العراقية التي ساعدت في إعادة دمج العائلات المتهمة بالانتماء إلى "داعش" في مجتمعاتهم المحلية

التاريخ:

Zainab Qassim, a mediator with Sanad for Peacebuilding. Photo: Courtesy of Zainab Qassim
زينب قاسم، وسيطة ومختصة في بناء السلام تعمل لدى مؤسسة مسارات السلام  غير الحكومية، الصورة: بإذن من زينب قاسم

بين عامي 2014 و 2017 ، شهد العراق أزمة نزوح على نطاق وطني غير مسبوق، حيث نزح أكثر من 5 ملايين شخص، أي ما يقرب من 15٪ من سكان العراق، بسبب احتلال تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) العنيف والحملة العسكرية لتحرير المناطق من سيطرة الجماعة المتطرفة.

استهدف التنظيم الأقليات العرقية والدينية بالعنف الوحشي الذي تسبب في نزوح مجتمعات بأكملها، لا سيما في سنجار وسهل نينوى حيث تعيش المجتمعات اليزيدية والمسيحية تاريخياً. وفي حين أن الفظائع التي ارتكبت ضد الأقليات كانت من بين الأكثر  فظاعةً في هذه الفترة، فإن غالبية النازحين هم من العرب السنة المنحدرين من محافظات العراق الغربية والشمالية.

أدى هجوم داعش واحتلالها إلى تقسيم المجتمعات إلى مجموعتين عريضتين: من ناحية، هناك أولئك الذين فروا عند وصول داعش واحتلاله، وأحيانًا شاركوا في الحملة العسكرية لاستعادة الأراضي من الجماعة المتطرفة. ومن ناحية أخرى من ظلوا تحت احتلال تنظيم الدولة الإسلامية وهُجروا عندما بدأت الحملة العسكرية ضده.

بالنسبة لأولئك الذين بقوا وعاشوا تحت سيطرة داعش، تختلف المجتمعات في تصورهم لما "مستوى" أو "نوع" التعاون الذي يبرر اتهامهم بالانتماء إلى التنظيم. على الرغم من أن بعض السكان في المناطق التي احتلها داعش تعاونوا بلا شك مع الجماعة المتطرفة، إلا أن هذا التعاون كان متنوعًا للغاية، وتراوح من مجرد دفع الضرائب التي فرضها داعش إلى ارتكاب أعمال عنف مروعة تحت راية التنظيم. عادة ما يستند الاتهام بالانتماء إلى داعش إلى تصور مجتمعي للأشخاص الذين لعبوا أدوارًا معينة في ظل داعش أو ارتكبوا جرائم خطيرة بإسم التنظيم. وعادة ما يمكن لهذا التصور أن يطال عائلات بأكملها، وليس فقط الأفراد المعنيين، وقد يمتد ليصل الأقارب البعيدون.

ينطوي التصور بأن أسرة ما تدعم داعش على تداعيات خطيرة على فرص العودة. غالبًا ما تجد العائلات ذات الانتماء المتصور للجماعة ممانعة لعودتها من قبل الجهات الأمنية، وتتعرض لرفض المجتمع والوصم، وهي معرضة بشدة لخطر الهجمات الانتقامية والعنف. كما تكون النساء العائدات إلى المجتمعات المتضررة من داعش أكثر عرضة لخطر العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، لا سيما العائلات التي ترأسها النساء وتلك الموجودة في المناطق الريفية.

بين عامي 2015 و 2020، وقعت العديد من المجتمعات في جميع أنحاء العراق اتفاقيات سلام محلية تهدف إلى إرساء أسس علاقات مستقبلية سلمية بين النازحين داخليًا الذين يتهمهم بعض أفراد المجتمع والجهات الأمنية بالوقوف إلى جانب داعش ومجتمعاتهم المحلية. ومن بين أعضائها من رفض داعش أو حارب ضده أو وقع ضحية لممارساته. كان أحد المكونات الرئيسية لكل اتفاقية سلام هو تسهيل عودة النازحين المتهمين بالانتماء إلى داعش من المخيمات إلى مجتمعاتهم المحلية.

في الحويجة، غرب كركوك، كانت عملية التفاوض الرسمية بشأن اتفاقية السلام عبارة عن مشروع ذكوري تقريبًا. مع ذلك، وبالتزامن مع المفاوضات الرسمية، التقت زينب قاسم، الوسيطة مع منظمة سند لبناء السلام غير الحكومية، بنساء من كلا الجانبين، أي  نساء من عائلات متهمة بدعم داعش ونساء من عائلات ضحايا التنظيم المتطرف، للتفاوض على شروط السماح للنازحين المتهمين بالانتماء إلى داعش بالعودة. وقد منح ذلك النساء من الأطراف المتعارضة الفرصة للتعبير عن مظالمهن والدخول في حوار وتطوير مواقف أكثر استنارة. نتيجة لهذه المفاوضات، غالبًا ما طورت النساء مواقف أكثر تعاطفًا وتمكنَ من رؤية السبل للوصول إلى اتفاق. كانت هذه المشاركة حيوية لأنه  على الرغم من أن المفاوضات الرسمية شملت الرجال فقط، ما لم تقبل النساء بالاتفاقية، فلن يكون من الممكن تنفيذها، كما أوضحت زينب.

"غالبًا ما تركز النساء اللواتي يشاركن في هذه المفاوضات عن جانب "الضحية" على الانتقام؛ حيث يكون لديهن شعور قوي لأن أزوجهن أو آباءهن أو أبناءهم هم الذين قُتلوا على يد داعش. لذلك فمن المهم أن نفهن بحق، وأن يشعرن أنك تفهمهن، قبل أن تتمكن من مناقشة ما يحاول الاتفاق القيام به. يتم التفاوض على عقد اتفاق السلام من قبل زعماء القبائل، ولكن النساء هن في واقع الأمر من يؤيد الاتفاق أو يعارضه، ولن يكون الاتفاق ذا معنى إلا إذا كن على استعداد لقبوله."

كما أشارت زينب أيضًا إلى أنه من المهم بنفس القدر التأثير على مواقف وسلوك النساء أثناء المفاوضات، لأن التوصل إلى اتفاق ناجح يعتمد على "كيفية تصرف الناس كل يوم أثناء التفاوض،  وليس فقط ما يحدث على طاولة المفاوضات."

وأوضحت أنه "غالبًا ما تحاول النساء تغيير المواقف والسلوكيات أثناء إجراء المفاوضات، لأنه إذا تمسك شخص ما بموقف سيء، فسيكون من المستحيل التوصل إلى حل. فعلى سبيل المثال، كانت هناك امرأة قوية في بلدة القيارة شاركت في الوساطة [من أجل عقد اتفاق السلام]، وكلما سمعت النساء يتحدثن بشكل سيء عن الأسر المنتسبة إلى داعش، كانت تطلب منهن التوقف... فالنزاعات تعد أمرًا شخصيًّا للغاية ومتعدد الطبقات، والسلام يتطلب أيضًا طبقات متعددة. ليس صياغة وتوقيع اتفاقيات السلام رفيعة المستوى فحسب، ولكن أيضًا التعامل مع النساء من كلا الجانبين للحصول على موافقتهن وقبولهن."

لمعرفة المزيد عن كيفية قيام النساء في العراق بالتوسط في قضايا المصالحة ما بعد الصراع، يرجى الاطلاع على تقريرنا الجديد.