين المرأة سياسيًا في المنطقة العربية، ونناقش الآليات الفعالة التي يمكن اعتمادها لتعزيز دورها، بالإضافة إلى استعراض سبل التعاون بين الجهات الفاعلة لضمان مشاركة نسائية مستدامة في العملية الديمقراطية.
هيئة الأمم المتحدة للمرأة: هل يمكن أن تخبرينا قليلاً عن نفسك ومسيرتك المهنية؟ وما المحطات التي أثرت بشكل خاص في شغفك بتعزيز دور المرأة سياسيًا؟
اسمي سمر محمد الطراونة، حصلت على درجة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية والترجمة عام 2002، وأكملت دراستي العليا (دبلوم عالٍ) في موضوع السياسات الانتخابية من الجامعة الأردنية عام 2023. أنا أم لستة أطفال، وأؤمن بأن التحديات التي تواجهها المرأة هي دافع أساسي لتعزيز دورها في السياسة، إذ إن مشاركتها الفاعلة تؤثر بشكل مباشر على نوعية التشريعات والحلول التي يتم تبنيها، بما يسهم في تمهيد طريق أفضل لبناتي الأربع ولكل النساء.
بدأت مسيرتي المهنية في المركز الوطني لحقوق الإنسان، حيث تعمقت في فهم العقبات التي تعترض طريق النساء. لاحقًا، انضممت إلى الهيئة المستقلة للانتخاب منذ تأسيسها عام 2013، وتوليت مناصب قيادية، كان أبرزها إدارة وحدة تمكين المرأة منذ عام 2022. لم تكن هذه المحطات مجرد مراحل وظيفية، بل كانت فرصًا حقيقية لتحويل إيماني العميق بضرورة تمكين المرأة سياسيًا إلى خطط ومشاريع عملية تُحدث تأثيرًا حقيقيًا يتجاوز الشعارات.
الخبرة وتأثير التدريب الإقليمي
هيئة الأمم المتحدة للمرأة: هل يمكن أن تشاركينا بعض ملامح تجربتك العملية في مجال المشاركة السياسية للمرأة؟ وكيف قادتك هذه الرحلة لتولي منصب مديرة الشبكة العربية للمرأة في الانتخابات؟
سمر الطراونة: لا بد أن أشير إلى أن عملي في المركز الوطني لحقوق الإنسان في الأردن خلال الفترة من 2004 إلى 2012 أتاح لي فرصة المشاركة في إعداد التقارير الوطنية والإقليمية والدولية حول حقوق الإنسان. وقد منحني ذلك أساسًا متينًا لفهم واقع حقوق الإنسان، لا سيما التحديات التي تواجه تمكين المرأة في مجتمعاتنا.
كان انتقالي إلى الهيئة المستقلة للانتخاب في الأردن منذ تأسيسها عام 2013 نقطة تحول في مسيرتي المهنية، حيث كنت شاهدةً ومشاركةً في جميع العمليات الانتخابية. وخلال تلك الفترة، شغلت عدة مناصب قيادية، من بينها رئاسة قسم التدريب وبناء القدرات، ورئاسة قسم إدارة المعلومات والتوثيق.
في عام 2022، يمكن القول إن تجربتي العملية في تمكين المرأة سياسيًا تجسدت بشكل حقيقي، حيث توليت منصب مديرة وحدة تمكين المرأة في الهيئة المستقلة للانتخاب، وهي وحدة استُحدثت بهدف قياس ودعم المشاركة الفعالة للنساء في الانتخابات والسياسة ضمن أطر مؤسسية.
خلال عملي، أطلقنا العديد من المبادرات النوعية، من بينها "الإطار المرجعي لتمكين المرأة في الانتخابات" (الخطة الاستراتيجية لتمكين المرأة) و"الآلية الوطنية لرصد العنف الانتخابي ضد المرأة". كما عملنا على بناء شراكات استراتيجية مع المؤسسات الوطنية المعنية بقضايا المرأة لتوحيد الجهود ومنع هدر الموارد، ومن أبرز هذه الشراكات خطة العمل المشتركة مع اللجنة الوطنية لشؤون المرأة، بالإضافة إلى الاتفاقية مع المكتب القُطري لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الأردن.
