التدوير وإعادة التدوير وجعل لبنان أكثر نظافة

التاريخ:

كارولين شبطيني، 39 عامًا، فنانة تعمل في مجال إعادة التدوير، حاصلة على ثلاثة أرقام قياسية في موسوعة غينيس، في عام 2020. على الرغم من أنها لا تعتبر نفسها ناشطة بيئية، فقد ألهم عمل شبطيني العديد من الشباب والشابات لإيلاء المزيد من الاهتمام لإدارة النفايات والانضمام إلى مبادرات إعادة التدوير.

Caroline Chaptini holds her Guinness World Records certificate at her home in Lebanon. Photo: UN Women/Lauren Rooney

كارولين شبطيني. تصوير: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/ لورين روني

بدأ اهتمام شبطيني بإعادة التدوير قبل بضع سنوات، عندما أرادت أن تفقد بضعة الكيلوغرامات الزائدة وتم نصحها بشرب الكثير من المياه. "احتفظت بزجاجات المياه الفارغة - 500 زجاجة - في صندوق. اتصلت بالعديد من المنظمات التي تعنى بجمع النفايات البلاستيكية، لكنها لم تأتِ. كان ذلك قبيل عيد الميلاد، فقررتُ أن أنفّذ شجرة منزلية لعيد الميلاد مستخدمة الزجاجات البلاستيكية وبمساعدة ابنتي صوفي. أعجب الزوار بالنتيجة وشجعونا على تنفيذها على نطاق أوسع، وهذا ما قررتُ القيام به، بعد بضعة أشهر".

سرعان ما بدأت شبطيني بالقراءة عن التأثير الهائل للبلاستيك على البيئة، بما في ذلك الحياة البحريّة، وقد صدمتها المعلومات حقا. سيحقق المشروع الذي أطلقته الاعتراف الدولي للبنان وسيساعد في الحفاظ على نظافة المجتمع.

كان تسجيلها لأول رقم قياسي عالمي مهمة صعبة، ذلك أنها لم تكن تملك المال ولم تعرف كيف تحقّق حلمها. ذات يوم استجمعت شجاعتها "قلتُ لنفسي، كارولين! أنت لبنانية وأنت امرأة لذا يمكنك فعل أي شيء!" لقد لجأتُ إلى وسائل التواصل الاجتماعي ونشرتُ قصصًا على منصة انستغرام حول مشروعي، وطلبت من الناس أن يرسلوا لي زجاجات مياه فارغة، بدلًا من رميها".

تفاعل الناس في جميع أنحاء لبنان مع قصتها وحثوا شخصيات معروفة حاضرة على وسائل التواصل الاجتماعي على دعمها. قامت بلدية شكا (بلدة ساحلية تقع على بعد 64 كلم من بيروت) بتأمين الميزانية التي تحتاجها شبطيني لشراء المعدن المستخدم في لصق البلاستيك. بغية جمع المزيد من الزجاجات، استأجرَت حافلة ونظمت حملة "جمع الزجاجات البلاستيكية" في بيروت والجنوب والشمال. بمساعدة المجتمع، جمعَت 140000 زجاجة في فترة سبعة أشهر وأكملت شجرة عيد الميلاد الخاصة بها في شكا في غضون 20 يومًا في كانون الأول/ ديسمبر 2019.

بفضل الشجرة التي يبلغ ارتفاعها 28.1 مترًا، سجلت أول رقم لها في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، في 14 كانون الثاني/ يناير 2020،عن فئة أطول منحوتة من الزجاجات البلاستيكية. "قضيتُ عشر ساعات يوميًا في الموقع لإكمال العمل محاطة بمئات المتطوعين والمتطوعات. لقد جمع المشروع الناس معًا".

في غضون أشهر قليلة وبغية الاحتفال بشهر رمضان المبارك وإظهار للعالم إلى أي حد ثمة تنوع في لبنان، صنعَت شبطيني أكبر فسيفساء بشكل هلال من أغطية الزجاجات البلاستيكية. تزامن هذا المشروع مع بدء جائحة كوفيد-19. كان من المستحيل العثور على راعٍ، وكانت مزيارة مسقط رأس شبطيني في حال من الإغلاق الكامل. خلال 30 يومًا، تمكنَت من إكمال هلال بحجم 196.94 متر مربع في باحة بجوار منزلها. لثلاث مرات متتالية، تسبّبت الريح بتفكيك الأغطية وكان على شبطيني في كل مرة أن تعيد القطع إلى مكانها. بفضل هذه الفسيفساء قامت شبطيني بتسجيل ثاني رقم قياسي في موسوعة غينيس، في 30 أيار/ مايو 2020، لأكبر فسيفساء مصنوعة من أغطية القناني.

