"نحن بحاجة إلى إجراءات حقيقية".. فلسطينيات يتحدثن عن الأمل والصمود وسط أهوال الحرب في غزة

ثلاث نساء فلسطينيات يتحدثن عن تأثير الحرب في غزة على حياة المرأة، وسط انتشار المجاعة ودعوات إلى وقف فوري لإطلاق النار.

التاريخ:

Palestinian citizens return to their homes in eastern Khan Yunis during a temporary ceasefire on 24 November 2023.
مواطنون فلسطينيون يعودون إلى ديارهم في شرق خان يونس خلال الوقف المؤقت لإطلاق النار في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023. الصورة: سمر أبو العوف

الحياة في غزة اليوم غير واضحة المعالم، وسط الدعوات المتزايدة لإنهاء الحرب وتنفيذ قرار مجلس الأمن الأخير، الذي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، والإفراج فورًا وبدون قيود عن جميع الرهائن، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن، ودون عوائق.

اليوم، يعاني أكثر من مليون شخص من كارثة من صنع الإنسان، مع مستويات كارثية من الجوع، ونقص المياه، والصرف الصحي، والمأوى، والدواء، كما يُحذر أبرز خبراء العالم في مجال انعدام الأمن الغذائي من مجاعة "وشيكة" في شمال غزة. وفي حين تتعرض غزة لقصف شديد من قبل القوات الإسرائيلية، ومحدودية وصول المساعدات الإنسانية؛ لا تستطيع الأمم المتحدة إيصال المساعدات الإنسانية بالحجم المطلوب.

في كل يوم تتواصل الحرب فيه على غزة، بالمعدل الحالي، تُقتل 63 امرأة في المتوسط.

 
الحياة في غزة قبل الحرب

تتذكر شهد سطارية، الناشطة الحقوقية في جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية في الضفة الغربية، غزة التي عرفتها منذ الطفولة، والتي دمرتها الحرب.

وُلدت سطارية ونشأت في الضفة الغربية، لكن والدتها كانت من مخيم جباليا في غزة. حتى عام 2004، كانت تزور غزة كل صيف.

قالت سطارية: "كنت في التاسعة من عمري عندما زرت غزة آخر مرة. كان الحصول على تصريح لزيارة غزة أمرًا صعبًا منذ ذلك الحين. لقد كان صراعًا وجزءًا من هويتي طول عمري".

وتتذكر: "في غزة، عليك أن تذهب إلى البحر. نحن عائلات كبيرة. كنا نجتمع في منزل جدتي، وننام على مراتب قديمة [على الأرض].. كانت ليالي رائعة".

تتذكر سطارية اللعب مع أبناء عمومتها، وهم يقفزون من فناء جدتها إلى منزل عمها المجاور. تتذكر النباتات، والبحر الأزرق الغامق، والليالي المليئة بالقصص والغناء. في الصباح، كانت نساء العائلة تلتف حول جدتها، ويتبادلن الأحاديث.

ما تقدمه هيئة الأمم المتحدة للمرأة في غزة

لم تتمكن سطارية من رؤية جدتها قبل وفاتها. لم يكن لديها تصريح لزيارة غزة.

قالت: "لقد فقدت النساء فرصهن في التعليم، والمشاركة في صنع القرار، والتمكين. كما فقدن خدمات الرعاية الصحية، وفقدت النساء اللواتي يحاولن إجراء الحقن المجهري فرصهن وهن في منتصف الطريق".


"لا أرى الشوارع. لا أرى المدارس والجامعات.. لا أرى نساءً لديهن وقت للاعتناء بأنفسهن. لم تعد النساء تجلس للدردشة"- شهد سطارية


فقدت النساء أيضًا الخصوصية في الملاجئ المكتظة، وفرص الوصول إلى أماكن آمنة عندما يتعرضن للعنف.

تقدم جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، وهي شريك تنفذي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، الدعم النفسي والاجتماعي والمساعدة النقدية وغيرها من الخدمات للنساء والشباب. ومنذ هجوم حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وغارات القوات المسلحة الإسرائيلية التي أعقبته على غزة، تمكنت هيئة الأمم المتحدة للمرأة من توصيل الطعام والبطانيات والملابس الشتوية ومنتجات ومستلزمات النظافة إلى ما يقرب من 100,000 امرأة وأسرهن.

