أصوات من غزة: قصة أماني عن الفقدان | هيئة الأمم المتحدة للمرأة – المقر الرئيسي
التاريخ:
أماني معالجة نفسية في وزارة الصحة في غزة. مهمتها هي تقديم الدعم النفسي للمرضى الذين يتعرضون للصدمات في فترات النزاع الممتدة لسنوات. لكن أماني تتحمل عبئًا ثقيلًا آخر، هو حماية أسرتها.
تقول أماني: "في كل لحظة، يحيط بنا شعور غريب بالارتياب. أنا في حالة خوف دائم ممَّا قد يحدث لأطفالي وعائلتي. ومسؤوليتي الأساسية هي تقديم الدعم الثابت، لكن مدى خطورة هذه المسؤولية هو أمر منهك".
أماني أم لأربعة أطفال. رأت ابنها الأكبر، فراس، يبدأ في التخلي عن أحلامه المستقبلية في العمل كمحامٍ بسبب النزاع. تقول: "في ظل هذه الحرب، تلخصت أحلام وتطلعات أطفالي في أمل واحد: البقاء على قيد الحياة".
تابعت حديثها وهي ترتجف: "الألم والخوف يهيمنان الآن على حياتنا. هذه محادثة لم أرغب أبدًا في خوضها، ومع ذلك أجد نفسي محاصرة بأفكار لا تنتهي، وكوابيس لا هوادة فيها، وحياة من العذاب المستمر".
فضلًا عن ذلك، فإن أماني تكبدت خسارة موجعة. فقد فقدت الاتصال بلمياء، صديقتها المقربة التي تبلغ من العمر 28 عامًا. تصف أماني لمياء بأنها "روح نابضة بالحياة، شديدة الذكاء، وقوية العزيمة"، وتقول أيضًا عنها بتأثر وأسى: "لمياء تجسيد لقوة وأحلام المرأة الفلسطينية التي لا حدود لها".
معًا، اجتازتا امتحانات درجة الماجستير، وحلمتا بالحصول على منحة دراسية لشهادة الدكتوراه.
عندما أمرت القوات الإسرائيلية بنزوح حوالي مليون شخص من شمال غزة تحسبًا لغزو بري، كتبت أماني رسائل إلى صديقتها. كانت تخشى أن تكون لمياء، مثل العديد من الناس في المنطقة، غير قادرة على المغادرة، إما لصعوبات جسدية، أو بسبب مخاطر إعادة التوطين وسط النزاع.
كتبت للمياء واتصلت بها مرارًا وتكرارًا، ولكنها لم تتلقَّ سوى الصمت وتكرار انقطاع الإنترنت. ارتجف صوتها عندما تذكرت محاولتها الأخيرة للاتصال بصديقتها، تقول بتأثر: "نشرتُ ندائي لها على وسائل التواصل الاجتماعي على أمل أن يجيبني أحد: لمياء، هل ما زلتِ على قيد الحياة؟ قلبي يعتصر ألمًا! أرجوكم، ادعوا لها".
في 14 أكتوبر ومع حلول الليل، أخبرها شخص شاهد منشورها بنبأ أليم: دُفنت لمياء وعائلتها بأكملها تحت أنقاض منزلهم بعد أن تعرَّض لغارة جوية.
في الساعات التي تلت ذلك الحدث، عمل جيران لمياء لساعات لاستخراجهم من تحت الركام، داعين الله أن يكونوا بخير، لكن لم ينجُ أحد منهم.
تذكرت أماني آخر فترة أمضتها مع صديقتها لمياء قبل بدء النزاع بأيام قليلة، عندما حضرتا معًا برنامجًا للتدريب على الرعاية الذاتية لمدة سبعة أيام، واصفة إيَّاه بأنه "تجربة لم أكن أتخيل أبدًا أنها ستمثل لحظاتنا الأخيرة معًا".
وتابعت: "تشبثت بالأمل في أن تخرج لمياء سالمة، لكنها ضاعت منَّا. مع رحيلها، حزنت على الأحلام التي عشناها معًا. لقد انهارت رؤيتنا المستقبلية المشتركة، وتحول كل شيءٍ إلى ركام".