ومن خلال هذه الاتفاقية، تم التركيز على تعزيز التدابير الإيجابية لمشاركة المرأة في الانتخابات والعملية الانتخابية، بما يتماشى مع شعار الوحدة: "تمكين وفرص متكافئة".
على المستوى الإقليمي، ساهمتُ في وضع النظام الأساسي للمنظمة العربية للإدارات الانتخابية عام 2015، إلى جانب مشاركتي في العديد من الفعاليات والأنشطة الإقليمية والدولية. وقد مهدت هذه التجربة، بكل ما حملته من خبرات ميدانية واستراتيجية، الطريق أمامي لتولي قيادة الشبكة العربية للمرأة في الانتخابات عام 2023، والتي تُعد الذراع التنفيذي للمنظمة العربية للإدارات الانتخابية، خلفًا لزميلتي سهير عابدين من فلسطين.
ومن خلال هذه الشبكة، نعمل اليوم على تعزيز دور الإدارات الانتخابية في تمكين المرأة، وتطوير رؤية شاملة تحقق فرصًا متكافئة، وتدعم مشاركة المرأة في الحياة السياسية وعمليات صنع القرار.

هيئة الأمم المتحدة للمرأة: كيف أثرت مشاركتك في التدريب الإقليمي حول إنهاء العنف ضد المرأة في الانتخابات، الذي نظمته هيئة الأمم المتحدة للمرأة، على رؤيتك بشأن منع العنف ضد النساء في المجال العام عمومًا، والانتخابات على وجه الخصوص؟
سمر الطراونة: كان لمشاركتي في التدريب الإقليمي حول إنهاء العنف ضد المرأة في الانتخابات، الذي نظمته الشبكة العربية للمرأة في الانتخابات بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، بصفتي ممثلةً عن الهيئة المستقلة للانتخاب في الأردن عام 2023، أثرٌ بالغ الأهمية في تعميق فهمي لدور الإدارات الانتخابية في التصدي للعنف ضد النساء في المجال العام عمومًا، والانتخابات على وجه الخصوص.
أحد أبرز الدروس التي استخلصتها من هذا التدريب هو أن العنف الانتخابي ضد المرأة ليس مجرد قضية فردية أو طارئة، بل هو جزء من العنف السياسي الممنهج الذي يهدف إلى إقصاء النساء عن المشاركة السياسية الفاعلة. وقد ساعدني التدريب في إدراك أن الإدارات الانتخابية تمتلك دورًا محوريًا في مواجهة هذا التحدي، من خلال تطبيق إجراءات وقائية في جميع مراحل العملية الانتخابية، ووضع آليات واضحة لرصد حالات العنف، واستقبال الشكاوى، والتنسيق مع الجهات المعنية لضمان استجابة فعالة.
كما زوّدني التدريب بالأدوات والمنهجيات التي ساعدتني على نقل هذه الممارسات إلى الهيئة المستقلة للانتخاب، بهدف تعزيز جهودها في مكافحة العنف الانتخابي ضد النساء، وضمان مشاركة سياسية آمنة وعادلة للجميع.
وكخطوة رائدة تعكس التزام الأردن بتوفير بيئة انتخابية آمنة وشاملة، تبنّت الهيئة المستقلة للانتخاب نهجًا شاملاً لمكافحة العنف الانتخابي ضد المرأة. وبفضل الدعم المقدم من مكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة في الأردن، وبتوجيه ودعم مباشر من رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب، استطاعت الهيئة تحويل المعرفة المكتسبة من التدريب إلى مبادرات وبرامج عملية تعزز بيئة انتخابية أكثر أمانًا وشمولًا.
وبفضل الدعم القوي من قيادة الهيئة والتعاون الوثيق مع المؤسسات الوطنية، أصبحت هذه المبادرة نموذجًا يُحتذى به في حماية حقوق المرأة خلال العملية الانتخابية. وقد أسهمت الجهود المبذولة في تعزيز الثقة بالنظام الانتخابي ورفع وعي المجتمع بمخاطر العنف الانتخابي، مما ساهم في تمكين المرأة وتشجيعها على الانخراط الفاعل في الحياة السياسية، سواء كناخبة أو مرشحة أو ضمن الكوادر العاملة في المجال الانتخابي.
