من موقعي هذا: دعم اللاجئات وسط تصاعد العنف في غزة
التاريخ:
مريم شقورة، 46 عامًا، تشغل منصب مديرة شؤون المرأة في جمعية الهلال الأحمر لقطاع غزة، لدى مريم خبرة عمل في هذا المجال لمدة 21 عامًا. تتحدث السيدة مريم، وهي أم لفتاتين تبلغان من العمر 13 و8 سنوات، عن تجربتها خلال التصاعد الأخير للعنف في القطاع، والأضرار التي لحقت بمركز صحة المرأة الذي تديره جمعية الهلال الأحمر لقطاع غزة في مخيم جباليا للاجئات واللاجئين، والذي هو أحد أكبر المخيمات في غزة.
أنشئ مركز صحة المرأة جباليا في عام 1998، وهو مركز شريك لهيئة الأمم المتحدة للمرأة ضمن إطار مشروع "حماية النساء والفتيات الناجيات أو المعرضات لخطر العنف خلال جائحة فيروس كورونا المستجد في قطاع غزة" المنفذ بدعم من حكومة اليابان.
صرحت مريم قائلة: "في إحدى الليالي خلال العدوان، وقع هجوم صاروخي على المنطقة الواقعة أمام المركز. حوالي الساعة الثانية وخمس وأربعون دقيقة فجرًا، وقع قصف عنيف في عمق الأرض مما أسفر عن تدمير الشارع وكابلات الإنترنت والخطوط الأرضية وشبكات المياه والصرف الصحي، والذي أثر في الخدمات وألحق أضرارًا بالمركز والمناطق المحيطة به.
تحطمت جميع النوافذ والأبواب تقريبًا. وقد تضرر كل شيء مصنوع من الزجاج أو الألمنيوم داخل المكان، بما في ذلك الألواح الشمسية، حوالي 44 منها. كما تضرر المصعد، والبوابة الخارجية، وبعض شاشات الكمبيوتر، والمصابيح الكهربائية، والستائر، والمعدات الرياضية، وآلات التصوير، والطابعة، والفاكس، وأشياء كثيرة أخرى.
ومع ذلك، لم يزعزع الهجوم الإرادة القوية لفريقنا والمجتمع المحلى. بعد ساعات من سقوط الصاروخ، بدأ عمالنا ومتطوعات ومتطوعون من المنطقة في تنظيف المكان وإعداده للعمل في وقت مبكر من يوم السبت، بعد يوم واحد فقط من إعلان وقف إطلاق النار. كما بدأت البلديات في تنظيف الشارع من الأنقاض ومياه الصرف الصحي.
في صباح يوم السبت، عدنا إلى العمل. اتصلنا بالمنتفعات من خدماتنا عبر الهاتف لنقدم لهن الإسعافات الأولية النفسية ووزعنا حقائب دعم نفسي على الأمهات لمساعدتهن على التعامل مع الإجهاد والصدمة التي سببتها الهجمات لأطفالهن.
أجبرنا أن نوقف معظم خدماتنا المقدمة عن بعد أثر انقطاع شبكة الإنترنت. ولكن في الوقت نفسه، تبرع أحد الجيران بخط لنا حتى نتمكن من التواصل مع المرضى. كما تبرع جيران المركز بالمياه. وفي المخيم ، سارع الجميع لمساندة بعضهم البعض ولتقاسم الأعمال بقدر المستطاع
خلال أيام العدوان الأحد عشر، لم يتمكن المرضى من الحصول على خدماتنا الصحية. أصيبت بعض النساء بالتهابات بولية، وأخريات عانين من مضاعفات في الحمل ولم يتمكنَ من علاجها. وكان معظمهن يعانين من اضطرابات نفسية لاحقة للصدمة مع أطفالهن. لقد صُدمت من مدى الضرر الذي لحق بالنساء والأطفال.
