الشركات الصغيرة المملوكة للنساء في لبنان تتلقى الدعم لإعادة النهوض بعد انفجار مرفأ بيروت
التاريخ:
ندى خوري وروزي بطيش وسيلفا غيراغوسيان ومارغريت الزغندي، هنّ أربع نساء لبنانيات تضرّرن على نحو مباشر من انفجار مرفأ بيروت في عام 2020 بعدما أًصيبت مؤسساتهن بأذى على نحو كبير. لحسن الحظ، تمكنن من الإتكال على "هيئة الأمم المتحدة للمرأة" وشركائها للحصول على الدعم من أجل إعادة النهوض.
كانت ندى خوري في متجر الحلويات الخاص بها مع زوجها فريدي في الأشرفية (2.5 كم من مركز انفجار بيروت)، حين سمعا صوتًا يصمّ الآذان، وفجأة انهار كل شيء من حولهما. على الرغم من أن ندى لم تصب بأذى، إلا أن زوجها قد فقد وعيه ولم يكن ممكنًا إدخاله إلى المستشفى إلا بعد سبع ساعات من وقت الحادثة، وذلك بسبب إزدحام الطرق وقطعها بالإضافة إلى إمتلاء المستشفيات بالجرحى.
تقول ندى "ذهبتُ إلى المتجر في يوم الخميس التالي، وحاولنا إعادة ترتيب وتنظيف الدم الذي غطى الأرض. لم نتمكن من إعادة البناء وإعادة فتح المتجر سوى بعد شهرين."
عندما رأت ندى الدمار لأول مرة، ظنّت أنهم لن يكونوا قادرين على إصلاح المحل ومع ذلك، ونظرًا إلى أن محل الحلويّات كان مصدر الدخل الوحيد لعائلتها، أدركت أنها ستضطر إلى إعادة فتحه في أسرع وقت ممكن.
بدعم من "هيئة الأمم المتحدة للمرأة"، أجرت منظمة "ليف لوف بيروت" وهي منظمة غير حكومية تقييمًا للحاجات في المناطق الأكثر تضررًا من انفجار مرفأ بيروت. بناءً على البيانات والتحليلات، حدّدت المنظمتان ومنظمة "ستاند فور ومن" عشر مؤسسات متناهية الصغر وصغيرة ومتوسطة تملكها نساء من بين الأكثر تضررًا من الانفجار، بناءً على احتياجاتهن وقدرتهن على إعادة البناء وعدد الموظفات. بعد ذلك تم تزويد الشركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة بالدعم العيني لمساعدتها على العودة إلى العمل.
كان محل الحلويات الذي تملكه ندى هو واحد من بين 10 شركات متناهية الصغر وصغيرة ومتوسطة الذي تم اختياره وبفضل هذا الدعم، تمكّنت من إعادة فتح أبوابها.
العودة إلى العمل بعد النجاة من الانفجار
تعتقد روز بطيش، 54 سنة، أن قوة إلهيّة قد أنقذتها يوم الانفجار. تملك روز متجرًا لبيع الملابس يقع في طريق الجميزة الرئيسي، وهو من الأماكن الأكثر تضررًا في المنطقة. في العادة، لا تغادر روز متجرها أبدًا قبل الساعة 7:00 مساءً، لكن في 4 آب/ أغسطس ، حثّها شقيقها على المغادرة عند الساعة 5:45 مساءً للانضمام إليه لشرب القهوة في منزله، في الأشرفية.
تقول روز "بينما كنت أقود سيارتي في منطقة الجميزة قبل دقائق قليلة من الإنفجار، كنت أفكر في جمال هذه الشوارع. كان بعض الناس على الأرصفة، وكان آخرون يحتسون قهوة العصر في المقاهي القديمة."
قبل دقيقة واحدة من الانفجار، كانت روز تغسل يديها، في حين كانت زوجة أخيها خرجت للتو من الشرفة وقصدت المطبخ لإحضار إبريق القهوة، بينما دخل شقيقها المنزل لإعادة شحن هاتفه، أما ابنة أخيها فحدست على نحو مفاجئ بضرورة دخول المنزل بعدما كانت جالسة في الشرفة. عندما وقع الانفجار، انهارت شرفات المبنى حيث تقطن الأسرة وسقطت حجارتها في باحة منزل أخيها. لو كانت العائلة لا تزال جالسة في الخارج، قد أصيبوا بجروح بالغة أو بأسوأ من ذلك.
"صحيح أن عائلتي لم تصب بأذى، لكن الحظ لم يحالف الجميع. مات الكثير من الناس وهم في منازلهم/هن، أما أنا، فقد ففقدت الكثير من الأصدقاء" تقول روز باكيةً.