أبرز ملامح التطبيق العملي
🔹 أولًا: توحيد المرجعيات وتطوير تعريف وطني
أطلقت الهيئة مبادرة وطنية لتوحيد تعريف العنف الانتخابي ضد المرأة، وذلك من خلال منهجية تشاركية شملت خبراء محليين ودوليين. وقد نتج عن هذه الجهود صياغة تعريف واضح ومحدد يتماشى مع القوانين الوطنية والالتزامات الدولية، مما يسهم في تعزيز فهم الظاهرة والتمييز بينها وبين أشكال العنف الأخرى.
🔹 ثانيًا: إنشاء آليات فعّالة للرصد والمتابعة
أنشأت الهيئة نظامًا متكاملًا لاستقبال الشكاوى المتعلقة بالعنف الانتخابي، يتيح تقديم البلاغات عبر قنوات متعددة، مثل الشكاوى الإلكترونية، الخطوط الساخنة، والتنسيق مع منظمات المجتمع المدني. كما تم تخصيص باحثين قانونيين ضمن لجان الانتخاب لضمان دقة المتابعة وسرعة البت في الشكاوى.
بالإضافة إلى ذلك، أطلقت الهيئة منصات إلكترونية متطورة، مثل منصة (E-Monitor+) لمراقبة الحملات الانتخابية، والتي تتضمن أقسامًا مخصصة للإبلاغ عن العنف الانتخابي ضد النساء. وقد ساهمت هذه الأدوات الرقمية في تعزيز استخدام التكنولوجيا الحديثة لتعقب الانتهاكات والاستجابة السريعة للحد من آثارها.
🔹 ثالثًا: تعزيز الوعي والتدريب
حرصت الهيئة على رفع كفاءة كوادرها في التعامل مع حالات العنف الانتخابي من خلال تنظيم ورش عمل متخصصة لموظفي الهيئة ولجان الانتخاب، بالإضافة إلى تدريب المدعين العامين، والمسؤولين عن الحملات الانتخابية، وضباط الأمن العام. كما تم إدماج تعريف العنف الانتخابي في جميع الأنشطة التوعوية التي تنفذها الهيئة، لضمان وصول الرسائل التوعوية إلى جميع فئات المجتمع.
ومن خلال الدعم القوي من قيادة الهيئة والتعاون مع المؤسسات الوطنية، أصبحت هذه المبادرات نموذجًا لحماية حقوق المرأة خلال العملية الانتخابية. وتم رفع الوعي العام حول مخاطر العنف الانتخابي، وعززت الهيئة المستقلة للانتخاب الثقة في النظام الانتخابي وشجعت النساء على المشاركة الفعالة في الحياة السياسية، سواء كن ناخبات أو مرشحات أو عاملات في العملية الانتخابي
هيئة الأمم المتحدة للمرأة: هل يمكن توسيع نطاق التدريب وتكييفه ليُنفذ في الدول العربية؟ وما أبرز التحديات والنجاحات المحتملة المرتبطة بهذا التنفيذ؟
سمر الطراونة: نعم، يمكن تكييف التدريب وتنفيذه في الدول العربية، شريطة أن يُراعي التنوع الثقافي والاجتماعي والسياسي لكل دولة. لتحقيق ذلك، لا بد من بناء شراكات قوية مع الجهات الوطنية ذات الصلة، والاستفادة من الخبرات المحلية لضمان مواءمة البرامج مع القوانين الوطنية والخصوصيات الثقافية لكل بلد.
كما يُعد التركيز على بناء قدرات محلية مستدامة من خلال إعداد مدربين محليين ونشر المعرفة خطوة أساسية لتعزيز استمرارية التدريب وتأثيره على المدى الطويل. بالإضافة إلى ذلك، يمكن توظيف التكنولوجيا كأداة فعالة لتوسيع نطاق التدريب وتعزيز وصوله إلى مختلف الفئات المستهدفة، لا سيما في المناطق النائية.
أما من حيث التحديات، فقد يشكل تفاوت الإطار القانوني والتشريعي بين الدول عائقًا أمام التطبيق الموحد لبعض الممارسات. كما أن العوامل الثقافية والاجتماعية قد تتطلب استراتيجيات توعية مخصصة لضمان قبول المجتمعات لهذه التدريبات. ومع ذلك، فإن النجاحات المحتملة تكمن في القدرة على تطوير نماذج تدريبية مرنة وقابلة للتكيف، تعزز من مشاركة المرأة في الحياة السياسية، وتساعد في ترسيخ سياسات فعالة لمكافحة العنف الانتخابي ضد النساء.
