لماذا نحتاج النساء ذوات الإعاقة في صناعة السلام؟

التاريخ:

بتول أبوعلي، إحدى صانعات السلام من سوريا. الصورة: بإذن من بتول أبوعلي.

بتول أبوعلي، صانعة سلام ومناصرة شبابية واجتماعية من سوريا. تعاني بتول منذ طفولتها من اضطراب الحثل العضلي، وقد عملت بوصفها امرأة شابة وشخص ذي إعاقة على تعزيز المساواة والإدماج، بتول هي باحثة في علوم الويب ومؤسسة مبادرة ضوء التطوعية غير الربحية لدعم الأشخاص ذوي الإعاقات البصرية للحصول على فرص التعليم والمواد التعليمة في سوريا، وهي تشارك حالياً في برنامج الشابات صانعات السلام الذي ينفذه المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية.

بعد مرور عشرين عاماً على اعتماد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن، لا تزال المرأة مستبعدة من المشاركة في عمليات السلام والأمن. 

شكّلت النساء بين عامي 1992 و2019 ما يقارب فقط 13٪ من المفاوضين، و6٪ من الوسطاء و6٪ من الموقعين على عمليات السلام الرئيسية في مختلف أنحاء العالم، ولم تتضمن حوالي سبع من كل عشر عمليات سلام، وسيطات أو موقعات من النساء على الإطلاق.[1]

فبالرغم من دعوة النساء إلى الجلوس على طاولة السلام، إلا أنّهنّ لم تكنّ دوماً موضع ترحيب، وللأسف، بالنسبة للنساء ذوات الإعاقة، فقد تمّ تجاهلهن كليًاً.

 حيث لم ترد إشارة إلى النساء ذوات الإعاقة في قرار مجلس الأمن رقم 1325 ولا في قراراته اللاحقة، ولم تتضمن تلك القرارات أي تدابير بشأن ما إذا كانت الاحتياجات الخاصة بالنوع الاجتماعي للنساء ذوات الإعاقة يتم تلبيتها في أثناء النزاع أو بعده. [2] وفي حين تحرص الأمم المتحدة على إدماج قضايا الإعاقة ومتابعتها من خلال اعتماد اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والتي تركز بشدة على قضايا النوع الاجتماعي، إلا أنّه، حتّى اليوم لا أحد يتحدث عن وجود نساء ذوات إعاقة في عمليات السلام.

لماذا يجب إشراك النساء ذوات الإعاقة في عمليات بناء السلام؟الأمر بسيط:- حوالي 15٪ من سكان العالم، أي نحو مليار شخص، يعانون من الإعاقة، أي أنّنا نشكّل أكبر أقلية في العالم.- في معظم دول منظمة التعاون الاقتصادي، تزيد حالات الإعاقة في النساء عن الرجال.- من المسلم به أن النساء ذوات الإعاقة يتضررن على نحو مضاعف، ويعانين من الإقصاء بسبب نوعهن الاجتماعي وإعاقتهن على حد سواء.- النساء والفتيات ذوات الإعاقة معرضات بشكل خاص لسوء المعاملة. [3] 

من ناحية أخرى، تزيد الحروب والنزاعات من حالات الإعاقة بوجه عام، وتعاني النساء ذوات الإعاقة من معدلات أعلى للعنف المبني على النوع الاجتماعي وغيره من أشكال العنف في أثناء النزاعات. كما تواجه النساء ذوات الإعاقة تحديات فريدة في أثناء النزاع وبعده، مما يعني أنه بإمكانهن تقديم وجهات نظر ومساهمات فريدة في عملية بناء السلام.

لقد حان الوقت لكي تحصل النساء ذوات الإعاقة على فرص متساوية، وأن يتم إشراكهن حتى يتسنى لهن أن يقدمن خبراتهن وأفكارهن واحتياجاتهن ووجهات نظرهن ومهاراتهن المتنوعة إلى طاولة السلام وأن يلعبن دورهن في صياغة وتنفيذ السياسات التي تؤثر على حياتهن وعلى الشكل الذي تأخذه مجتمعاتهن بعد انتهاء الصراع.

ما الذي يجب عمله؟ يجب تعديل البرامج والمؤسسات والآليات القائمة على الصعيدين الدولي والوطني لضمان إشراك النساء ذوات الإعاقة بصورة منهجية، ويجب المكاملة بين قرار مجلس الأمن رقم 1325 وغيره من أطر السياسات القائمة مع الالتزامات المنصوص عليها في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

كما أننا بحاجة إلى تحديد ومعالجة العوائق المختلفة التي تحول دون الشمولية وتقديم الدعم اللازم، والاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لسد الفجوة التي تحد من إمكانية وصول النساء ذوات الإعاقة، لا سيما في مناطق النزاع أو المناطق المهمشة.

بعد عشر سنوات من معايشة الصراع في سوريا والعمل مع مئات الأشخاص ذوي الإعاقات المختلفة - بمن فيهم أنا - أعتقد أنه لا يزال هناك الكثير مما يمكن تقديمه، وخاصة من قبل النساء ذوات الإعاقة، وأن إشراكنا في عملية بناء السلام من شأنه أن يسهم إسهاماً كبيراً في حل الصراع وتحقيق السلام والعمل على استدامته. 

فبالرغم من أن الرجال هم الذين يحملون السلاح في أغلب الأحيان، إلا أنه لا أحد يفهم الفلسفة القائمة وراء منع نشوب الصراعات وحلها أكثر من النساء، وخاصة ذوات الإعاقة منهنّ، لأنّ حياتنا عبارة عن سلسلة من المعارك: معارك مستمرّة داخل أسرنا، داخل أنظمتنا التعليمية والمهنية، وداخل مجتمعاتنا، نحن دوماً نكافح من أجل تحقيق أهدافنا في التعليم والسلام والمساواة.

ولذا، بصفتي امرأة من ذوي الإعاقة، أنا فقط أحتاج إلى دعوة للجلوس على طاولة السلام، وسوف أتكفّل بإحضار رؤيتي الخاصة، وكرسيِّ الخاص أيضاً!

_________________

1 مجلس العلاقات الخارجية، مشاركة المرأة في عمليات السلام.

2 أوستوليفا، ستيفاني. "النساء المعوقات: بناة السلام المنسيون". (لوي) LA Inl & Computer. L. Rev. 33 (2010): 83.

3 https://www.un.org/development/desa/disabilities/resources/factsheet-on-persons-with-disabilities.html