على لسان هنية سالم أبو خريس: "بعد تحرير مدينة سرت من احتلال تنظيم داعش، كنت مصرة على إعادة بناء المدينة من جديد"

التاريخ:

بعد سنوات من الصراع واحتلال داعش، تضررت البنية التحتية في سرت بشدة. تقود هنية سالم أبو خريس، وهي عضوة المجلس البلدي، جهود إعادة الإعمار في المدينة. مصدر الصورة: بندالا.

هنية سالم أبو خيريس هي عضوة في شبكة المرأة الليبية لبناء السلام، وهي مجموعة تدعمها هيئة الأمم المتحدة للمرأة وتمثل طيفًا واسعًا من النساء في المجالات الاجتماعية والسياسية والجغرافية وعلى مستوى الأجيال المختلفة حيث تعمل هذه المجموعة على تحقيق السلام في ليبيا والتي تشتت بسبب الحرب. في عام 2014، كانت هنية هي المرأة الوحيدة المنتخبة لمجلس بلدية سرت، إلا أن تنظيم الدولة الإسلامية قد احتل المدينة بعد ذلك بوقت قصير. منذ تحرير هنية من التنظيم المتطرف في عام 2016، فإنها تقود الجهود المبذولة لإعادة الإعمار في المدينة.

كانت عملية إجراء الانتخابات البلدية هي إحدى المستجدات السياسية في ليبيا بعد ثورة 2011، وهي أول محاولة كبرى للانفصال الواضح عن الماضي في الحكم المحلي وخطوة نحو تحقيق الديمقراطية ولأول مرة على الإطلاق، تم تخصيص قانون الإدارة المحلية واحدًا على الأقل من بين سبعة مقاعد بلدية للنساء وواحد للأشخاص ذوي/ذوات الإعاقة. بخلاف ذلك، كان من الشائع تفسير أن جميع المقاعد الخمسة الأخرى مخصصة للرجال. على الرغم من أن نسبة الرجال إلى النساء لا تزال غير عادلة بشكل كامل، إلا أنه على الأقل تم تحديد الآن حصة تضمن مقعدًا واحدًا على الأقل للنساء، ولذلك قررت هنية الترشح لهذا المقعد في عام 2014.

لم تكن هناك منافسة شرسة بين المرشحات حيث قامت النساء الأخريات بحملات إعلامية ضعيفة لأن الجمهور لم يكن معتادًا على رؤية ملصقات للمرشحات النساء في الشوارع، ولم يجرؤ أي منا على وضع لوحات إعلانية تجسد وجوهنا. بينما كانت المرشحات الأخرات يديرن حملاتهن على الراديو ووسائل التواصل الاجتماعي، قررت هنية زيارة بعض المدارس والتحدث إلى المعلمات والمعلمين والطالبات والطلاب حتى تفهم متطلبات ومخاوف هذه المجموعة وحتى تستطيع إبلاغ أصواتهم. صرحت هنية قائلة: " كنت سعيدة ومتحمسة للغاية عندما فزت بهذا المقعد. وقبل أن أبدأ عملي في البلدية بوقت قصير، استولى تنظيم داعش على مدينة سرت، وكجزء من حكم البلد والسيطرة عليها، قامت الجماعة بنشر الخوف والرعب في قلوب الشعب الليبي من خلال قطع الرؤوس العلنية، بما في ذلك النساء والأطفال وكبار السن.

بدلاً من تركيزي في المساعدة في إدارة المدينة، وجدت نفسي غير قادرة حتى على مغادرة المنزل وحدي دون أن يرافقني قريب ذكر، حيث أُمرت النساء من قبل داعش بارتداء النقاب أو مواجهة الضرب والتعرض لللعقاب العلني.

لحسن الحظ، تم تحرير مدينة سرت من التنظيم المتطرف عام 2016.

لم أتمكن من بدء وظيفتي إلا في عام 2017، أي بعد ثلاث سنوات من انتخابي. كنت متحمسة للغاية ولكنني شعرت أيضًا بمسؤولية كبيرة. بعد أن حكمنا داعش بقسوة، احتجنا إلى إعادة الحياة إلى المدينة وسكانها وكنا بحاجة إلى إحياء مؤسسات وخدمات المدينة. لقد شعرت بسعادة غامرة لكوني جزءًا من هذا التحول، لكن هذا لم يكن سهلاً بالنسبة لامرأة.

تم رفضي من قبل عدة منظمات دينية في سرت لمجرد أنني امرأة وكانت مشكلتي الكبرى هي كيفية توصيل قدرتي وامتلاكي المكانة نفسها أمام الأعضاء الذكور في اللجنة البلدية: فأنا عضوة منتخبة ولدي حقوق وعلي واجبات ومع دعم القانون إلى موقفي، تمكنت من ممارسة حقي في خدمة سكان المدينة.

منذ عام 2017، عملتُ في العديد من المشاريع البلدية بما في ذلك قطاع الصحة والسلامة العامة والعمل والشؤون الاجتماعية. وقد تم إجراء العديد من الحوارات لبحث احتياجات المرأة وكيفية تحقيق مطالبها من خلال المجلس البلدي. الأهم من ذلك، لقد كنت مسؤولةً عن الملف الأكثر أهمية وتحديًا وهو: الهندسة المعمارية وإعادة الإعمار، مما سمح لي بالعمل على إعادة التأهيل الحضري. بعد ثورة 2011 واحتلال داعش، تم تدمير جزء كبير من البنية التحتية العامة للمدينة، إلا أن الشعب الليبي كان مُصر على إعادة بناء المدينة وإحيائها بطريقة تعكس احتياجات جميع سكانها، بمن فيهم النساء والشابات والشباب.

ربما كان التحدي الأصعب الذي واجهته هو عندما قدم أعضاء المجلس الخمسة عريضة لتقويض تعييني في حقيبة إعادة الإعمار ولكن مرة أخرى، مع دعم القانون لصالحي، واصلت العمل في المشروع.

من خلال عملي، أريد أن أظهر أن المرأة الليبية قادرة على القيادة والمشاركة بفعالية في صنع القرار. فإن مشاركة المرأة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية أفضل طريقة لتحدي الآراء النمطية التي تنكر قدرة المرأة على القيادة.

لتحقيق السلام والانتقال نحو الديمقراطية، تحتاج ليبيا إلى تعزيز مشاركة المرأة في جميع جوانب بناء السلام والانتقال والحكم. فإن التحدي الأكبر الذي يواجهنا هو أن النساء ما زلن يواجهن العديد من العقبات في الوصول إلى المهارات الأساسية اللازمة للانخراط في المؤسسات السياسية والإدارية. هذه قضية محورية وتحتاج إلى العمل على علاجها الأن أكثر من أي وقت مضى: كيفية تمكين المرأة – والتي تشكل نصف المجتمع - لتكون جزءًا من جهود بناء السلام وإعادة الإعمار ".