تكافح الشركات الصغيرة التي تديرها النساء في لبنان للبقاء واقفة على قدميها وسط الأزمة

التاريخ:

سوزان ملص، مصففة شعر لبنانية. الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/دار المصور.

سوزان ملص، 52 سنة، مصففة شعر مقيمة في لبنان، هي واحدة من العديد من النساء اللبنانيات اللواتي يحاولن الحفاظ على أعمالهن الصغيرة وسط الأزمة الاقتصادية في البلد – على خلفية جائحة كوفيد-19 وانفجار مرفأ بيروت.

كانت سوزان في طريقها إلى منزلها في 4 آب/أغسطس في البقاع غربي لبنان، عندما رأت دخانًا ورديًا يتصاعد من بيروت، العاصمة اللبنانية. "كانت ابنتي معي، لكن زوجي وابني كانا في المنزل. اعتقدنا في البداية أنه قصف جوي وافترضنا الأسوأ."

بالرغم من وقوع ابنها وزوجها في صدمة من صوت الانفجار وتأثيره، إلا أنهما كانا بأمان، ولم يتعرض منزلها إلا لأضرار طفيفة في المطبخ. بعد الاطمئنان على منزلها، هرعت سوزان إلى صالون تصفيف الشعر الذي تديره، وهو ليس بعيدًا عن منزلها. لحسن الحظ لم يصب الصالون بأذى، إلا أن الضرر الذي شاهدته في طريقها بقى معها. "في طريقي، رأيت الكثير من الجرحى يتم نقلهم بسرعة إلى المستشفيات القريبة؛ لقد رأيت زجاجًا مكسورًا ووجوهًا خائفة لأناس تركض في كل مكان،" تتذكر سوزان.

تمثل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مثل صالون سوزان لتصفيف الشعر 95٪ من جميع المؤسسات في لبنان، و50٪ من العمالة الوطنية، ووفقًا لاستطلاع البنك الدولي للشركات لعام 2019، فإن 9.9٪ من هذه المؤسسات مملوكة من النساء أو مملوكة بالشراكة مع النساء.

وجد موجز حديث أجرته هيئة الأمم المتحدة للمرأة، بما في ذلك نتائج استطلاع عبر الإنترنت مع 90 مؤسسة متوسطة وصغيرة ومتناهية الصغر، أن 51٪ من صاحبات الأعمال التجارية قلن إنهن لا يمكنهن إعادة فتح الأعمال دون تلقي المساعدة. أشار 54٪ إلى الحاجة إلى الدعم في إعادة بناء البنية التحتية المادية لأعمالهن وطلب 36٪ دعمًا ماليًا لإعادة بناء و/أو استبدال المخزون المفقود أو المتلف.

تعاونت هيئة الأمم المتحدة للمرأة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليونيسف لإجراء مسح عبر الهاتف مع 136 مشروعًا متوسطًا وصغيرًا ومتناهي الصغر مملوكًا من قبل نساء تأثرن بالانفجار، ومن المتوقع نشر النتائج بحلول نهاية عام 2020.

وفي الوقت نفسه، تقدم هيئة الأمم المتحدة للمرأة، بالشراكة مع المنظمة غير الحكومية "ليف لوف بيروت" والمؤسسة الاجتماعية "ستاند فور وُمن"، دعمًا عينيًا لعشر سيدات من الشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في أعقاب الانفجار، في شكل معدات مثل الآلات وأجهزة الكمبيوتر، والمخزون، بما يتناسب مع الاحتياجات المحددة لكل عمل من أجل مواصلة العمليات. يتم العمل على دعم إضافي لعام 2021، بما في ذلك التدخل على المستويات الكلية والمتوسطة والجزئية لتعزيز وجود المرأة في سوق العمل اللبناني وكذلك ربط هذه الشركات بالسوق الدولي، من خلال منصات محلية على الإنترنت وغير متصلة بالإنترنت، بهدف زياده المبيعات.

