فَكِّر لخمس دقائق:" إن القضاء على العنف ضد النساء والفتيات في سوريا سيتطلب بناء السلام، وضمان الحماية، وتغيير القوانين لضمان الحماية المناسبة بكل أشكالها للمجموعات المستضعفة في المجتمع."

التاريخ:

سليمة جابي، ناشطة لحقوق المرأة ورئيسة مؤسسة بدايات في سوريا. الصورة: سليمة جابي

سليمة جابي رئيسة مجلس مؤسسة بدايات، وهي منظمة غير حكومية لدعم العائلات النازحة ومحدودي الدخل. إلى جانب الخبرة التي اكتسبتها في المفاوضات وتسوية النزاعات، قد عملت مع عدد من المنظمات غير الحكومية على مدار العشرين عامًا الماضية. حاليًا، هي مشاركة في مبادرات للمناصرة مدعومة من هيئة الأمم المتحدة للمرأة لضمان مشاركة النساء السوريات في عملية بناء السلام وتسوية النزاعات.

ما هي التحديات الأساسية التي تواجهها النساء والفتيات في سوريا اليوم في ضوء العنف القائم على النوع الاجتماعي؟

تتعرض النساء والفتيات في سوريا للعنف الجسدي والجنسي واللفظي. كما تتعرضن للاستغلال الجسدي نتيجة نقص الموارد النابعة من التكوين الذكوري والسلطوي للمجتمع. هذه الجرائم لا يُبلَغ عنها بسبب الخوف والرغبة في الحفاظ على شرف العائلة. لذا، لا يتعرض الجناة للمساءلة. تنقص خدمات الدعم النفسي والمتابعة بشكل حاد، وهي مشكلة جسيمة للنساء والفتيات في سوريا.

علاوة على ذلك، هناك الكثير من السجينات اللائي لا تُلبّى احتياجاتهن بشكل مناسب،بل تحتجن إلى المزيد من الموارد القانونية والدعم.

أصبح الرجال يملكون الأسلحة أكثر من ذي قبل، لذا انعدام الأمن يشكل تهديدًا. كما أن النساء معرضة للاستغلال الجنسي أيضًا نتيجة الفقر وبعض الضغوطات الاقتصادية. إن التحرش الجنسي مشكلة إضافية بسبب تدهور الأمن في الأماكن العامة. تُجبَر الكثير من الفتيات على الزواج المبكر ابتداءً من سن ال11، لا سيما في أسرة وحيدة العائل. هنالك أيضًا نقص في المعرفة لدى النساء بشأن الحلول الأخرى التي يمكنهن اللجوء إليها.

ما هي الخدمات المقدمة للنساء والفتيات التي تتعرض للعنف؟ وهل هي سهلة الوصول إليها؟

ليس من السهل الوصول إلى أكثرية الخدمات لأن المجتمع لا يناقش قضايا العنف كونها حساسة ومناقشتها تتطلب الاعتراف أولًا بوجود هذه القضايا. هناك عدد من الجمعيات والمبادرات المهتمة بالفتيات التي تتعرض للعنف، ولكن الجزء الأكبر منها موجودة خارج الأراضي السورية.

إن الخدمات محدودة - ليست موجودة بشكل واسع، لكنها تضم توفير مستلزمات النظافة الشخصية، وتدريبات حول سُبل العيش، وحملات توعية. كما أن هناك جمعية توفر المساعدة والمتابعة لدعم الناجيات من العنف. على الرغم من ذلك، حتى هذه الخدمات ليس يسيرًا الوصول إليها. توجد العديد من النساء اللاتي تحتجن إلى هذا الدعم إلا أن الموارد المتاحة لا تلبي الاحتياجات بشكل مناسب.

هل تستطيع المرأة تطبيق العدالة عندما تتعرض للعنف وكيف؟

يمكنها ذلك إذا عزمت على التحدث علنًا عما حدث لها، والحال ليست كذلك لدى الكثير بسبب عقبات التحدث لعائلاتها والتشكيك في شرف العائلة. على الرغم من ذلك، بسبب نقص الموارد والدعم القانوني، حتى للنساء التي قد تنوي للتحدث علنًا عن العنف الذي تعرضن له، قد لا تعرف كيفية متابعة العدل القانوني لأن القوانين المكتوبة مؤخرًا والدستور لا يدعمان النساء التي تسعى لتطبيق العدالة في الحالات المشابهة.

تحتاج النساء إلى دعم المنظمات والمؤسسات الدولية والجمعيات المحلية لتضخيم هذه القضايا وأصوات النساء، ولكن هؤلاء المناصرون غير موجودين حاليًا.

في رأيك، ما هي الأولويات للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات في سوريا؟

إن القضاء على العنف ضد النساء والفتيات في سوريا سيتطلب بناء السلام، وضمان الحماية، وتغيير القوانين لضمان الحماية المناسبة بكل أشكالها للمجموعات المستضعفة في المجتمع. سوف نحتاج لنشر فهمًا على مستوى المجتمع لضمان أن هناك منظورًا مراعيًا للنوع الاجتماعي مدمجًا في البرامج الاجتماعية والمادية والتعليمية لتلبية احتياجات كل فرد.

أي نوع من السياسات العامة ينبغي أن تُعتَمد للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات في سوريا؟

يجب أن نضع موضوعات المرأة في الاعتبار وأن نضمن وصلوها لأقصى مرحلة تمكين حيث يمكنها استخدام قدراتها لإفادة المجتمع. بالنسبة للسياسة الاقتصادية، توفير خدمات مصرفية للنساء يساعد لضمان فرص عمل لعدد أكبر من النساء.

أما بالنسبة للسياسة الاجتماعية، نحتاج إلى إعادة توجيه الأيدولوجية المجتمعية المسيطرة التي تهمش احتياجات النساء والأنماط السائدة عن دور المرأة وقدراتها، وتبديلها بأيدولوجية تحترم المرأة وتدعمها وتؤكد على حقوقها.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون هناك استجابة أفضل للنساء المتعرضة للعنف. تظل الكثير من النساء مع أزواجهن رغم تعرضهن للإساءة المنزلية لأنه لا مكان آخر يمكنها العيش فيه - حتى إذا كانت لديهن اختيار الرجوع إلى أهلهن، لأنهن سيضطررن إلى ترك أطفالهن. هذه النساء تحتاج إلى مكان آمن للبقاء فيه وإلى دعم لسبل العيش لتتمكن من إبقاء أطفالهن معهن.

يجب مراجعة الدستور والقوانين لتدعم النساء والفتيات بشكل أفضل. وهذه سيشمل زيادة تمثيل النساء في أدوار اتخاذ القرار إلى %30 على الأقل. يجب أن يُعاقب مرتكبو الجرائم ضد النساء - لا سيما الذين ارتكبوا جرائم متعلقة بالشرف - دون استثناء. ينبغي على الحكومة أيضًا أن ترفع السن القانوني لزواج الفتيات والفتيان لسن ال 18، وإلغاء القانون الحالي الذي لا يسمح للقاضي بفرض عقوبات على الزيجات في سن أصغر. نحتاج أيضًا إلى حملات توعوية لتحدي الأنماط الضارة عن إمكانات النساء وقدراتها.