عصفورين بحجر واحد: هيئة الأمم المتحدة للمرأة تساعد النساء المهمشات في العثور على وظائف في المعركة ضد كوفيد-19

التاريخ:

ليلى صالح تتلقى تدريبًا في أحد المراكز للتطعيم ضد فيروس كوفيد-19 في نابلس بالضفة الغربية. الصورة: جذور

قالت رنا *، البالغة من العمر 25 عامًا، من القدس: "تخرجت من مدرسة التمريض قبل ثلاث سنوات ولم أتمكن من الحصول على وظيفة"، سمِعَت والدتي عن تدريب التمريض وشجعتني على التقديم، فقمت بذلك. لقد تعلمت الكثير من الأشياء التي لم أدرسها في المدرسة، مثل الإنعاش القلبي الرئوي، وكانت مفيدة للغاية".

وشاركت رنا إلى جانب 60 ممرضة عاطلة عن العمل في مشروع تدعمه هيئة الأمم المتحدة للمرأة يهدف إلى تعزيز قيادة المرأة ومشاركتها في الاستجابة للطوارئ، بما في ذلك الاستجابة لجائحة كوفيد-19 والتعافي العادل. هذا المشروع هو جزء من برنامج أكبر حول "أجندة النهوض بالمرأة والسلام والأمن في فلسطين". ويهدف هذا المشروع، الذي تموله النرويج بسخاء، إلى دعم المؤسسات الفلسطينية والمجتمع المدني في تنفيذ خطة العمل الوطنية بشأن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1325، وزيادة مشاركة المرأة في الاستجابة لحالات الطوارئ والتعافي بعد الصراع. يمكن أن تكون برامج العمل الوطنية أدوات حاسمة في المعركة ضد جائحة كوفيد-19، فعلى سبيل المثال، توصل تحليل أجرته هيئة الأمم المتحدة للمرأة إلى أن ما يقرب من نصف خطة العمل الوطنية الأولى في فلسطين تتماشى مع إطار عمل الأمم المتحدة للاستجابة الاجتماعية والاقتصادية الفورية لـكوفيد-19.

وأدى المشروع إلى زيادة إمكانية توظيف الشابات اللائي تخرجن مؤخرًا من مدارس التمريض للحصول على وظائف في نهاية المطاف في المرافق الصحية في المناطق المهمشة المتأثرة بشدة بـكوفيد-19.

وتقول هنادي*، البالغة من العمر 25 عامًا والحاصلة على درجة البكالوريوس في التمريض من إحدى جامعات غزة: "في حين كان تعلمنا في الجامعة أكثر نظرية، فقد ركز هذا التدريب على التعلم العملي والمهام العملية، كما أنه زاد من خبرتي المهنية ونمّى قدراتي ومعرفتي ببيئة العمل. الآن أشعر أنني مؤهلة أكثر للتقدم للوظائف".

ويشمل برنامج بناء القدرات الذي تم تنفيذه من قبل شركاء هيئة الأمم المتحدة للمرأة في الضفة الغربية وغزة وهم مؤسسة جذور والمركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات تزويد المتدربات بالمهارات الطبية وغير الطبية بالإضافة إلى المهارات التي تهدف إلى مساعدة الخريجات الشابات على اقتحام سوق العمل وتقديم الطلبات للوظائف بشكل عملي واكتساب خبرة في العمل من خلال التدريب. ولضمان استجابة التدريب لاحتياجات القطاع الصحي والمرضى، عقد شركاء هيئة الأمم المتحدة للمرأة محادثات مع صاحبات وأصحاب الأعمال والجهات المسؤولة المحتملة في وزارة الصحة في رام الله، وساعدت ردودهم في تصميم التدريبات لزيادة فرص المتدربات في الحصول على الوظائف.

قالت الدكتورة أمية خماش، مديرة مؤسسة جذور: "سيكون المشروع نموذجًا قابلًا للمماثلة لمواصلة دعم النساء وإشراكهن في الجهود الرامية للخروج من الأزمة. إن دعم الأجيال الجديدة من الخريجات العاطلات عن العمل بفرص اقتصادية سيؤدي في نهاية الأمر إلى توزيعهن في قطاع الصحة عندما تكون هناك حاجة حقيقية لهن".