من خلال تسليط الضوء على إحدى أولويات هيئة الأمم المتحدة للمرأة، تقول رايتشل دور-ويكس، رئيسة مكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان: "بينما يعمل لبنان على إعادة البناء والتعافي من انفجار مرفأ بيروت والأزمة الاقتصادية العميقة الحالية، يجب أن يكون دعم توظيف النساء في صميم استراتيجية التعافي. فدون استراتيجية محددة لدعم دور المرأة في الاقتصاد، ستستمر النساء في ترك سوق العمل بمعدلات أعلى من الرجال – مما يؤدي إلى تراجع المكاسب التي تحققت بعد جهود فيما يتعلق بالمساواة المبنية على النوع الاجتماعي وتعريض النساء وعائلاتهن لخطر الفقر والعنف".

ازدادت حدة التحديات التي تواجه المؤسسات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر بسبب الأزمات المتعددة في لبنان، لا سيما في أعقاب انفجار بيروت الأخير. رغم أن سوزان لا تعيش أو تعمل بالقرب من موقع الانفجار، إلا أنها تشعر بأثر هذا الحدث الصادم، الذي يدفع الكثير من الناس لمغادرة لبنان. "يجب أن أدفع الإيجار [للصالون] ورواتب اثنين من طاقم العمل لدي،" تقول سوزان، "أيضًا، أصبحت منتجات الشعر والمكياج باهظة الثمن الآن، كل هذا قد يكون غير محتمل."اعتاد زوجها، وهو موسيقي مع فرقة محلية، أن يقوم بجولة حول العالم كل عام، ولكن الآن مع قيود السفر المتعلقة بكوفيد-19، لم يتمكن من العمل منذ عدة أشهر.

تصفف سوزان شعر إحدى زبائنها في صالونها. الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة/دار المصور.

ومع ذلك، سوزان عازمة على الاستمرار في رعاية وحماية أطفالها. "أريد أن أقدم لابنيّ مستقبلًا أفضل. أريدهما أن يبقيا في لبنان وألا يضطرا إلى المغادرة." بمساعدة ابنها، الذي يعمل بتنظيم الملفات في مستشفى في بيروت، تقوم سوزان بإعالة الأسرة ودفع مصاريف الجامعة لابنتها البالغة من العمر 18 عامًا، وهي طالبة إدارة أعمال.

لتعزيز مهاراتها كخبيرة تجميل، أكملت سوزان مؤخرًا تدريبًا احترافيًا في الماكياج في مركز الخدمات الإنمائية لوزارة الشؤون الاجتماعية في طريق الجديدة في بيروت، والذي استضافته هيئة الأمم المتحدة للمرأة.

بعد انتهاء التدريب، تستضيف سوزان المتدربات في صالونها بعد أن أكملن برنامج تدريب مركز الخدمات الإنمائية نفسه، وتدرّب اثنين في كل مرة، على خدمة العملاء ومهارات تصفيف الشعر في بيئة عمل حقيقية. "لقد قدم لي مركز الخدمات الإنمائية الكثير من خلال هذا التدريب؛ لقد استمتعت حقًا بوقتي وبالناس هناك، لذلك أعتبر [تدريب المتدربات] معروفًا ومردودًا. أنا أستمتع أيضًا بتدريب النساء اللائي يأتين إلى الصالون الخاص بي، وأشعر أنهن يساعدن عملي على الازدهار بمهاراتهن المكتسبة حديثًا."

تتمتع سوزان اليوم بثقة متجددة حول مستقبلها. "يمكنني الآن متابعة مهنتين: تصفيف الشعر وأن أصبح خبيرة تجميل. إذا قررت في أي وقت ترك وظيفتي كمصففة شعر، يمكنني التركيز بشكل أكبر على المكياج باستخدام المهارات التي اكتسبتها من التدريب."