على الرغم من أن روز لا تزال تعاني من اضطراب ما بعد الصدمة، إلا أنها سيدة مؤمنة وممتنة لأنها نجت. تدمّر متجر روز، وتطايرت تماثيل عرض الأزياء، وتساقط الزجاج والأبواب والسقف على الأرض.
تدعم "هيئة الأمم المتحدة للمرأة" روز للعودة إلى العمل من خلال تزويدها بالمخزون الأساسي لتسهيل إعادة فتح المتجر.
إحياء الأعمال المتخصصة في الفن والتصوير المتضررة من الانفجار
بالإضافة إلى ما سبق، تم تقديم الدعم العيني لمدرسة سيلفا غيراغوسيان للفنون والغاليري الخاصة بها، بعد انفجار بيروت.
"كان أخي في الغاليري يتحدث عبر الهاتف عندما سمع صوت الانفجار الأول. دفع به حدسه للقفز إلى الممر والزحف" تقول سيلفا، 65 عاماً. وأضافت قائلة "ثم وقع الانفجار الثاني، فتحطّم الزجاج واللوحات المعلقة بالقرب من النوافذ. أصيب أخي في ساقيه وكتفيه لكن إصاباته لم تكن حرجة. تعرضت الغاليري الفنية لأضرار بالغة، وسقطت إطارات الألمنيوم والزجاج، بل وصارت أواني المطبخ مسطحة تقريبًا."
بعد مرور يومين على الانفجار، عادت سيلفا إلى الغاليري لإزالة الدمار الذي أسفر عنه الانفجار. بدأ المارة في الدخول إلى الغاليري وسرعان ما بدأ نحو 20 شخصًا يساعدونها في التنظيف. كان هؤلاء من البالغين/ات والأطفال وقد جاؤوا من جميع أنحاء بيروت. تقول سيلفا "كان هناك قدر كبير من الألم، لكن رؤية الناس وهم يأتون مع أطفالهم/هن لمساعدتنا، جعلتنا نشعر بتحسن. حتى ان فتاة في الثامنة من العمر تقدّمت للمساعدة".
كما امتد دعم "هيئة الأمم المتحدة للمرأة" إلى مارغريت الزغندي، وهي امرأة تبلغ من العمر 85 عامًا حيث تملك متجرًا للتصوير الفوتوغرافي في الأشرفية. كانت في منزلها في رمحالا التي تبعد 28 كلم من بيروت، عندما سمعت الانفجار. اتصل ابنها على الفور بالبواب في المتجر الذي أخبرهم أن متجرهم العائلي القائم منذ عقود، قد دُمِّر.
تقول مارغريت "لحسن الحظ، لم يصب أحد بأذى. ومع ذلك في لحظة الانفجار، كانت حفيدتي البالغة من العمر 13 عامًا في المنزل وسقط زجاج النوافذ وجهاز التلفزيون فوقها. في حين أنها لم تصيب بأي جروح، إلا أنها لا تزال مصدومة وترفض مغادرة المنزل".
في البداية لم يسمَح لها أولادها بزيارة المتجر خوفا على صحتها النفسية. عندما تمكنت مارغريت أخيرًا من قصد المتجر، أدركت أن الانفجار تسبب بأضرار جسيمة، حيث تم تدمير الكاميرات وآلات التصوير. ولم تلبث مارغريت أن تلقّت معدات ساعدتها على استئناف أعمالها التجارية.
بعد شهور عدة على الانفجار، لا تزال المؤسسات والسكان في منطقة الانفجار يجاهدون للتغلب على الكارثة. ووفقًا لتقييم أجرته "هيئة الأمم المتحدة للمرأة"، وشمل 1164 مؤسسة في 24 حيًا في بيروت، فقد تبين أن خمس المؤسسات تقريبًا مملوكة لنساء، فضلاً عن أن 51٪ من صاحبات المؤسسات قد صرحن إنهن لا يمكنهن إعادة إطلاق أعمالهن دون تلقي المساعدة.
ومنذ الانفجار، قامت "هيئة الأمم المتحدة للمرأة" في لبنان بالعمل من خلال برامجها لتوفير الإغاثة الفورية للنساء والفتيات الأكثر ضعفًا والمقيمات في المناطق الأكثر تضررًا.
وتقول رايتشل دور- ويكس، رئيسة مكتب "هيئة الأمم المتحدة للمرأة" في لبنان "إن المؤسسات الصغيرة مثل تلك التي ندعمها من خلال "ستاند فور ومن" و"ليف لوف بيروت" هي القلب النابض للمناطق التي دمّرها انفجار بيروت. والحال ان مساعدتها على البقاء مفتوحة وعلى المكوث في هذه الأحياء أمر أساسي لإعادة بناء هذه المناطق وتنشيطها، والسماح للسكان بالبقاء فيها. وأكملت تصريحها قائلة "إن هذه المؤسسات الصغيرة ضرورية أيضًا للحفاظ على النساء في وظائف مدفوعة الأجر".