من أبرز التحديات التي قد تعيق هذا المسعى غياب الأطر التشريعية الواضحة التي تُعرِّف العنف الانتخابي ضد المرأة وتعالجه بفعالية، إلى جانب الموروثات الثقافية والمجتمعية التي تحدّ من مشاركتها السياسية. كما يشكّل نقص الموارد المالية والتقنية عائقًا أمام تنفيذ برامج مستدامة ومؤثرة.
بالإضافة إلى ذلك، تُلقي الصراعات السياسية والاضطرابات الأمنية بظلالها على إمكانية تنفيذ مثل هذه المبادرات في بعض الدول، مما يزيد من صعوبة توفير بيئة انتخابية آمنة. كما أن فقدان الثقة بمبادئ حقوق الإنسان، نتيجة الانتهاكات المتزايدة، قد يحدّ من دعم المجتمعات لهذه الجهود ويقلل من فاعلية التدابير المتخذة لمكافحة العنف الانتخابي ضد المرأة.
ورغم هذه التحديات، يمكن تحقيق نجاحات ملموسة، أبرزها رفع مستوى الوعي المجتمعي حول مخاطر العنف الانتخابي ضد المرأة، وتعزيز التعاون الإقليمي لتبادل الخبرات وتطوير السياسات، إضافةً إلى تمكين المؤسسات الانتخابية من وضع آليات فعّالة تضمن بيئة انتخابية أكثر أمانًا وشمولًا. تسهم هذه الجهود في تعزيز الثقة بحقوق الإنسان وإبراز دور المرأة كفاعل رئيسي في الحياة السياسية وصنع القرار.
هيئة الأمم المتحدة للمرأة: كيف تسهم هذه الجهود التدريبية في تعزيز مشاركة المرأة السياسية على المستوى الوطني؟
سمر الطراونة: تُسهم التدريبات الموجَّهة لمواجهة العنف الانتخابي ضد المرأة في تعزيز مشاركتها السياسية من خلال تهيئة بيئة انتخابية آمنة وشاملة، حيث تزوّد هذه التدريبات المشاركين بالمهارات اللازمة لرصد وتوثيق حالات العنف الانتخابي والتعامل معها بفعالية، مما يعزز حماية النساء كمرشحات وناخبات ويحدّ من العوائق التي قد تمنعهن من الانخراط في العملية الانتخابية.
كما تدعم هذه الجهود بناء قدرات الهيئات الانتخابية ومنظمات المجتمع المدني على تطبيق تدابير وقائية وتصحيحية، مما يُسهم في الحد من الممارسات التمييزية وتعزيز تكافؤ الفرص للنساء في العملية الانتخابية.
إلى جانب ذلك، تعزز هذه التدريبات التعاون الإقليمي وتبادل الخبرات، مما يُتيح تبنّي أفضل الممارسات المستفادة من التجارب الدولية الناجحة وتكييفها بما يتناسب مع السياقات المحلية. كما تسهم في رفع وعي المجتمعات بأهمية حماية المرأة من العنف الانتخابي وتأثير ذلك على نزاهة العملية الديمقراطية.
ومن خلال تطبيق مخرجات هذه التدريبات، تصبح الدول أكثر قدرة على دعم مشاركة المرأة السياسية وضمان تكافؤ الفرص، مما يُرسّخ ثقافة الديمقراطية ويعزز الثقة في النظام الانتخابي. كما تتيح هذه التدريبات تقديم نموذج عملي لمعالجة العنف الانتخابي بأسلوب منهجي، مما يُسهم في تعزيز ثقة النساء بالعملية السياسية، وتوسيع نطاق مشاركتهن، وإبراز التزام الدول بتحقيق المساواة وحقوق الإنسان ضمن سياق انتخابي مستدام.
