الحدائق المنتشرة على الأسطح تجعل مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين أكثر إخضراراَ
التاريخ:
عائدة غضبان لاجئة فلسطينية تعيش في جنوب لبنان، في مخيم الرشيدية، ثاني أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في البلاد. كانت عائدة واحدة من ثماني نساء ساعدن في تدريب أكثر من 100 امرأة على زراعة الخضار على أسطح منازلهن. شكّل هذا النشاط نقطة تحول بالنسبة لهؤلاء النساء اللواتي استعدن الثقة بالنفس وشعرن أنهن أخيرًا يحققن بعض الفرق في مجتمعهن.
منذ طفولتها، طالما أحبّت عائدة صناعة الحرف اليدوية مستخدمة المواد القابلة لإعادة التدوير مثل الأقراص المدمجة القديمة والأقمشة العتيقة وبتلات الزهور. نظرًا إلى تعليمها المحدود – أكملت عائدة الدراسة حتى الصف التاسع فحسب – رغبت في رفع مستوى معرفتها واستكشاف طرق جديدة لتطوير الذات.
تقول: "أنا شغوفة بالبستنة وإعادة التدوير، وأردت دائمًا أن أنقل معرفتي إلى نساء أخريات. كانت ابنتي تعمل مع جمعية "عامل"، وهي منظمة غير حكومية محلية. في أحد الأيام، أطلَعَت مشرفها على حرفي اليدوية وقد أعجب بها كثيرًا إلى حدّ أنه طلب مني تدريب 60 امرأة لبنانية وفلسطينية وسورية في مركز المنظمة في صور. على مدار عامين، علّمتُ هؤلاء النساء كيفية إعادة تدوير البرطمانات القديمة ومنحها حياة جديدة. لقد صنعن أيضًا مغناطيس الثلاجة، وإطارات للصور، والزهور البلاستيكية لتزيين المنزل".
في مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين، في جنوب لبنان، يهوى معظم السكان زراعة الزهور، سواء على الشرفة أو على السطح أو في قطع الأرض الصغيرة بالقرب من منازلهم. تزرع بعض العائلات الخضار وتبيعها لزيادة دخلها، لكن الزراعة في معظم الأحيان، بقيت مهمة الرجال.
بين أيلول/ سبتمبر 2020 وكانون الأول/ ديسمبر 2021، قامت "أنيرا"، وهي منظمة أمريكية غير حكومية توفّر المساعدات الإنسانية والتنموية، بإطلاق أحد المشاريع الزراعية الذي تموله الأونروا في المخيم. تم تدريب عائدة وسبع نساء أخريات من المخيم، على الزراعة في سياق هذا المشروع الذي يهدف إلى إشراك النساء في النظافة البيئية. بعد ذلك، قامت عائدة وزميلاتها المتدرّبات بتعليم 100 امرأة أخرى كيفية زراعة الخضروات على أسطح منازلهن أو في قطع صغيرة من الأرض. تقول عائدة "تعلّمن نصائح مفيدة بما في ذلك المسافة بين مختلف النباتات في كل صف، وكيفية طرد الحشرات. كل يوم كنت أزور هؤلاء النساء في منازلهن للتأكد من أنهن يعتنين جيدًا بنباتاتهن ويقمن بسقيها".
استمر المشروع أربعة أشهر وغيّر حياة الكثير من النساء، ذلك أنهن نشأهن على فكرة البقاء في المنزل والاعتناء بالعائلة فقط. تقول عائدة: "لقد منحهن النشاط الذي التحقن به إحساسًا بالحرية واستعدن الثقة بالنفس، وشعرن أنهن يرددن الجميل لمجتمعهن. كنّ سعيدات لإنجاز مهام جديدة تختلف عن الأعمال المنزلية الروتينية. كان التدريب نقطة تحول، فقد شعرن بأنهن يرددن الجميل لأسرهن".
تقول عائدة إنها تتجول أحيانًا في شوارع المخيم، وتلتقي بنساء يعبّرن عن رغبتهن في توسيع مشروع البستنة على الأسطح. هؤلاء النساء يزرعن الخضروات التي تنمو في الشتاء، مثل الخسّ والبروكلي والقرنبيط والملفوف والبقدونس والكزبرة والرجلة والفجل والخيار. تلاحظ عائدة أن "هؤلاء النساء استطعن أخيرًا المساعدة في الحفاظ على نفقات المنزل في حدود الميزانية المرصودة. كانت إحداهن مسرورة بإعداد وجبات الإفطار الرمضانية من الخضار المزروعة في المنزل بدلًا من شرائها من متجر البقالة القريب".
دعَمَ أزواج المتدربات رغبة نسائهن في تعلّم مهارات جديدة. لم يستمتع النساء بوقتهن فحسب بل أنتجن خضروات استطعن بيعها أو طبخها، وساعدهن هذا النشاط أيضًا على اكتساب الاكتفاء الذاتي والاستدامة الذاتية. عائدة على اقتناع بأن توسيع مشروع البستنة على الأسطح أمر حيوي لاستدامة المخيم وسبل عيش النساء اللواتي يعشن هناك.
تدرك عائدة أهمية الحفاظ على بيئة صحّية، فتقول "بيئتنا هي حياتنا. يؤدي التلوث إلى أمراض وانتشار فيروسات تعرّض صحتنا للخطر. يمكننا اتخاذ الخطوات الصحيحة للحفاظ على نظافة مجتمعاتنا. أقوم بفصل النفايات البلاستيكية غير العضوية مثل الزجاج عن النفايات القابلة للتحلل. أهِبُ الطعام الفائض للجيران الذين يربّون الدجاج. لماذا نرمي برطمانات القهوة في حين يمكننا إعادة استخدامها كحاويات للتوابل والفلفل؟ دعونا نولي المزيد من الاهتمام لما يجب التخلص منه ولما يمكن إعادة تدويره أو إعادة تدويره".