عندما وقع انفجار مرفأ بيروت في آب/ أغسطس 2020، كان الجميع في حالة من اليأس. تقول شبطيني "أنا أعيش في الشمال، على بعد 95.2 كلم من العاصمة، لكنني كنت حزينة أيضًا وأردت رفع معنويات الناس. لهذا السبب صنعتُ علم لبنان الممتد على مسافة 300.2 متر مربع، وبفضل ذلك تمكّنت من تحقيق الرقم القياسي العالمي الثالث في موسوعة غينيس في 14 كانون الأول/ ديسمبر 2020 لأكبر فسيفساء من المواد القابلة لإعادة التدوير مصنوعة من الزجاجات البلاستيكية. أصبحتُ أول امرأة عربية تقوم بذلك، أن تحمل ثلاثة أرقام قياسية في موسوعة غينيس خلال عام واحد".

تدرك شبطيني تأثير الأعمال البشرية على كوكب الأرض وسكانه وكيف أن الافتقار إلى استراتيجيات إدارة النفايات في لبنان، بما في ذلك النفايات البلاستيكية، يتسبّب في تكبد تكاليف بيئية وصحية عامة ضخمة. تقول شبطيني "يتم التخلّص من معظم البلاستيك الذي يستخدمه البشر في البحر فيتناوله الأسماك التي نأكلها. نفايات البلاستيك لا تلوث البحر فحسب، بل تسبب أيضًا أمراضًا خطيرة لنا نحن البشر".

منذ أن بدأت مشاريعها، غيّر العديد من أفراد المجتمع وجهات نظرهم حول إعادة التدوير. تعتقد شبطيني أن الجيل الشاب حريص على الحفاظ على البيئة الخضراء حيث يبحث عن وسائل بديلة لتحل محل البلاستيك. "إنهم يحتاجون فقط إلى التشجيع" تقول شبطيني وتضيف "لقد دُعيت من قبل جامعات عدة للتعاون معًا في إعادة التدوير من خلال المشاريع الفنية، وأخبرني أساتذة الجامعات أن طلابهم ينظرون إليّ كنموذج يحتذى. في حين أن معرفتي بتغيّر المناخ ضئيلة، لكني أساهم في لعب دور في المجتمع من خلال جمع أطنان عدة من البلاستيك والتبرع بها لجمعية "الأطفال أولًا (كيدس فيرست)" في جبيل، والتي توفّر العلاج الطبي للأطفال دون سن 18 عامًا الذين يعانون من أمراض السرطان وأمراض الدم التي تهدد حياتهم".

تعتقد شبطيني أن الجانب الأكثر إلحاحًا للعمل المناخي في لبنان اليوم هو مكافحة التلوث البلاستيكي. "إذا جمعتُ شخصيًا خمسة أطنان من البلاستيك لكل مشروع، وإذا أنجزت ثلاثة مشاريع سنويًا، فهذا يعني أنه، على المستوى الفردي، يمكنني منع وصول 15 طنًا من البلاستيك إلى الغابات والشوارع والبحر، على مدار عام واحد. إنه لمن دواعي سروري أن أدرك أنني أجعل لبنان أكثر نظافة".

تطلب شبطيني من الجميع أن يتجرؤوا على الحلم، "ليس هناك من مستحيل، قوموا بإجراء تغيير في مجتمعكم، بغض النظر عن أولئك الذين يحاولون أن يوقفوكم." "عندما أطلقتُ مشاريعي الخاصة بإعادة التدوير، كان الناس يشيرون إلي بسخرية ويسمونني أبو إبراهيم مثل الرجل المحترم الذي يقوم بالتنظيف في بلدية مزيارة. كنت أجيب قائلة: 'بما أنني امرأة؛ من فضلكم سمّوني أم ابراهيم!".

"لقد سجلتُ أول رقم قياسي في موسوعة غينيس عن عمر36 عاما. لم أتخيل مطلقًا أنني قد أعمل في إعادة التدوير. منذ ذلك الحين، أعتقد حقًا أنه يمكن ابتكار شيء من لا شيء. قبل عشر سنوات حدث طلاقي. كان الناس يطلقون عليّ اسم "المطلّقة". منذ أن شرعت في هذه الرحلة، أصبحتُ "المرأة التي فازت بالأرقام القياسية في موسوعة غينيس،" ختمت شبطيني كلامها.