هيئة الأمم المتحدة للمرأة: ميثاق الإدارات الانتخابية لتكافؤ الفرص بين الجنسين وتمكين المرأة (EMBs)، الذي صيغ على المستوى الإقليمي ويجري الترويج له على المستوى الوطني، يمثل خطوة مهمة. هل يمكنك مشاركتنا رؤيتك حول آليات تنفيذ هذا الميثاق في الدول العربية، ومدى تأثيره في تعزيز المساواة بين الجنسين ضمن العمليات الانتخابية؟
سمر الطراونة: يسترشد ميثاق الإدارات الانتخابية الخاص بتكافؤ الفرص وتمكين المرأة بدراسة عالمية حول هيئات إدارة الانتخابات، أعدها كل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، تحت عنوان "العمليات الانتخابية الشاملة". يوثق هذا الدليل أفضل الممارسات والإجراءات التي اعتمدتها الإدارات الانتخابية حول العالم لتعزيز مشاركة المرأة في الانتخابات.
وباعتبار الشبكة العربية للمرأة في الانتخابات الذراع التنفيذي للمنظمة العربية للإدارات الانتخابية والمسؤولة عن تعزيز مشاركة المرأة سياسيًا وداخل الإدارات الانتخابية، والتي تضم في تكوينها الفريد منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدولية والإقليمية الشريكة، فإنها ستواصل جهودها خلال الفترة المقبلة عبر:
- استكمال التدريبات المتعلقة بالتخطيط الاستراتيجي وبناء القدرات، مع التركيز على إدماج تمكين المرأة في جميع مراحل الدورة الانتخابية.
- تطوير سياسات مؤسسية شاملة لضمان تحقيق نتائج ملموسة ومستدامة في تعزيز مشاركة المرأة السياسية.
- تعزيز اعتماد الميثاق كوثيقة مرجعية تدعم التخطيط والتنفيذ المستدامين لتعزيز المساواة بين الجنسين في العمليات الانتخابية.
من خلال هذه الجهود، سيسهم الميثاق في زيادة تمثيل المرأة في الانتخابات وتعزيز فرصها في تقلد المناصب القيادية داخل الإدارات الانتخابية.
الرؤية المستقبلية للشبكة العربية للمرأة في الانتخابات

هيئة الأمم المتحدة للمرأة: الآن بعد توليك قيادة الشبكة العربية للمرأة في الانتخابات، ما رؤيتك لوضع آليات فعالة لمنع العنف ضد المرأة في الانتخابات في الدول العربية؟ وما هي الاستراتيجيات أو البرامج التي تعتزمين إعطاءها الأولوية لتكرار وتوسيع نجاح مبادرة الأردن في هذا المجال على المستوى الإقليمي؟
سمر الطراونة: تتمثل رؤيتنا في تعزيز الجهود الإقليمية لمكافحة العنف الانتخابي ضد المرأة من خلال توحيد المرجعيات الإقليمية ووضع إطار عمل موحد لتعريفه، ليكون مرجعًا معتمدًا للدول الأعضاء في الشبكة العربية للمرأة في الانتخابات. ولتحقيق هذا الهدف، نركز على:
- تنفيذ برامج إقليمية لبناء قدرات المدربين المحليين، لضمان استدامة المعرفة ونقل الخبرات.
- تطوير منصة رقمية إقليمية توفر موارد تدريبية وأدوات فعالة لرصد الانتهاكات، بالتعاون مع الجهات الوطنية والإقليمية.
- إطلاق حملات توعوية إقليمية لتعزيز مشاركة المرأة في الانتخابات، مثل حملة "مشاركتها، مستقبلنا" التي نُفذت في أربع دول عربية هي الأردن وتونس وفلسطين وليبيا، بهدف تشجيع النساء على المشاركة السياسية وحمايتهن من العنف الانتخابي.
وفي هذا الإطار، يلعب التعاون مع المنظمات الدولية دورًا محوريًا في تقديم الدعم الفني والمادي الضروري لتحقيق الأهداف المرجوة. فمن خلال الشراكات الاستراتيجية مع هذه المنظمات، يمكننا:
- الاستفادة من الخبرات العالمية وتكييف أفضل الممارسات الدولية مع السياقات الإقليمية.
- تعزيز التمويل اللازم لتنفيذ البرامج التدريبية والحملات التوعوية الإقليمية.
- ضمان استدامة الجهود الإقليمية، مما يساهم في بناء بيئة انتخابية أكثر أمانًا وشمولًا للمرأة.
من خلال هذه الاستراتيجيات، نطمح إلى ترسيخ ثقافة انتخابية قائمة على المساواة، وتعزيز الفرص المتكافئة للمرأة في العمليات الانتخابية والسياسية.
