حل الصراع المجتمعي في لبنان: دعم النساء للقيادة

التاريخ:

نُشر من موقع هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان

تدريب على الوساطة وحل النزاعات للنساء في العباسية، جنوب لبنان الصورة: من اليونيفيل

في يوم بارد وممطر في شباط/ فبراير، كانت هناك حوالي عشر نساء يعملن على المستوى المجتمعي لحل النزاع، تجمعن من مدينة صور وقانا المجاورة في جنوب لبنان لبدء أول تدريب لهن على إدارة النزاعات والوقاية منها وكانت الطاقة في الغرفة لا تضاهى ولا تتأثر بالطقس المضطرب.

اختلفت النساء في اعمارهن وخلفياتهن المهنية حيث كانوا نشطاء ومدرسات وصحفيات وأخصائيات ولكن كان لديهن شيء واحد مشترك، وهو الدافع لبناء السلام والرغبة في المشاركة بنشاط في عمليات صنع القرار في مجتمعاتهن المحلية لأنهن يدركن أن أفكارهن ووجهات نظرهن وتجاربهن كنساء تعد مهمة.

تجتمع مجموعة أخرى من النساء، تعد أكبر من المجموعة الاولى، في بلدية مدينة العباسية المجاورة ويعتبر هذا هو اجتماعهن الثاني، حيث يصلن واحدة تلو الأخرى، متحمسات ومتشوقات لمعرفة المزيد. لاحظت لينا الحسيني، سيدة أعمال، أنها تراقب نفسها وكيف تتواصل مع الآخرين وقالت، "هذا الموضوع [الوساطة] أمر بالغ الأهمية ومطلوب في مجتمعنا، ففي كل يوم أتعلم شيئًا جديدًا وأرغب في معرفة المزيد."

في عام 2018، شرعت هيئة الأمم المتحدة للمرأة وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (UNIFIL) في مشروع رائد لتدريب النساء في جنوب لبنان على اكتساب مهارات الوساطة والتفاوض، بتمويل سخي من حكومة إيطاليا حيث عملت الدورات التدريبية على المساهمة في بناء السلام في لبنان وفي تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن

يؤكد القرار من جديد أنه لا يمكن تحقيق السلام المستدام دون مشاركة المرأة ويدعو الدول الأعضاء إلى زيادة مشاركة المرأة في عملية صنع القرار على جميع المستويات بما في ذلك منع نشوب الصراعات.

تبدأ المدربة، جوسلين جرجس من مركز الوساطة المهنية بجامعة القديس يوسف في بيروت، الجلسات بتمرين عكسي يسمى "هيك صار” أو "هذا ما حدث" فهو تدريب يسمح للمشاركين بالتأمل في تفاعلاتهم اليومية وتحليل ردود الفعل، وخاصة الطريقة التي يتواصلون بها لحل القضايا اليومية.

شاركت فاتن شلهوب، أستاذة جامعية وناشطة في مجال البيئة، كيف حاولت منع رجل من صيد الطيور بالقرب من منزلها لأنه في هذا الوقت من العام، يعد مخالفًا للقانون ووصفت مشاركة آخرى كيف خاطبت أطفالًا من الحي يتعدون على أرضها. تتم مناقشة هذه الأمثلة الملموسة وتحليلها بشكل علني وتمنح المشاركين القدرة على عرض معارفهم المكتسبة حديثًا من وجهة نظر فكرية وعاطفية.

بمجرد الانتهاء من التدريبات، سيتم اصطحاب بعض المشاركات وتدريبهن في هذا المجال. لا يمكنننا التوقف عن التأكيد على أهمية تعزيز المشاركة النشطة للمرأة في حل النزاعات وصنع القرار في المجتمع؛ إن اكتساب مهارات الوساطة والتفاوض أمر بالغ الأهمية لتحقيق ذلك، لتوفير مساحة أكبر لمشاركة المرأة في الحياة السياسية والعامة ومنع نشوب النزاعات وحلها. إن الجو في التدريبات والمناقشات مفعم بالحيوية، والمناقشات والحوار بين المشاركات غني بالمعلومات، وفي بعض الأحيان مكثف، يمكن أن تشير الكثافة فقط إلى العملية الحيوية التي تمر بها المشاركات، حيث أنهن يفكرن في تصرفاتهن وتفاعلاتهن في المجالين العام والخاص، مع كون التفكير الذاتي ومعرفة الآخرين من أهم سمات الوسطاء في المستقبل.

"نحن نعرف أن السلام لن يتحقق إلا عندما تشارك المرأة بشكل مباشر فيه على المستوى الدولي والوطني والمجتمعي.” تقول رايشيل دورويكس، الممثلة الخاصة للمدير الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان: “إن هذه العلاقة بين هيئة الأمم المتحدة للمرأة واليونيفيل وجامعة القديس يوسف هي عنصر أساسي لعمل الأمم المتحدة للمرأة في هذا المجال، حيث تجمع بين نساء استثنائيات ومنظمات خبيرة رائدة من لبنان لإظهار القيادة النسائية في صنع السلام.

في عام 2017، قادت هيئة الأمم المتحدة للمرأة، دعم الأمم المتحدة لحكومة لبنان من خلال اللجنة الوطنية للمرأة اللبنانية لتطوير أول خطة عمل وطنية في البلاد بشأن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1325. تم الانتهاء من مشروع خطة العمل الوطنية بلبنان 1325 في عام 2018 ويتضمن خمس أولويات استراتيجية، بما في ذلك زيادة مشاركة المرأة في عمليات صنع القرار على جميع المستويات، ومنع نشوب النزاعات وحماية النساء من العنف القائم على النوع الاجتماعي وجهود الإغاثة والإنعاش والتعديل والاعتماد وتنفيذ قوانين القضاء على التمييز ضد النساء والفتيات. يتم مناقشة خطة العمل الوطني 1325 انتظارًا لموافقة مجلس الوزراء اللبناني.

عفاف عمر، مستشارة الشؤون المتعلقة بالنوع الاجتماعي في اليونيفيل تقول "بينما تحضر لبنان خطة العمل الوطنية الأولى لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1325، من المهم أن تكون المرأة اللبنانية مستعدة للمشاركة في جميع جوانب بناء السلام وحل النزاعات.  تهدف ورش العمل هذه إلى تحضير المرأة اللبنانية لتكون وسيطة فعالة ومستعدة لإدارة جميع أنواع الصراع وفي مجتمع ما بعد الصراع، مثل جنوب لبنان، تساعد ورش العمل هذه أيضًا على جمع النساء معًا لطرح الأفكار حول القضايا التي يواجهنها وتوفير منتدى لإدارة الصراع بطريقة هادفة."