ميريام غصوب: "التفكير بالبيئة يؤدي إلى التصرّف على نحو يحمي البيئة"

التاريخ:

ميريام غصوب، 29 سنة، استشارية للشؤون البحثية في المركز الوطني لعلوم البحار. أكملت العديد من الأعمال المتعلقة بالبحوث البحريّة، بما في ذلك تقييم الجودة البيئية للنظام البيئي الساحلي وتقييم خصائص الرواسب البحرية. تؤمن إيمانًا راسخًا بالعلوم، وتسعى إلى فهم التغيرات البيئية العالمية التي تسببها الأنشطة البشرية التي تهدد الأمن المادي والاقتصادي والغذائي للمجتمعات المحلية، فضلاً عن موارد الأعمال التجارية العالمية.

Myriam Ghsoub, 29, analyses lab samples at the National Center for Marine Sciences laboratory in Jounieh, Lebanon. Photo: UN Women/ Lauren Rooney

ميريام غصوب في البترون. الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/لورين روني

تقول غصوب، "في المركز، نعتبر أنفسنا أسرة البحر. بصفتي استشارية للشؤون البحثية، أشارك في ورش العمل والتدريب والمسوحات الميدانية كجزء من المشاريع الوطنية والدولية، والتي تتطلّب أخذ العينات، والرصد، والتحليل المخبري، ورسم الخرائط، وكتابة التقارير، بالإضافة إلى قوائم لجرد قواعد البيانات." تهوى غصوب العمل الميداني خصوصاً لأنه يتسنّى لها قضاء بعض الوقت على متن سفينة بحثية. تقول "منذ فترة، أبحرنا عبر البحر الأبيض المتوسط قبالة ساحل لبنان، من الشمال إلى الجنوب، من العريضة إلى الناقورة، للإبلاغ عن ملاحظاتنا حول الحياة البحرية. كان أبرز ما في هذه الرحلة مشاهدة الدلافين الشائعة القارورية الأنف، والتي يتم رصدها بشكل رئيسي في رأس بيروت."

بهدف توفير معرفة أفضل وتمكين حماية وحوكمة أفضل للساحل اللبناني، شاركت غصوب في رسم خرائط ميزات التنوع البيولوجي، كجزء من التعاون بين المجلس الوطني للبحوث العلمية والاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة. تضمّنت أبحاثها أيضاً مسح القمامة البحرية للشواطئ في ثلاثة شواطئ عامة: العقيبة والرملة البيضاء وصيدا. البحر (أو الشاطئ) في لبنان موضع قلق. في تقريره السنوي لعام 2021 حول تلوّث الشواطئ والوضع الجرثومي للساحل اللبناني، حذّر المجلس الوطني للبحوث العلمية من أن 8 من أصل 36 شاطئًا ملوثة للغاية، وأن 4 مواقع مصنّفة على أنها محفوفة بالمخاطر أو غير آمنة. تقرّ غصوب بأن تسرّب القطران والزيت يشكل خطرًا على البيئة البحرية والكائنات الحية.

تدعو غصوب إلى اتخاذ الإجراءات البيئية المناسبة للتخفيف من التحديات البيئية. تقول، "كل منا له دور حاسم في إنقاذ سواحلنا. الاستجابة الفعالة مرتبطة بالكشف المبكر. المجتمعات المحلية هي الجهة الفاعلة الرئيسية في التخفيف من تأثير الحوادث الطارئة، كمثل التسربات النفطية. يمكن جمع المتطوعات والمتطوعين للمشاركة في حملات التنظيف، من الممكن إزالة القطران، على سبيل المثال، بسهولة يدوياً من الشواطئ الرملية." تلاحظ غصوب بكل سرور الزيادة الأخيرة في عدد مبادرات حملات التنظيف التي تشمل جميع أفراد المجتمع. "التغيير يبدأ معنا. لا يجب أن نكون بالضرورة صنّاع القرار. يمكن أن يبدأ التغيير في المنزل.

لا تحتوي أنواع الأسماك في لبنان على نسبة عالية من المعادن الثقيلة السامة ولا تزال صالحة للأكل، لكن المخاطر قائمة، بحسب غصوب. "حتى لو لم يكن الساحل اللبناني ملوثاً كما نعتقد، فإن الوضع سيتدهور إذا لم نتحرك بسرعة. علينا حماية الحياة البحرية عندنا" تؤكد غصوب.

حين أكملت غصوب دراسة عن نهر إبراهيم في لبنان خلال فترة مشروعها البحثي للدكتوراه، قدمت تقييماً دقيقاً للوضع البيئي للمنطقة الذي أجري الفحص فيها. خلصت الدراسة حول نهر إبراهيم الواقع في قضاء جبيل، على ارتفاع 1300م، والذي يصب في البحر على بعد 25 كلم شمال بيروت، إلى أن جميع المحطات المدروسة في المنطقة الساحلية المواجهة لنهر إبراهيم غير ملوّثة أو ملوّثة بشكل طفيف فقط بالعناصر النزرة. علاوة على ذلك، فإن حدوث تأثيرات بيولوجية للعناصر النزرة على الكائنات الحيّة كان نادراً.

توضح غصوب أن معظم رواسب المناطق البحرية خارج المرافئ والمواقع الصناعية في لبنان، ليست ملوثة بشدة بالمعادن الثقيلة، بل في بعض المواقع المحددة من خلال مستويات مختلفة من القولونيات البرازية والمكورات العقدية البرازية. تقول، "نحن بحاجة إلى تنفيذ خطط أفضل لإدارة مياه الصرف الصحي التي ستشمل كلاً من الحكومة والبلديات. بصفتنا باحثين وباحثات، يمكننا المساهمة بالتقارير لطلب إجراءات فورية، لكن القرار عليه أن يتخذ من قبل السلطات."

العمل المناخي موضوع عزيز جداً على غصوب، وفقًا لها، فإن الوعي الفرديّ هو مفتاح التغيير: "نحتاج أن نبدأ بمبادرات صغيرة صديقة للبيئة. نحن جميعًا مسؤولون عن تغير المناخ، والذي لا يشكل تهديدًا للنظم البيئية والتنوع البيولوجي فحسب، بل يمثل أيضاً تهديداً لنا جميعاً، كبشر." تابعت غصوب قائلة: "قد لا تتمكن العديد من الأنواع  البيولوجية التي تعيش في الماء أو على الأرض من التكيّف مع ظاهرة الاحتباس الحراري وستنقرض. للبقاء على قيد الحياة، نعتمد نحن البشر على ما تقدّمه لنا الطبيعة. يؤثر تغيّر المناخ على الأمن الغذائي مع فقدان الثروة الحيوانية وقلة توافر مصايد الأسماك. نحن بحاجة لحماية أنفسنا من خلال حماية كل شيء من حولنا."

"نحن بحاجة إلى أن نكون على دراية بارتباطنا بالعالم وأن نفكّر في الضرر غير المقصود الذي نسببه للطبيعة في حياتنا اليومية. التفكير بالبيئة يؤدي إلى التصرّف على نحو يحمي البيئة،" تختم غصوب.