هيئة الأمم المتحدة للمرأة: كيف يمكن للهيئات الإقليمية، مثل الشبكة العربية للمرأة في الانتخابات، أن تتعاون بشكلٍ فعال مع هيئات إدارة الانتخابات وأصحاب المصلحة الآخرين لضمان إحداث تغييرٍ مستدامٍ في المشاركة السياسية للمرأة؟
سمر الطراونة: تلعب الشبكة العربية للمرأة في الانتخابات، باعتبارها المنصة الإقليمية الوحيدة التي تجمع بين الإدارات الانتخابية ومنظمات المجتمع المدني والخبرات الفردية، دورًا محوريًا في تعزيز مشاركة المرأة السياسية بجميع أدوارها. ويُعدُّ هذا التشبيك ضرورةً لتعزيز التعاون الإقليمي والوطني بين الإدارات الانتخابية والمنظمات المعنية، مما يتيح توحيد الجهود وتبادل الخبرات بين الدول الأعضاء والشركاء الدوليين.
وتعمل الشبكة على تطوير استراتيجياتٍ مشتركةٍ وبرامجَ عمليةٍ تُعزِّز التكامل بين الجهات المعنية لضمان تحقيق تغييرٍ مستدام. كما تُشجِّع على إنشاء آلياتِ تنسيقٍ مستمرةٍ تدعم تنفيذ البرامجِ التدريبية، وحملاتِ التوعية، ورصدِ قضايا العنف ضد المرأة في الانتخابات، مما يعكس الالتزامَ الجماعيَّ بتعزيز المساواة وتمكين المرأة في المشهدِ الانتخابيِّ العربي.
التحديات والفرص
هيئة الأمم المتحدة للمرأة: ما أبرز التحديات التي قد تواجه توسيع آليات منع العنف ضد المرأة في الانتخابات على المستوى الإقليمي؟ وكيف يمكن التعامل معها بفعالية؟
سمر الطراونة: لا تزال التحيّزات الراسخة ضد المرأة في الحياة العامة والسياسية تشكّل أحد أبرز العوائق أمام توسيع آليات منع العنف ضد المرأة في الانتخابات على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. ويؤثر هذا التحيّز سلبًا على مشاركة المرأة الفاعلة، لا سيما في المنطقة العربية، حيث لا تزال مشاركتها السياسية محدودة، رغم التقدم الذي أحرزته بعض الدول.
كما أن الظروف السياسية والأمنية الراهنة، بما في ذلك الأزمات والنزاعات، تُضيف مزيدًا من التحديات، أبرزها انشغال الدول بأولويات أخرى، مما أدى إلى تهميش قضايا المرأة وربطها في بعض الأحيان بأجندات خارجية.
بصفتي رئيسة لـ "الشبكة العربية للمراة في الانتخابات"، أؤكد أهمية دعم مشاركة المرأة السياسية على جميع المستويات، سواء كانت ناخبة أو مرشحة أو شريكة في العملية الانتخابية. وقد أطلقنا مبادرات مثل "مشاركتها، مستقبلنا" لتعزيز دور المرأة، من خلال بناء قدرات الإدارات الانتخابية وتنفيذ حملات وطنية وإقليمية لمواجهة العنف الانتخابي.
نؤمن بضرورة تعزيز الشراكات والتعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية لتوفير الدعم الفني والمالي، وتطوير أدوات مبتكرة تُسهّل المشاركة السياسية للمرأة. إن تكاتف الجهود لضمان تكافؤ الفرص وتعزيز مشاركة المرأة يسهم في تحقيق عمليات انتخابية أكثر شمولية وعدالة، ويدعم المرأة في الوصول إلى مواقع صنع القرار.
هيئة الأمم المتحدة للمرأة: برأيك، ما الدور الذي يمكن أن تلعبه المنظمات الدولية، مثل هيئة الأمم المتحدة للمرأة، في دعم مهمة الشبكة العربية للمرأة في الانتخابات؟
سمر الطراونة: تلعب المنظمات الدولية، مثل هيئة الأمم المتحدة للمرأة، دورًا حيويًا في دعم مهمة الشبكة العربية للمرأة في الانتخابات من خلال تقديم الدعم الفني والموارد اللازمة لتطوير قدرات الإدارات الانتخابية، باعتبارها الجهات ذات الاختصاص الأصيل في إدارة العملية الانتخابية. وتتمثل هذه الجهود في توجيه الإدارات الانتخابية نحو اعتماد السياسات والإجراءات التي تضمن تعزيز مشاركة النساء في العملية الانتخابية، بما يتناسب مع احتياجات الدول العربية وخصوصياتها.
