في لبنان، العلاج بالفن يساعد النساء والفتيات في التغلّب على مشاكل عدم المساواة بين الجنسين الراسخة

التاريخ:

من اليسار إلى اليمين: ملاك شاكيش وهدى خلف وريم بقاعي وإيمان عكو وياسمين عكاري وربيعة شاكيش وميرا بقاعي شقرا في "الغد هو يوم أفضل" – حقوق الصورة محفوظة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة - رمزي حيدر، دار المصوّر.

حاملة مولودها الحديث، تشّق الشابة اليافعة طريقها إلى المسرح وخلفها شابّات أخريات تجمّعن حولها ينتظرن الكشف عن جنس مولودها. وحين يدركن أن المولود الحديث هي فتاة، تتحوّل الهتافات شيئًا فشيئًا إلى بكاء.

 يُقدَّم هذا العمل الفني على مسرح "أبجد"، وهو مركز اجتماعي في مدينة طرابلس في شمال لبنان، أمام جمهور مؤلف من نساء وفتيات لبنانيات وسوريات أصغرن في الثالثة عشرة ، قَدمن من أحياء عدة في طرابلس، من بينها التلّ وجبل محسن والقبّة وأبو سمرا والمينا.

يعد هذا العرض أحد العروض الهادفة إلى إلقاء الضوء على الممارسات المؤذية المتعلّقة بعدم المساواة بين الجنسين والتي تتناول موضوعات عدّة كالتمييز القائم على النوع الاجتماعي في التعليم والضغط الاجتماعي الذي يمارسه الأصدقاء والزواج المبكر والإتجار والحمل المبكر، وقد اُستوحيت قصة هذا العرض من قصص حقيقية شاركتها مجموعة من الفتيات المراهقات. تستخدم العروض مقاربة العلاج بالفن، ممّا يمكّن النساء والفتيات من التعبير عن أنفسهن بحرّية بالإضافة إلى التعبير عن مشاعرهن على نحو بناء، فيساعدهن ذلك على التحكّم بالقلق والتعامل مع الصدمات وتطوير مهاراتهنّ للتغلّب على عدم المساواة بين الجنسين وعلى القيم والتقاليد التمييزية المتجذرة والتي تؤثّر في حياتهن.

سارة هي لاجئة سورية في الثامنة عشرة من عمرها وتقيم مع عائلتها في طرابلس، وهي إحدى المشاركات في هذا العمل المسرحي التفاعلي مع شقيقتها ياسمينة، التي تبلغ الثانية عشرة من عمرها، تقول سارة "غيّرت دروس التمثيل حياتي؛ فلم تساعدني على كسب الثّقة في نفسي فقط، بل ساعدتني على اكتشاف قضايا النوع الاجتماعي في مجتمعنا، أيضًا".

تعدّ مسرحية "الغد هو يوم أفضل"، التي شاركت فيها تمثيلًا، نشاطًا من نشاطات كثيرة تشملها مبادرة "هي تستطيع" التي تهدف إلى تعزيز تمكين النساء والفتيات اقتصاديًا وتعزيز حمايتهن في لبنان. تموّل "هيئة الأمم المتحدة للمرأة" هذه المبادرة بدعم سخيّ من حكومات اليابان والنرويج وفنلندا. وتنفّذ منظمة كير الدولية هذا البرنامج، بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية، منذ آب/أغسطس 2019.

سارة، إلى أقصى اليمين، مع أستاذة المسرح وشقيقتها بعد نهاية العرض. حقوق الصورة محفوظة لمنظمة كير الدولية.

أتاحت هذه العروض التفاعلية لسارة فرصة القيام بجولة في لبنان وإدراك المزيد عن أهمية تمكين النساء والفتيات اللواتي يدفع بهن المجتمع، وكذلك يدفع الرجال والفتيان، للعيش وفقًا للصوّر النمطيّة. وأضافت "أثناء التحضير للعرض المسرحي، أدركت أن كل شيء ممكن، وأنني أستطيع اختيار مسار حياتي وأستطيع تحسين حياتي. أريد أن أبلور مسيرتي المهنيّة الذاتية وأحلم بأن أصبح مضيفة طيران".

إن سارة وشقيقتها ياسمينة من بين ثلاث عشرة شابة يؤدّين العروض في إطار هذه النشاطات المسرحية التفاعليّة. وشمل جمهور العروض في طرابلس فتيات ونساء لبنانيات وسوريات استطعن لاحقًا التفاعل مع المؤدّيات ومناقشة الموضوعات التي تم تقديمها على خشبة المسرح.

من خلال جلسات العلاج بالفنّ التعبيري والإنتاجات المسرحية التي قدّمت في طرابلس وعكار وبيروت، والتي حضرها إلى الآن ثمانمائة وثمانون امرأة وفتاة، يهدف المشروع إلى المساهمة في إعادة تعزيز الحوار وإشراك الفتيان والرجال، كمناصرين من أجل تحقيق التغيير، على صعيد المجتمع.

يبيّن هذا البرنامج كيفية تطبيق المقاربات المبتكرة للمساعدة على إحداث تغيير إيجابي في حياة النساء والفتيات المهمّشات.

"الغد هو يوم أفضل" عرض تفاعلي أقيم في مسرح أبجد، طرابلس، باب التبانة، لبنان، يسلط الضوء على التأثير الضار لعدم المساواة بين الجنسين. حقوق الصورة محفوظة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة - رمزي حيدر، دار المصوّر.