مدونة شبابية: تغير المناخ وكوفيد-19: أزمتان تهددان المساواة المبنية على النوع الاجتماعي

التاريخ:

رشا زهيرة عماتي، مستشارة النوع الاجتماعي والتنمية. الصورة: بإذن من رشا زهيرة عمتي.

رشا زهيرة عماتي، مستشارة دولية في مجال النوع الاجتماعي والتنمية من المغرب، حصلت على درجة البكالوريوس في العلاقات الدولية ودرجة الماجستير في دراسات النوع الاجتماعي متعددة التخصصات والتعاون الدولي، وهي تعمل حاليًا على إنهاء درجة الدكتوراه في العلوم السياسية والإدارة العامة والعلاقات الدولية. السيدة عماتي هي عضو في برنامج أجورا الابتكار في النوع الاجتماعي التابع لهيئة الأمم المتحدة للمرأة.

إعادة التفكير في الخطاب المتعلق بالمرأة وتغير المناخ

الإشارات إلى النساء في أدبيات النوع الاجتماعي وتغير المناخ واضحة من خلال الطريقة التي تؤطر بها علاقة المرأة بالبيئة على أنها إما قابلية للتعرض أو ذات دور فعال، فيصنف هذا المنظور النساء إلى مجموعتين: تلك الموجودة في جنوب الكرة الأرضية، أي المعرضة لتأثيرات تغير المناخ؛ وأولئك ممن يعشن في شمال الكرة الأرضية، مناصرات جادات للبيئة يواجهن العادات الملوثة لنظرائهم من الرجال.

تحلل سيما أرورا جونسون (2011) هذا التعميم بشكل أكبر، حيث توضح كيف تصرف هذه الافتراضات الانتباه بعيدًا عن ديناميات السلطة والتفاوتات في المؤسسات، مما يزيد من الأعباء الملقاة على كاهل المرأة.

تتنوع علاقات النساء والرجال مع البيئة، بحيث تعكس عوامل مثل الطبقة، والعمر، والمحيط، وما إلى ذلك. يعتبر الاعتراف بالاختلافات بين النساء وأنهن مجموعة غير متجانسة، وتحدي القوالب النمطية حول الذكورة والأنوثة من حيث صلتها بالبيئة خطوة إلى الأمام عندما يتعلق الأمر بوضع تدابير للتكيف والتخفيف من آثار تغير المناخ.

بالإضافة إلى تغير المناخ، أدت جائحة كوفيد-19 إلى تراجع التقدم المحرز في تحقيق المساواة المبنية على النوع الاجتماعي وحقوق المرأة، مع تزايد العنف ضد النساء والفتيات على مستوى العالم في خضم تدابير الإغلاق. وكمثال على ذلك، في ظل هذه الظروف، تتحمل العاملات المهاجرات عبئًا أثقل. تتعدد أشكال عدم المساواة والتمييز المتقاطعة بالنسبة لهن، مثل سياسات الهجرة ذات القيود الخاصة المتصلة بالنوع الاجتماعي، وظروف العمل غير الآمنة، والعنصرية، وكراهية الأجانب.

أزمتان وحقوق المرأة: تأثير شح الموارد.

تغير المناخ وجائحة كوفيد-19 أوضحا سبب أهمية الاستثمار في تعزيز مرونة الاقتصادات المحلية إلى جانب استدامة سبل العيش، فكلاهما مفتاحا التعافي الشامل. في الواقع، تُظهر الأبحاث أن التدابير التي تم وضعها للتخفيف من تفشي كوفيد-19 وتأثير تغير المناخ بشكل خاص على النساء الريفيات، قد أدت إلى استفحال التفاوتات القائمة على النوع الاجتماعي، مما يعرض مشاركة المرأة في الأنشطة الاقتصادية للخطر.

فكانت النساء الأكثر تضررًا من الآثار الاقتصادية للجائحة بسبب فرط انخراطهن في الوظائف منخفضة الأجر والاقتصاد غير الرسمي. علاوة على ذلك، وبوصفهن مقدمات الرعاية الأساسيات في أسرهن ومجتمعاتهن، فقد ساهمت الأزمة الحالية في زيادة عبء الرعاية التي تتحمله المرأة بشكل كبير.