ولا يزال الأشخاص ذوات/ ذوو الإعاقة غير قادرين/ات على الوصول إلى المركز بسبب الطرق المتضررة والأنقاض. وخلال هذه الفترة، ساءت حالة الأشخاص التي كانت تتلقى المساعدات النفسية. ومع ذلك، نواصل تقديم بعض الخدمات للأشخاص ذوات/ ذوي الإعاقة من خلال المنظمات الحليفة. وقمنا بتزويد أشخاص من ذوات/ ذوي الإعاقة بالأجهزة والمعدات التي فقدوها خلال الأزمة، ولجأنا إلى طرق بديلة لتقديم النصح والمشورة لهم/هن من خلال الهاتف ومجموعات تطبيق الواتساب.
وبعد أسابيع قليلة فقط من وقف إطلاق النار، ما زلنا نقدم المشورة الهاتفية، والإسعافات النفسية الأولية، وحقيبة الكرامة التي تلبي الاحتياجات الأساسية للمرأة، حيث غادرت الكثير من النساء منازلهن دون أن يتمكن من حمل أي شيء. كما أننا نقوم بالعلاج الجماعي ونواصل تقديم خدمات الحمل وما بعد الولادة. بالإضافة، فإننا نجري جلسات توعية شخصية وعبر الإنترنت حول الوقاية من مخلفات الحرب، حيث ان هذا أمر بالغ الضرورة الآن. كما قدمنا الدعم لخمسين رجلًا يعيشون في محيط المركز ويعانون من اضطرابات نفسية لاحقة للصدمة. وبينما نحاول استئناف خدماتنا العادية، فإن هناك حاجة إلى خدمات إضافية نتيجة للحرب والدمار.
وفي الوقت نفسه، نحاول أيضا تقديم الدعم النفسي للمستجيبات والمستجيبين في الخطوط الأمامية. هم بحاجة إلى المشورة والدعم ليتمكنوا من الاستمرار ومن مساعدة الآخرين. وكقوى عاملة في الهلال الأحمر لقطاع غزة وكأفراد، تأثرنا تأثرًا شديدًا أيضًا بالأوضاع، تمامًا مثل أي شخص آخر. لقد عانينا من الخوف، سواء بسبب حالات النزوح أو حالات التهجير القُصري. وذلك بخلاف معاناة الكثير من عدم الوصول إلى المياه والكهرباء والإنترنت في منازلهم/هن.
على الصعيد الشخصي، قمت باستضافة ثلاث عائلات نازحة في المنزل. تم استهداف منطقتنا لليلتين متتاليتين. تم إبلاغ السكان في المنطقة أن بنايات بأكملها، التي تقع بالقرب من محطة وقود، سيتم قصفها. كانت هذه تجربة مخيفة للغاية. في الليلة الأولى، انتشر تحذير من قصف وشيك على الإنترنت ومن قبل إحدى الفضائيات. قمنا بإخلاء منازلنا في الشارع بأكمله، بقينا في منازل الآخرين حتى الصباح. في الليلة الثانية سمعنا أيضًا أنه قد يكون هناك هجوم. لقد كان مخيفًا جدًا. ابنتاي وزوجي ما زالوا يعانون من صدمة تلك الليلة. كان الأمر صعبًا علينا جميعًا. عانينا كثيرًا بسبب خوفنا وقلقنا على أطفالنا مما جعلنا ننسى أنفسنا.
حاليًا، يجب علينا أن نقدم المزيد من الدعم للنساء، بما في ذلك المستلزمات الصحية والأدوية والدعم النفسي والعلاج الطبي. فقد الكثير من الناس منازلهم/هن وليس لديهم/هن شيء الآن. الكثيرون بحاجة إلى مساعدة نقدية غير مشروطة، لا سيما الأشخاص الأشد حاجة إلى شراء الملابس والمواد الأساسية لأطفالهن. إن كوبونات الطعام ليست كافية.
ولا ننسى الحق في التمتع بالسلام والأمن وجميع الحقوق التي يتمتع بها الآخرون في جميع أنحاء العالم.