وتدعم هيئة الأمم المتحدة للمرأة أيضًا المنظمات النسائية الفلسطينية التي لا تزال تعمل للتأثير والمشاركة في الاستجابة الإنسانية، وتقود الجهود الوطنية لتنسيق شؤون النوع الاجتماعي، للتأكد من دمج احتياجات وحقوق النساء والفتيات في الاستجابة لحالات الطوارئ.

رحلة تعافي غزة: مواجهة تحديات إعادة الإعمار

أكثر من 70 في المائة من البنية التحتية المدنية في غزة – بما في ذلك المنازل والمستشفيات والمدارس ومرافق المياه والصرف الصحي – دُمرت أو تضررت بشدة.

تتساءل ميادة ترزي، التي تعمل مع جمعية الشابات المسيحيات في فلسطين، عن عدد السنوات أو العقود اللازمة لإعادة بناء غزة قائلة: "سيستغرق إعادة إعمار وبناء غزة وقتًا طويلًا.. هذه أسوأ حرب يمكن أن تحدث". ينتظر سكان غزة العودة، لكن منازلهم وأعمالهم وخدماتهم أصبحت تحت الركام.

وقالت: "[العيش] في الضفة الغربية والقدس ليس بالأمر الهين. وعبور نقاط التفتيش كل يوم ليس بالأمر السهل". وأضافت أن زيادة القيود ونقاط التفتيش جعلت المسافات أطول، وتقديم الخدمات أصعب.

Rana Khalil spoke at the UN Headquarters in March 2024.
رنا خليل في مقر الأمم المتحدة في آذار/مارس 2024. الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/ ريان براون

الأزمة الإنسانية الكارثية في غزة

كل الناس في غزة جائعون. أكثر من نصف الفلسطينيين والفلسطينيات هناك 1.1 مليون شخص استنفدوا إمداداتهم الغذائية بالكامل. يضرب الجوع النساء بشكل مختلف، ووفقًا لبيانات هيئة الأمم المتحدة للمرأة: ما يقرب من 9 من كل 10 نساء يجدن صعوبة في الحصول على الطعام مقارنة بالرجال.


"يقتل الجوع الكثيرين في غزة، وخاصة في الشمال"
- رنا خليل


بعض أفراد عائلة ترزي في غزة، يحتمون داخل كنيسة. قالت ميادة: "الطعام محدود للغاية. ليس لديهم طعام، ولا طحين". عندما يحصلون على بعض الطحين ويمكنهم الخبز على الفحم، تتغذى العائلة على ذلك لمدة يومين.

تجد رنا خليل، وهي منسقة مشاريع في جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية تُقيم في الضفة الغربية، صعوبة في الحصول على الطعام هذه الأيام. تقول: "أنا قلقة للغاية من أن الجوع يقتل الكثير من الناس في غزة، وخاصة في الشمال".

يعيش بعض أفراد عائلة رنا أيضًا في غزة، وأصولهم من هناك، ومعظمهم نازحون ويكافحون للعثور على ما يكفي من الطعام أو الماء.

تحدثت رنا عن معاناة النساء في غزة لتلبية أقل أو أبسط احتياجاتهن الأساسية التي نأخذها كأمر مُسلَّم به: "الاستحمام. دخول الحمَّام. تناول الأكل الصحي. سماع الموسيقى.. وجود فوط [صحية].. تغيير الملابس.." المزيد عن أزمة الجوع والمياه في غزة.


"الأمل هو وقف إطلاق النار الآن. نستمر في الدعوة إلى وقف إطلاق النار، لكننا بحاجة إلى إجراءات حقيقية"
- ميادة ترزي


الأمل أثناء المِحَن

على الرغم من أهوال الموت والدمار والجوع، تتحدث النساء الفلسطينيات عن الأمل.

تقول شهد سطارية: "يتسم شعب غزة بالقدرة على الصمود. إذا انتهت الحرب اليوم أو غدًا، أؤمن بأن الناس سينهضون".

وتقول ميادة ترزي: "الأمل هو وقف إطلاق النار الآن. نستمر في الدعوة إلى وقف إطلاق النار، لكننا بحاجة إلى إجراءات حقيقية. نحن بحاجة إلى دعم من الحكومات للضغط بجدية من أجل وقف إطلاق النار؛ لأنه لا يمكن أن يستمر الوضع على هذا النحو".

وتقول رنا خليل: "إننا نؤمن بالأمم المتحدة، وبأن الشعوب تقف معنا".