إشراك الفتيات والفتيان لتحقيق المساواة بين الجنسين في شمال المغرب

التاريخ:

التدريب على المساواة بين الجنسين الذي أجرته جمعية المحصحاص للتنمية البشرية في مدرسة ثانوية في محافظة العرائش بالمغرب. الصورة مهداة من جمعية المحصحاص.

في شمال المغرب، تعاني مناطق معينة في منطقة العرائش من مشاكل اجتماعية حادة مثل الفقر وتعاطي المخدرات والتمييز على نطاق واسع ومتأصل بين الجنسين. قد يكون الوضع في هذه الأحياء قاتماً لولا الجهود التي بذلتها المنظمات المحلية مثل جمعية المحصحاص للتنمية البشرية ومقرها مدينة العرائش.

من خلال العمل بالشراكة مع البرنامج الإقليمي "رجال ونساء من أجل المساواة بين الجنسين" التابع لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، تقوم جمعية المحصحاص بمجموعة من الأنشطة تشمل التعليم والتدريب المهني والمسرح والرياضة لمكافحة البطالة والأمية التي تعاني منها المرأة ومكافحة الظواهر النمطية للتمييز على أساس النوع الاجتماعي.

تقول لطيفة تاليدي، المؤسسة والمديرة التنفيذية للجمعية أن "المحصحاص هي أحد أحياء مدينة العرائش ولقد عشت فيها طوال حياتي. لقد كان حيا مزدهراً فيما مضى، لكن مع تدهور الوضع الاقتصادي في شمال المغرب، أصبحت المنطقة فقيرة حيث يلجأ الأطفال للمخدرات نتيجة الشعور باليأس ".

 النهوض بالنساء الريفيات هي احد توجهات العمل الرئيسية لجمعية المحصحاص."لقد وضعنا إستراتيجية: فأول شيء يتعين علينا القيام به لمساعدة النساء في هذه المنطقة هو القضاء على الأمية.لذلك قمنا بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم بتقديم دورات في القراءة والكتابة للنساء المحليات وافتتحنا مركزًا لتعليم النسيج وصنع المعجنات وتصفيف الشعر.وعندما يتخرجن من مركزنا، يحصلن على شهادة دبلوم لتسهيل فرص حصولهن على وظائف".

تمشيا مع برنامج هيئة الأمم المتحدة للمرأة، أعطت جمعية المحصحاص الأولوية لدور الرجل كمناصر للمساواة بين الجنسين.

وأضافت لطيفة بالقول "إننا نعمل مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة لتوفير دورات لزيادة الوعي في المدارس الثانوية للبنين، ونقدم دورات تدريبية حول مفاهيم الرجولة والمساواة بين الجنسين بمشاركة هيئة الأمم المتحدة للمرأة من خلال المدارس في المنطقة".

"من بين العديد من الرجال الذين قمنا بتوعيتهم بمفاهيم المساواة بين الجنسين، قمنا بتدريب 24 شابًا لكي يصبحوا مشرفين على أنشطة التدريب. وكان هؤلاء الشباب في الأصل يقاومون بشكل خاص المناقشات التي تدور حول الموضوعات الخاصة بأدوار النوع الاجتماعي والعنف المنزلي. فقد كانوا يعتقدون أن وجود المرأة في المنزل لطهي الطعام يُعد أمر طبيعي، وأن العنف المنزلي يعتبر شأنًا خاصًا. كما استخدموا الدين كمبرر لذلك الرأي.ولكن مع مرور الوقت انتهى الأمر بأن هؤلاء الشباب أصبحوا من أكثر المؤيدين لمباديء المساواة وهم الآن قدوة للشبان الآخرين في مجتمعهم".

ثم ظهرت قصة عتيقة، وهي فتاة من إحدى المناطق الريفية المحيطة بمدينة العرائش.و كانت هذه الفتاة تنتمي إلى عائلة فقيرة يسودها عدم التكافوء، حيث كانت الفتيات داخل الأسرة يتحملون مسؤوليات الأب المالية . ولقد دعتها جمعية المحصحاص لحضور إحدى الدورات التدريبية التي تدور حول الرجوليات وأدوار النوع الاجتماعي، وذلك بعد أن تعرفوا عليها داخل أحد المدارس التي تعمل بها الجمعية.

وقالت لطيفة أن "بعد التدريبات التي قدمناها، أظهرت هذه الفتاة تقدماً واضحاً، حيث فهمت سريعاً جميع مفاهيم الرجولة الإيجابية ومباديء المساواة بين الجنسين وأصبح بإمكانها الآن أن تقف أمام الجموع وتشرح الموضوعات التي تعرفت عليها لأي شخص آخر.

بعد التدريبات، انتقلت عتيقة من كونها فتاة خجولة وصامتة إلى شخصية اجتماعية تشارك في الأنشطة المسرحية والرياضية مع الفتيان. إنها الآن قائدة شابة في مجال المساواة بين الجنسين بمنطقة العرائش، وسوف نطلب منها أن تأتي للعمل معنا في جمعية المحصحاص".