مدونة شبابية: آن وقت إيقاف احتكار "السلام"
التاريخ:
نشر المقال بالأصل على موقع معًا نبنيها
هاجر شريف هي ناشطة في مجال بناء السلام من ليبيا والمؤسِسة المشاركة لمنظمة "معًا نبنيها" التي تعمل على تعزيز الانتقال الديمقراطي السلمي في ليبيا، بما في ذلك للنساء والشباب والشابات. وهي أيضًا عضوة في أجورا الابتكار في النوع الاجتماعي التابع لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وهو بمثابة منصة استشارية للحوار المنتظم مع القيادات الشبابية أنشأها المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة للدول العربية.
عندما نتحدث عن الحرب وبناء السلام، يبدو أن الرجال - وخاصة كبار السن الذين يتحكمون في الجماعات المسلحة أو ينتمون إليها - يحتكرون بناء السلام، وينطبق هذا بشكل خاص على عمليات السلام "الرسمية" التي غالبًا ما تفضي إلى اتفاق سلام رسمي بما يتضمنه ذلك من الحوارات السياسية أو غير ذلك من أشكال مفاوضات السلام.
في رأيي، لم تتولد هذه القوى الاحتكارية من خلال أي أعمال اضطلع بها أولئك الرجال. ومن المؤكد أنهم لم يكسبوها من خلال استخدام القوة، كما قد يعتقد الكثير من الناس. إذًا، يبقى السؤال، كيف يسيطرون على عمليات السلام الرسمية بهذه الفعالية؟ أعتقد أن السبب أنه قد مُنحوا ترخيص الاحتكار هذا طبقًا لتقليد تاريخي طويل لا يجلب سوى كبار الرجال إلى طاولة السلام.
وذلك يعزى إلى أنه إذا تم توجيه أي دعوة للنساء والقيادات الشبابية للمشاركة على الإطلاق، فنادرًا ما يُسمح لنا، إن حدث ذلك، بتشكيل وفد جاد بأي عدد يمكنه أن أ) يجعل عملية السلام شاملة لجميع الفئات التي عانت من ويلات الحرب، أو ب) يحدث أي فرق في الوثيقة الختامية والإجراءات المقترحة فيها. من الواضح أنني لا أبدي هذه الملاحظة لتقويض المساهمة الكبيرة التي تأتي بها النساء والقيادات الشبابية المشاركة في مفاوضات السلام، حتى وإن كان العدد قليلًا؛ بيد أن الأرقام مهمة عندما تكون جزءًا من عملية تحكمها آليات التصويت، وهذا هو الحال بالنسبة لمختلف الأنماط من عمليات السلام. إذا كانت الأصوات عبارة عن أرقام، فإن عدد النساء والشباب والشابات سيكون له أهمية كبيرة.
من خبرتي التي تصل إلى عشر سنوات في العمل على الدعوة والمناصرة من أجل أن تصبح النساء والقيادات الشبابية جزءًا من عمليات السلام الرسمية التي يتم إجراؤها في ليبيا أو حولها، هناك عذر واحد يتم استخدامه مرارًا وتكرارًا عندما أتحدث إلى الوسيط أو الجهة الميسرة لعمليات السلام الرسمية، فهي محاولات لتبرير استبعادنا ك "إن إشراك، أو الدفع من أجل إشراك، النساء والشباب والشابات في عملية السلام يمكن أن يهدد سيرها". حُجج أخرى تتضمن "إذا قام وسطاء السلام والميسرون بدعوة النساء والشباب والشابات إلى طاولة المفاوضات، فإن الأطراف المتحاربة ستغادر الغرفة". ومن واقع خبرتي، فإن هذه الأخيرة لها شعبية واسعة بخاصة عندما يشارك المجتمع الدولي بشكل مباشر في المفاوضات.
مثل هذه الأعذار قد توضح لنا أن بعض ميسري السلام والوسطاء لا يفهمون تمامًا ما هي دوافع الأطراف المتحاربة في المقام الأول. إذا كانت الأطراف المتحاربة تقاتل حقًا للحصول على مطالبات شرعية بالسلطة السياسية التي يُفترض أن يتم عقد طاولة السلام للمضي قدمًا بها، فإن الهدف النهائي للجوئهم إلى العنف هو هدف سياسي - كل هذا القتال هو فقط للحصول على مقعد على الطاولة حيث يتسنى لهذه الأطراف من خلالها رفض الحرب رسميًا وتحديد كيف سيصبحون جزءًا من عملية سياسية جديدة. إذا كانت هذه الجماعات تسعى بصدق إلى المشاركة السياسية والشرعية الدولية، كما هو مزعوم في حالة ليبيا، فأنا أعتقد أنها لن تقاوم أو ترفض، ولن تترك عملية السلام لمجرد مشاركة النساء والقيادات الشبابية.
وبفرض قبول هذا التحليل على أنه صحيح، فعندئذ يجب أن يكون العكس صحيحًا أيضًا: إذا كانت جماعات المعارضة المسلحة تعبر بالفعل عن مخاوفها وتهدد بترك المفاوضات لأنه يُسمح أيضًا للنساء والشابات والشباب بالمشاركة، فبالتأكيد ثمة شيء خطأ. بالتأكيد، في مثل هذه الحالة، يجب على وسطاء السلام والجهات المعنية بتيسير مفاوضات السلام فهم أنه لا يتم معارضة جنس أو عمر المشاركين/ات المدعوين/ات، بل بالأحرى أجندة حقوق الإنسان التي تروج لها الكثير من النساء والقيادات الشبابية، والتي تعارض الحرب والاستغلال، وتعزز الشمول وتقاسم الموارد والسلطة.
في الواقع، فإن الأجندة التي تطرحها النساء والقيادات الشبابية على طاولة المفاوضات هي التي تخيف في الغالب أمراء الحرب ومن ينتمون إليهم، لأنهم يعرفون أنه بمجرد تضمين النساء والشباب والشابات، فإنك تضع نهجًا قائمًا على حقوق الإنسان. إن عملية بناء السلام القائمة على الحقوق هي عملية تنزع الشرعية عن الجماعات المقاتلة وتحد منها وتقييدها من احتكار العنف والسلطة والثروة.
إذا كنا، نحن الأطراف المشاركة في بناء السلام، نشعر بجدية نحو حل ومنع النزاعات المسلحة والحروب في المستقبل، فنحن بحاجة إلى التعامل مع السلام باعتباره منفعة عامة يتم إنشاؤها وبناؤها وصياغتها ونمتلكها جميعًا كأصحاب مصلحة على قدم المساواة.