وبالمثل، تسود نفس الاتجاهات فيما يتعلق بآثار تغير المناخ. ليس بالمعلومة الجديدة أن تغير المناخ له آثار ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالنوع الاجتماعي، مما أسفر عن تفاقم عدم المساواة بين الأنواع الاجتماعية وأثر بشكل غير متناسب على النساء، وخاصة النساء الفقيرات. فعادة ما تُترك النساء يتحملن العبء الأكبر للتكيف مع الصدمات المناخية وآثارها الصحية الضارة، وهذا يعني تفاقم أعباء الرعاية التي يتحملنها بالفعل. علاوة على ذلك، فإن المجتمعات الأصلية التي قد تعتمد على الموارد الطبيعية للعيش وفقًا لممارساتها الثقافية تشهد تدهورًا في حقوقها وسبل عيشها ووضعها.

يعد جامعي وجامعات النفايات والباعة الجائلون والبائعات الجائلات وفئات العمالة المنزلية - ومعظمهم من النساء ويجدر الذكر أيضًا أن تأثيرهم/ن البيئي ضئيل مقارنة بنظرائهم في الاقتصاد الرسمي - في طليعة جهود التخفيف من حدة المناخ من خلال بعض الإجراءات التي اُتخذت لإعادة تدوير النفايات، واستخدام طاقة أقل، وتعزيز الأسواق المحلية. ومع ذلك، فهم/ن من بين أكثر الفئات التي تأثرت جمًا بأزمتين متداخلتين: كوفيد-19 وتغير المناخ.

الاعتماد على سبل العيش سريعة التأثر بالمناخ يعني أن الخيارات في الحياة الاقتصادية للمرأة تنكمش مع تطور أزمة تغير المناخ. علاوة على ذلك، تعد الأعراف الاجتماعية القائمة على النوع الاجتماعي حاجزًا أمام قدرة المرأة على الاستجابة لتأثيرات تغير المناخ وكوفيد-19.

كفاح المرأة: تيسير التغيير

على الرغم من اعتماد العديد من القواعد والمعايير العالمية لتعزيز المساواة المبنية على النوع الاجتماعي وتحفيز التغيير في الأطر المؤسسية والقانونية الاجتماعية، على الصعيد العالمي، لا تزال هناك فجوة قائمة على النوع الاجتماعي تحد من حقوق المرأة في امتلاك الأراضي واستخدامها والتحكم فيها. وبالتالي، تواجه النساء عوائق في الوصول إلى الموارد المتجددة مثل المياه وحقوق استخدامها، إلى جانب الحقوق في الموارد الاستخراجية مثل المعادن والفلزات والأخشاب والنفط والغاز.

بالإضافة إلى الآنف ذكره، عادة ما تكون الإنتاجية الزراعية للمزارعات أقل مقارنة بالمزارعين الذكور بسبب أوجه عدم المساواة المتجذرة التي تعيق قدرة المرأة على الوصول إلى الأراضي ووسائل الإنتاج الزراعية كالبذور والأسمدة والمبيدات الحشرية.

في المجتمعات التي لا تتوفر فيها إمدادات المياه النظيفة بانتظام، غالبَا ما تتحمل النساء والفتيات المسؤولية الأساسية عن إدارة الطاقة والمياه والصرف الصحي في المنزل. في حالة نقص الطاقة والمياه ومرافق الصرف الصحي، يجب على النساء والفتيات تكريس الكثير من وقتهن لإيجاد وجمع موارد الطاقة والمياه. ومع ذلك، وعلى الرغم من استخدام النساء للموارد الطبيعية وإدارتها، فهن ما زلن لا يتمتعن بصوت متساوٍ عندما يتعلق الأمر بصنع القرار.

الإجراءات الموصى بها

تسلط كلتا الأزمتين الضوء على ضرورة وضع وكالة المرأة في جوهر جهود التعافي في كل من تدابير التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه والاستجابة لأزمة كوفيد-19، حيث لا تزال مساهمات المرأة لا تحظى بالتقدير الكافي. يُعد تعزيز مشاركة المرأة وتمثيلها في هذه العمليات خطوة جسورة نحو تحسين تمكينها وتبوأها المراكز القيادية، ولهذا السبب من الضروري دراسة كلتا الأزمتين من خلال منظور شامل لاعتبارات النوع الاجتماعي في كل خطوة نحو جهود التعافي، بيد أن في الوقت الحالي لا يزال التقدم بطيئًا للغاية.