من موقعي هذا: "غياب العنف لا يعني نهاية الحرب"

التاريخ:

Story originally published on UN Women Lebanon‘s website.

روي صايغ،  29 عاماً، معالج نفساني يعمل على مساعدة الناس على الشفاء من الصدمات الماضية والراهنة من خلال العلاج النفساني. في أعقاب انفجار مرفأ بيروت في عام 2020، التحق  بمركز "ريستارت" لإعادة تأهيل ضحايا العنف والتعذيب، وهو كناية عن منظمة غير حكومية لبنانية يوفّر الدعم النفساني والاجتماعي فضلاً عن العلاج للنساء المتضررات من الحرب الأهلية اللبنانية، بالشراكة مع "هيئة الأمم المتحدة للمرأة".

Roy Sayegh, 29, is a Lebanese psychotherapist with local NGO Restart Center for Rehabilitation of Victims of Torture and Violence. Photo: Nader El Sayegh
روي صايغ، 29 عاماً، معالج نفساني لبناني في مركز "ريستارت" لإعادة تأهيل ضحايا العنف والتعذيب. الصورة: نادر الصايغ

Quote

انضممتُ في البداية إلى "ريستارت" كمتطوع  رغبة مني في مساعدة المتضررين من انفجار مرفأ بيروت في عام 2020 على أفضل نحو  أعرفه. تطوّعتُ بداية لمدة يومين في الأسبوع في خيمة الطوارئ التابعة لـ"ريستارت" في منطقة مار مخايل وانتقلت لاحقاً للعمل بدوام كامل مع المركز في أيلول/سبتمبر 2020.

من خلال وظيفتي في "ريستارت"، عملتُ مع النساء المتضررات من الحرب الأهلية اللبنانية 1975-1990، بدعم من "هيئة الأمم المتحدة للمرأة". إن تأثير الحرب لا يزال جلياً إلى حد كبير. نراه كل يوم عندما نتحدّث إلى المرضى. نتبع نهجاً شاملاً لمعالجة هذا التأثير. نبدأ بالاستشارات الفردية، ثم نصمم الجلسات بناءً على الاحتياجات المحددة للمجموعة التي نعمل معها، قبل أن ينتقل المرضى إلى قسم الخدمات أو المجموعات الأخرى التي قد يستفيدون منها.

في كانون الثاني/يناير 2021، بدأت العمل مع أم ّوربّة منزل تبلغ من العمر 73 عاماً وكانت لا تزال تعاني من الصدمة، ذلك انها عايشت الحرب خلال 15 عاماً. خضعت هذه السيدة لعشر جلسات علاجية حتى الآن. لقد خُضنا التجربة معاً بكل معنى الكلمة في البداية، كانت لديها شكوك حول أسلوب تلقيها الدعم من خلال عملية العلاج هذه، ذلك اني أصغر سناً منها ولم أختبر الحرب. لكنها سرعان ما أدركت أن العلاج وفّر لها مساحة حيث تشعر بالراحة والأمان لمشاركة تجاربها وللحديث عن صدماتها.

شعرت بالغرابة لأنها كانت لا تزال بعد 30 عاماً تعاني الكثير بسبب تجاربها. قالت انها ما زالت تشعر كأن كل شي حدث في الأمس فقط. تمكنتُ من خلال العمل معا من مساعدتها على الاعتراف بأنه على الرغم من توقف الحرب، لا تزال عواقبها تلاحقنا بعد سنوات. يشعر الناس بالراحة حين  يدركون أنه من المقبول أن يشعروا بما يشعرون به.

وَصفَت الأوقات التي عانت فيها خلال الحرب وقلقها من المستقبل، ذلك انها تشعرأن الأحداث الحالية تذكرها بالماضي. في كل يوم تصلها أخبار الأزمة الاقتصادية، وارتفاع الأسعار، والتوترات السياسية التي تثير قلقها ومخاوفها من تكرار الماضي.

أخبرتني أن قلقها قد تراجع بشكل كبير منذ بدء الجلسات. التحسن ملموس، وأعتقد أن الجلسات الجماعية التي وفرناها وجمعتها بسيدات أخريات في حالات مشابهة، ساعدت في تحقيق نتائج أفضل على مستوى العلاج الفردي .إن اللقاء مع  نساء أخريات يشبهنها، هو أداة أساسية للتغلب على الصدمات. يمكننا أن نتعلم الكثير حول ذلك من خلال مساحات أو منظمات تتعاطى بهذه المسائل مثل *لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان.

على مرّ السنوات، رأيتُ التأثير النفسي للحرب على أقاربي ومدى تردّدهم في مناقشة الحرب؛ أستطيع أن أقول أن الحرب لا تزال تزعجهم. يعاني الكثير من الناس مثلهم. أخبرهم بأهمية تلقي الدعم وطلب المساعدة من أحد المتخصصين  أو المتخصصات، لكن غالباً ما يتجاهلني أفراد عائلتي وغيرهم ممن يريدون أن ينسوا الماضي فقط.

لكن هذا النهج نادراً ما يسهم في علاج الصدمات. من الضروري معالجة وصمة العار المتعلقة بالتماس الدعم النفساني ومساعدة الأشخاص في الوصول إلى المساعدة التي يحتاجون إليها. إن غياب العنف لا يعني نهاية الحرب." 

روي صايغ، 29 عاماً، هو واحد من 18 معالجاً ومعالجة نفسيين يقدمون العلاج لأكثر من 247 امرأة ورجلاً وطفلاً تضرروا من الحرب الأهلية اللبنانية،  من خلال مركز "ريستارت" العلاج، بدعم من "هيئة الأمم المتحدة للمرأة" و"برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" و"مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان" في سياق مشروع "التعامل مع

الماضي: ذاكرة للمستقبل". يتم دعم المشروع بسخاء من قبل صندوق الأمم المتحدة لبناء السلام.

*لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان هي تجمّع لعائلات المخطوفين والمخفيين قسراً إبان الحرب الأهلية اللبنانية، بدأت اللجنة عملها عام 1982.