أريج النحال، صيدلانية، تلقت تدريب التمريض في غزة. الصورة: المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات

وتقول سماح*، البالغة من العمر 21 عامًا، من الضفة الغربية: "كمتدربات، نحصل على خبرة حقيقية ونتعامل مع حالات حقيقية كما لو كنا من طاقم العمل. أصبح لدينا الكثير من المعرفة، لذلك عندما يتم تعييننا، نبدأ العمل بحماس وشغف، فعلى سبيل المثال، تعلمنا أيضًا أهمية جمع البيانات لمكافحة الجائحة وتم إرسالنا أيضًا إلى مراكز الفحص لمعرفة كيفية أخذ العينات".

وفقًا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، يشارك سبعة من كل عشرة رجال فلسطينيين في قوة العمل، وتشارك اثنتان فقط من بين كل عشر نساء. تكافح القيادات الشبابية بشكل عام والنساء بشكل خاص للحصول على وظائف بعد التخرج.

لقد ألقت جائحة كوفيد-19 بعبء كبير على نظام صحي مستنزف وهش بالفعل، إذ كان يعاني من نقص واسع النطاق في الموارد، والموارد البشرية على وجه الخصوص. وجدت دراسة أجراها معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني في عام 2018 أن هناك نقصًا كبيرًا في أعداد هيئة التمريض، وبسبب تدابير وقيود كوفيد-19، تحتاج القوة العاملة في قطاع الصحة التي كانت على اتصال بمرضى كوفيد-19 إلى الالتزام بالحجر الصحي في المنزل بعد تعاملهم مع المرضى، مما أدى إلى تفاقم العجز في أعدادهم، لذا قام بعض المتدربات والمتدربين في المشروع بسد هذه الفجوة والمساعدة.

وقالت بدورها جمانة* البالغة من العمر 20 عامًا، من جنين (الضفة الغربية)، والتي كانت جزءًا من مجموعة المتدربات: "لقد اكتسبت خبرة واسعة خلال فترات التدريب، وقمت أيضًا بحل محل بعض أفراد طاقم التمريض في أثناء الحجر الصحي. لقد تعلمت الكثير حول كيفية التعامل مع المرضى واتخاذ الإجراءات الاحترازية لحماية نفسي والآخرين وحاولت نشر هذه المعرفة من حولي".

على الرغم من أن الخطوط الأمامية في القطاع الصحي معظمها من النساء، إلا أنه نادرًا ما تُسمع أصواتهن في صنع القرار، وقد أتاح التدريب للمشاركات فرصة للتعرف على أهمية مشاركة المرأة في صنع القرار حتى يتمكن من صياغة القرارات التي تفيد المجتمع بأسره رجالًا ونساءً.

وتقول سماح* البالغة من العمر 26 عامًا، من غزة، والحاصلة على دبلوم في التمريض: "تُتخذ القرارات في بعض الأحيان من قبل الرجال فقط، من دون الرجوع إلى النساء، لكن المرأة لها دور أيضًا، ومن أهم الأمور التي تعلمتها في أثناء التدريب، خاصة كفلسطينية تعيش في وطأة الاحتلال، هي أهمية المشاركة السياسية والاقتصادية للمرأة، لقد حفزني هذا التدريب لمعرفة المزيد عن المساهمة الإيجابية للمرأة في بناء السلام وحل النزاعات".

يقول سعيد المقادمة، مدير المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات: "إن المساواة المبنية على النوع الاجتماعي وتمكين المرأة ليسا ضروريين من أجل الإعمال الكامل لحقوق المرأة الاقتصادية فحسب، بل أيضًا للتصدي لأزمات مثل جائحة كوفيد-19، وقد ساهم هذا المشروع في زيادة فرص العمل المتاحة للنساء والفتيات وتعزيز قدراتهن على المساعدة في التصدي للجائحة".

تقول السيدة ماريز جيموند، الممثلة الخاصة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين: "في فلسطين، شأنها شأن أماكن أخرى، تمثل العاملات في مجال الصحة غالبية الاستجابة الأولى للجائحة، ولكي نتصدى بفعالية للجائحة ونتعافى منها دون التخلي عن أحد، علينا أيضًا أن نضمن أن مساهمتهن التي لا غنى عنها على أرض الواقع تنعكس بنفس القدر في صنع القرار."

 

* تم تغيير الاسم لحماية خصوصية الناجيات وسرية معلوماتهن.