إيجاز صحفي في مقر الأمم المتحدة الممثلة الخاصة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين، ماريز غيموند، حول زيارتها الى غزة

تحدثت ماريز غيموند، الممثلة الخاصة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين، في إيجاز صحفي ظهر اليوم في الأمم المتحدة من القدس حول زيارتها إلى غزة في يونيو.

التاريخ:

  • لقد أنهيت مؤخرا مهمة استغرقت أسبوعًا داخل قطاع غزة. زرت غزة أكثر من 50 مرة خلال السنوات الست التي قضيتها في منصبي هذا، ومنها زيارات قبل وبعد أحداث التصعيد في السنوات الماضية بما في ذلك حرب 2021. لكن هذه المرة، لم يكن هناك شيء يمكن ان يهيئني للدمار واللإنسانية التي رأيتها. فما شاهدته، فاق أسوأ مخاوفي على النساء والفتيات اللواتي عملت معهن لسنوات عديدة.
  • أنه أمر لا يُحتمل أن تشهد تصعيدًا يوميًا للعنف والدمار في حرب على المرأة لا تلوح في الأفق نهاية لها. الحروب ليست محايدة أبدًا بين الجنسين. ولكن بلا شك، في غزة هناك مليون امرأة وفتاة يتحملن الوطأة الأشد لتسعة أشهر من الحرب. إنهم يفقدون حياتهن، وهن مريضات وجائعات ومرهقات. يحدث كل ذلك وهن يحاولن الحفاظ على تماسك أسرهن على الرغم من الخوف والخسارة المستمرة.
  • كل امرأة قابلتها كانت بمثابة قصة خسارة. لقد فقدت أكثر من 10.000 امرأة حياتهن. فقدت أكثر من 6000 أسرة أمهاتهن. فقدت ما يقرب من مليون امرأة منازلهن وأحبائهن وذكريات حياتهن. غزة الآن هي مليوني قصة خسارة وأكثر.
  • أخبرتني امرأة نازحة لماذا كان من الضروري بالنسبة لها العودة إلى منزلها في مدينة غزة بمجرد إعلان وقف إطلاق النار. على الرغم من معرفتها بأن شقتها تعرضت لأضرار بالغة، فإنها أرادت أن ترى ما يمكنها إنقاذه وجمع ممتلكات وذكريات عائلتها. لقد سمعت هذه الرغبة مرارًا. لسوء الحظ، بعد أن غادرت غزة، علمت هذه السيدة أن منزلها قد احترق. لم يبق هناك شيئا يمكن إنقاذه. لم يعد لديها الآن مكان لتعود إليه.
  • تعيش النساء في غزة في حالة حركة مستمرة وخوف دائم ويتعرضن للمطاردة بلا هوادة. لا يوجد مكان آمن للنساء في غزة. 9 من كل 10 من سكان غزة نازحون. أُجبرت 1 مليون امرأة وفتاة على النزوح عدة مرات - أحيانا خمس أو سبع مرات. وفي كل مرة ينتقلن إلى مناطق تزداد صغراً حيث يصبحن أهدافًا للهجمات والقصف. إنهن يتنقلن بدون نقود أو ممتلكات، بدون أدنى فكرة عن كيف وأين سيعشن. أخبرتني العديد من النساء أنهن لن ينزحن مرة أخرى لأن ذلك لن يحدث فرقًا كبيرًا بالنسبة لسلامتهن أو لبقائهن على قيد الحياة. منذ أن غادرت غزة، كانت هناك ثماني موجات جديدة من النزوح في ظل غياب ضمانات السلامة لأي شخص.
  • عندما وصلت إلى غزة وأُغلق السياج خلفي عند معبر كرم أبو سالم، لم أتمكن من التعرف على غزة التي اعرفها. دخلت عالمًا من الدمار والحرمان الكامل. تم تدمير المنازل والمستشفيات والمتاجر والمدارس والجامعات. حشود من الرجال والنساء والأطفال يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة في خيام مؤقتة وملاجئ مكتظة محاطة بالأنقاض والدمار الكامل.
  • في وسط أصوات القتال المستمرة وأزيز الطائرات المسيرة، شاهدت حياة محطمة، ومنازل مدمرة، ومجتمعات وعائلات ممزقة. سألتني النساء: "متى يمكننا العودة إلى منازلنا؟". سألني الفتيان والفتيات: "متى ستنتهي هذه الحرب؟". لم يكن لدي إجابة لهم.
  • لا يمكنني التأكيد بما فيه الكفاية على التأثير العميق لهذه الحرب على النساء والفتيات. بالكاد تمكنت من التعرف على بعض النساء اللواتي كنت أعرفهن قبل الحرب. إن حصيلة الأشهر التسعة الماضية واضحة على وجوههم وأجسادهم. وفقا لبيانات هيئة الأمم المتحدة للمرأة، تعاني 557,000 امرأة من انعدام الأمن الغذائي الحاد. أكثر من نصف مليون امرأة تعاني من الجوع الشديد، وهن آخر وأقل من يأكل في أسرهن. ويتخطين وجبات الطعام ولا يتناولن طعاما صحيا لأشهر متتالية.
  • لكن الرسالة التي أحملها من غزة لا تتعلق فقط بالدمار والموت. تُظهر نساء غزة قوة وإنسانية غير عادية في كفاحهن من أجل البقاء، والحفاظ على الأمل والتضامن وسط الدمار. لقد التقيت بنساء رائعات يعتنين بأسرهن ومجتمعاتهن في مواجهة الجوع والموت والمرض والنزوح.
  • التقيت بمنظمات بطولية تقودها النساء تعمل على حماية حقوق وكرامة سكان غزة على الرغم من نقص التمويل وصعوبة الوصول إلى الإمدادات والخدمات الأساسية. لا تزال هذه المنظمات نشطة داخل غزة في ظل ظروف قاسية وهي تحتاج بشكل عاجل إلى الدعم لمواصلة عملها.
  • نشرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة مؤخرا نشرة للنوع الاجتماعي حول تأثير الحرب على 25 منظمة تقودها النساء في الأراضي الفلسطينية المحتلة، منها 18 منظمة في غزة. تقدم هذه المنظمات، التي يعمل بها أكثر من 1,500 موظف، خدمات أساسية مثل إدارة مواقع الإيواء وتوفير مستلزمات النظافة الصحية والطرود الغذائية والدعم النفسي والاجتماعي على الرغم من تحديات الحرب والدمار وانخفاض التمويل. وهن بحاجة إلى دعم مالي لمواصلة جهودهن، ولكنهن بحاجة أيضا إلى زيادة تمثيل المرأة في طاولات صنع القرار في كل خطوة من خطوات المساعدة الإنسانية، من التخطيط إلى التسليم النهائي. وهم بحاجة إليها الآن!
  • وعلى حد تعبير ممثلة إحدى المنظمات التي تقودها النساء: "المسألة ليست فيما تحتاج إليه المرأة، وإنما ما الذي لا تحتاج إليه. النساء لا يردن الموت، ولا يردن دفن أحبائهن، ولا يردن أن يتركن وحدهن ليعانين. تجربتي في غزة أكدت إلحاح هذه الرسالة.
  • أود أن أختتم كلمتي بترديد ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة ووكالات الأمم المتحدة الشقيقة: غزة بحاجة إلى السلام، غزة تحتاج إلى الوصول الكامل إلى المساعدات الإنسانية من خلال فتح المعابر البرية. نحن بحاجة إلى وقف لإطلاق النار الآن، وإطلاق سراح جميع الرهائن.

شكرا لكم