التخلص من الممارسات التمييزية في فلسطين من خلال الاستدامة البيئية
التاريخ:
المؤلفة: ريم عقل
القاهرة، مصر ــ روان رجب، 22 عامًا، من قرية كفر اللبد، محافظة طولكرم، في الضفة الغربية، هي امرأة فلسطينية أحدثت تأثيرًا كبيرًا في مجتمعها من خلال مشروعها "بلو ستون" المراعي للبيئة. أدى شغفها بالبيئة ورغبتها في إحداث تأثير إيجابي إلى إنشاء ورشة خاصة بها لإعادة تدوير الزجاج، حيث تحوّل الزجاج المستخدم إلى أحجار صديقة للبيئة.
ولا يقتصر شغف روان بالاستدامة البيئية على مشروعها الصغير فحسب، بل إنها تشارك أيضًا بصورة فعالة في المبادرات التي يقودها المجتمع المدني مع النساء في مجتمعها، وأصبحت مدافعة قوية عن المساواة المبنية على النوع الاجتماعي وتمكين المرأة اقتصاديًا. تعرفت روان على برنامج هيئة الأمم المتحدة للمرأة المشترك المعني بتعزيز العمل الإنتاجي والعمل اللائق للمرأة في مصر والأردن وفلسطين من خلال حملة توعية ومناصرة حول مشاركة الشابات في القطاعات غير التقليدية، نظمتها جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية. انطلقت الحملة في يناير من عام 2022، وتضمنت حوارات توعية مجتمعية بقيادة شباب من النساء والرجال، ومنهم روان.
ومن خلال هذه الحملة، تم الوصول إلى 87,332 شخصًا، نصفهم تقريبًا من النساء، من ضمن مجموعة واسعة من الشابات والشباب من المجتمع المحلي والذين اكتسبوا معارف ومعلومات عن الأدوار المبنية على النوع الاجتماعي والتكافؤ في إمكانية الوصول إلى الفرص الاقتصادية. وخلال إحدى الجلسات الحوارية، أدركت روان وأفراد مجتمعها أنها تقود مبادرة ريادية في غاية الأهمية، خاصة عندما شاركت في هذه الحوارات مع كل من النساء والرجال. وأعارت روان أذنًا صاغية لأفكار المجتمع وسلوكياته، مما أثر على وجهات النظر حول كل من عملها وأهمية مشاركتها في مجتمعها. ومنذ ذلك الحين، بدأت روان تنظر بشكل مختلف إلى عملها ومشروعها.
وعن رحلتها التي بدأتها عام 2020 كرائدة أعمال تقول روان: "خلال فترة الجائحة، ومع بدء العالم في التحول إلى المنصات الرقمية، بدأت في الالتحاق بدورات عبر الإنترنت حول إدارة الأعمال وتنظيم المشاريع. وفي الفترة نفسها، ونتيجة للحجر الصحي، كان تأثير السلوك البشري على كوكبنا واضحًا، وأصبح حديث عام. وهكذا جائتني فكرة القيام بشيء من شأنه أن يساعد البيئة".
استحضرت روان قصة من طفولة شقيقها، وكيف أصيب ذات مرة في قدمه بزجاج مكسور أثناء اللعب في الشارع، الأمر الذي دفعها إلى الخوض في مجال إعادة تدوير الزجاج وصناعة الأحجار.
واجهت روان العديد من التحديات لتحويل حلمها إلى حقيقة، مثل القيود المالية والأعراف الاجتماعية التمييزية. ولكن هذا لم يمنعها، وبتمويل صغير حصلت عليه من إحدى المنظمات الدولية، بدأت روان في إنشاء ورشة إعادة تدوير الزجاج الخاصة بها على بعد 50 مترًا فقط من منزلها. تعمل الورشة على تحويل الزجاج المستخدم إلى أحجار صديقة للبيئة، وهي عملية لا تقلل من البصمة الكربونية فحسب، بل تخلق أيضًا مصدرًا مستدامًا لمواد البناء.
توظف الورشة فريقًا مكونًا من أربعة أفراد: روان ووالدها وشقيقها ومدير وسائل التواصل الاجتماعي، الذين علمتهم روان كيفية إعادة التدوير وصنع الأحجار، وبذلك ساهمت في خلق فرص عمل في مجتمعها.
وعلى الرغم من دعم عائلة روان لمسيرتها المهنية ومشروعها، المتمثل في ريادة الأعمال، إلا أنها واجهت مقاومة وانتقادات من الرجال في مجتمعها، الذين شككوا في قدراتها ومهاراتها. وبينما كان إثبات نفسها في السوق واكتساب المصداقية صعبًا في البداية، فإن المعرفة التي اكتسبتها من خلال البرنامج المشترك حول المساواة المبنية على النوع الاجتماعي والتمييز المهني القائم غالبًا على أساس النوع الاجتماعي، والذي يمكن أن يؤدي إلى عدم المساواة، ساعدتها على الالتزام بهدفها.
وأصبحت روان أكثر وعيًا وإدراكًا لدور النساء الأخريات داخل قريتها، لا سيما النساء اللاتي يعملن في أعمال غير تقليدية. ومن ثم، بدأت مبادرة فرز الزجاج والعمل مع كل من النساء والرجال في قريتها بهدف زيادة الوعي والمشاركة على قدم المساواة في جهود إعادة التدوير.
وعلى إثر ذلك، تمكنت روان من رفع مستوى الوعي وتعزيز الممارسات المستدامة داخل مجتمعها، مؤدية بذلك إلى مساهمة المزيد من النساء مشاركتهن في المبادرة من خلال التبرع بالزجاج المستخدم لورشتها. وبفضل المبادرة، أصبح هناك 10 مراكز لفرز الزجاج في كفر اللبد، تساعد على الحد من الأثر البيئي الناجم عن التخلص من النفايات الزجاجية.
ومن خلال عملها، حققت روان قدرًا كبيرًا من التواصل والتوعية، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى مشاركتها في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP27 لعام 2022 في شرم الشيخ، مصر. كما تمكنت من إعادة تدوير ثلاثة أطنان من الزجاج في عام 2022 وحده.
يمثل مشروع روان نموذجًا للتنمية المستدامة يحفز النساء والرجال في مجتمعها على المساهمة في استدامة البيئة والمجتمع والنهوض بهما. ومن خلال توفير التدريب ومبادرات التوعية، فهي تأمل في تغيير الصور النمطية للتمييز المهني وإلهام المزيد من النساء ليصبحن قائدات في مجال التنمية المستدامة ويحدثن تحولًا في مجتمعاتهن.
أتاح الدعم التمويلي الذي تقدمه حكومة السويد قيام البرنامج المشترك "تعزيز العمل الإنتاجي والعمل اللائق للمرأة في مصر والأردن وفلسطين" الذي تنفذه هيئة الأمم المتحدة للمرأة ومنظمة العمل الدولية.
ساهم كل من ليمونيا فوكايدو، وهديل ناصر، وموسى خليل، وماندي ساحلية في هذا المقال.