مساعدة الناجين والناجيات من العنف في التماس العدالة من خلال خدمات العلوم الجنائية في فلسطين

يسعى المختبر الوحيد للعلوم الجنائية في الضفة الغربية، وهو ركيزة حيوية في نظام العدالة والأمن، إلى تحقيق العدالة للناجين والناجيات من العنف. ويقوم مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة من خلال برنامج "حياة" المشترك بتدريب فنيي وفنيات المختبر الجنائي للمساعدة في زيادة احتمالية التعرف على ومحاسبة مرتكبي أعمال العنف.

التاريخ:

المتدربة في المختبر الجنائي الفلسطيني، روان طمالية تجري فحصًا مجهريًا في رام الله بالضفة الغربية 2019. الصورة: برنامج حياة المشترك/سمر حزبون.

يعد العنف، وخاصة ضد النساء والفتيات، انتهاكًا منهجيًا عالميًا لحقوق الإنسان، وقد ازدادت وتيرته منذ بدء جائحة كوفيد-19. فعلى الصعيد العالمي، تعرضت 243 مليون امرأة وفتاة تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عامًا للعنف الجنسي و / أو الجسدي على يد الشريك في العام الماضي. وفي الضفة الغربية وقطاع غزة، تعرضت واحدة من كل ثلاث نساء للعنف من قبل أزواجهن، وتعرضت 44 في المئة من الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 12 و17 عامًا للعنف الجسدي، وفقًا لدراسة أجراها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

يسعى مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) من خلال برنامج حياة المشترك إلى تغيير هذه الحقائق المفجعة من خلال تطوير خدمات العلوم الجنائية. وبتمويل من حكومة كندا وتنفيذ مشترك بين هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة (UN Women) وصندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA)ومكتب الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN-Habitat) ، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة(UNODC) ، يسعى برنامج "حياة" المشترك إلى القضاء على العنف ضد النساء والفتيات في الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي هذا السياق، يعمل مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة مع مؤسسات العدالة لتعزيز قدرة خدمات العلوم الجنائية عند التحقيق في قضايا العنف وتحسين هذه الخدمات للمساعدة في تحقيق العدالة للناجين والناجيات.

تقوم فرق التحقيق في مختلف المحافظات في جميع أنحاء الضفة الغربية بجمع الأدلة الجنائية، وتصنيفها، وحفظها، ونقلها إلى المختبر الجنائي الفلسطيني. اُفتتح المختبر في عام 2016، ويستخدم المختبر التكنولوجيا الحديثة والعلوم في التحقيقات الجنائية لفحص الأدلة التي يتم جمعها من مسارح الجريمة أو جثث الناجين والناجيات من العنف، ثم يتم تقديم هذه الأدلة إلى المؤسسات العدلية، لإثبات الجريمة والمساعدة في التعرف على الجاني. وباعتباره المختبر الوحيد للعلوم الجنائية في الضفة الغربية، سيكون عمله حاسمًا في القضايا الجنائية، مثل الاعتداءات الجنسية أو القتل.

إن جميع العاملين والعاملات في المختبر الجنائي من أفراد الشرطة الفلسطينية التابعة لوزارة الداخلية. ويعمل المختبر مع دوائر التحقيق والنيابة العامة والمحاكم لتحقيق العدالة.

روان توماليه، متدربة في المختبر الجنائي، وتبلغ من العمر 29 عامًا، وتعمل في المختبر الذي تقول إنه يلعب دورًا حاسمًا لتحقيق العدالة للناجين والناجيات من العنف. وفي العام الماضي وحده، استقبل المختبر أكثر من 1690 قضية.

فتقول روان "العمل في المختبر الجنائي زاد من ثقتي في القضاء الفلسطيني ونظام العدالة".

ففي حالة مقتل امرأة في حادث إطلاق نار، أثبت المختبر الجنائي أن الرصاصة أُطلقت من مسدس يملكه أحد أفراد الأسرة، مما سمح للقبض على الجناة وتحقيق العدالة للضحية. تقول روان إن هذا مجرد مثال واحد من العديد من القصص التي توضح مدى أهمية عمل المختبر الجنائي. تقول روان: "بدون المختبر الجنائي، من الممكن إسقاط جميع القضايا المرفوعة ضد مرتكبي أعمال العنف". "سوف يهربون من العقاب، وستضيع حقوق الناجيات".

منذ عام 2019، أشرف مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، من خلال برنامج حياة المشترك، على إنشاء قسم جديد لفحوص المسح البيولوجي داخل المختبر الجنائي. ومن خلال التدريب المتخصص الذي بدأ في تموز/يوليو 2020، أصبح المتدربون والمتدربات أكثر مهارة في إجراء فحوص الأدلة البيولوجية، لتوفير أدلة علمية لقطاع العدالة. كما تم تدريب 25 مستجيب/ة أول في الشرطة الفلسطينية من ضمنهم ضباط مسرح الجريمة، وحماية الأسرة على التعامل مع الأدلة الجنائية وكيفية التعامل معها.

سيستمر التدريب في عام 2021، وتقول روان إنه ساعدها وزملائها الآخرون على تعلم كيفية استخدام المعدات، وإجراء الفحوص، والحفاظ على الأدلة البيولوجية بشكل صحيح. وسيؤدي ذلك إلى زيادة تعزيز قدرة الشرطة والقضاء الفلسطيني على محاسبة مرتكبي جرائم العنف الجنسي والمبني على النوع الإجتماعي في الضفة الغربية. تقول روان: "يساعدنا التدريب على أن نكون على قدرة على دعم الناجين والناجيات من العنف، بمن فيهم النساء والأطفال، وإجراء فحوص الأدلة البيولوجية لتحقيق العدالة لهم/ن".

ترى روان، أن العنف سينتهي عندما تحافظ الأعراف الاجتماعية السائدة على كرامة الإنسان وحقوقه دون تمييز. فإنهاء العنف ليس مجهودًا جماعيًا فحسب، بل هو جهدًا فرديًا أيضًا، تشرح روان. وهذا ما يحفزها في عملها. "يمكن استخدام الجهود الفردية كأداة للتغيير الجماعي، والضغط من أجل إجراء التعديلات القانونية لضمان السلامة والأمن وتقرير المصير للمجتمع." أمل روان في المستقبل هو إنهاء حالات العنف في بلدها وحول العالم.