ويتمثل أحد الأدوار الأساسية لهذه المنظمات في ضمان استدامة التدريبات واللقاءات المتخصصة وتبادل الخبرات وتقديم أفضل الممارسات التي تضمن تمثيلًا حقيقيًا وفاعلًا للمرأة على المستوى الإقليمي، إلى جانب تعزيز الدور التشاركي للإدارات الانتخابية مع الأحزاب السياسية، الإعلام، ومنظمات المجتمع المدني، بهدف بناء بيئة انتخابية شاملة تضمن تكافؤ الفرص بين الجنسين. إذ يُعد العمل الجماعي المدعوم بتجارب واقعية وحلول عملية الأكثر فاعلية في تحقيق التغيير المرجو، بينما يظل العمل الفردي في هذه القضايا غير كافٍ لتحقيق نتائج مستدامة.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على المنظمات الدولية أن تساهم في تعزيز دور الشبكة العربية للمرأة في الانتخابات، كونها المظلة الوحيدة التي تجمع الإدارات الانتخابية مع منظمات المجتمع المدني والخبرات الفردية. وقد حققت الشبكة العديد من الإنجازات العملية على أرض الواقع، مثل دعم قدرات الإدارات الانتخابية لتعزيز دور المرأة في العملية الانتخابية خلال جميع مراحل الدورة الانتخابية، وتنفيذ حملات إقليمية ووطنية لمكافحة العنف الانتخابي، مما يساهم في ضمان بيئة آمنة ومُهيأة لمشاركة المرأة في الانتخابات.
انطباعات شخصية وعملية
هيئة الأمم المتحدة للمرأة: كيف أثرت هذه الرحلة، بدءًا من المشاركة في التدريب وصولًا إلى قيادة الشبكة العربية للمرأة في الانتخابات، على حياتك الشخصية والمهنية؟
سمر الطراونة: كانت هذه الرحلة مصدر إلهام كبير لي على الصعيدين الشخصي والمهني. حيث اكتسبت فهمًا أعمق لأهمية مشاركة المرأة في السياسة وكيفية تعزيز هذا الدور على أرض الواقع. كما أنني أشعر بفخر كبير لمساهمتي في بناء مجتمع أكثر عدالة وإنصافًا.
لكن الأهم من ذلك أنني مقتنعة بأن المشاركة الفعّالة للنساء في الحياة السياسية يجب أن تترافق مع مشاركة نوعية تتجاوز مجرد الأعداد، وذلك من خلال بناء نماذج قيادية نسائية قادرة على التأثير وتحقيق التغيير الفعلي. لقد أكسبتني القيادة في الشبكة العربية للمرأة في الانتخابات رؤية أوسع للتحديات الإقليمية، بالإضافة إلى فرصة التواصل مع العديد من القيادات النسائية والمنظمات الدولية، مما أثرى تجربتي الشخصية والمهنية، وأتاح لي التعلم من تجارب الآخرين، خاصة في مجال تمكين المرأة، تعزيز المساواة في السياسات الانتخابية، وتطوير مهاراتي القيادية.
هيئة الأمم المتحدة للمرأة: ما الرسالة التي تودين توجيهها إلى النساء في المنطقة العربية الراغبات في المشاركة في العمليات السياسية؟
رسالتي للنساء في المنطقة العربية هي أن عليهن أن يشعرن بالقوة والقدرة على التأثير في مجتمعاتهن من خلال المشاركة السياسية. فلا يوجد ما هو أهم من تمكين المرأة في مجالات القيادة وصنع القرار، إذ إن كل خطوة نحو تحقيق المساواة تُعد خطوة نحو بناء مستقبل أفضل لنا جميعًا. لا تَدَعْنَ أي عائق أو تمييز يقف في طريقكن، فالقوة الحقيقية تكمن في التكاتف والعمل الجماعي من أجل إحداث التغيير. لا بد أن تؤمن كل امرأة بقدرتها على التغيير، وأن تواصل السعي وراء أهدافها مهما كانت التحديات.