نساء لبنانيات يتدرّبن على الدفاع عن النفس ويشعرن بالثقة من جديد

التاريخ:

مجموعة من النساء في بيروت خلال مشاركتهن في صفوف الدفاع عن النفس. حقوق الصورة محفوظة لكير انترناشيونال لبنان

*تم تعليق جميع التدريبات الشخصية التي تدعمها هيئة الأمم المتحدة للمرأة منذ أن أعلنت الحكومة اللبنانية فرض تدابير الإغلاق للتصدي لجائحة كوفيد-19. مع تخفيف إجراءات الإغلاق، من المتوقع استئناف بعض الصفوف قريبًا.

في ضواحي بيروت الجنوبية، ترسم شهادات النساء اللواتي تعرّضن للعنف صورة قاتمة جدًا عن أحوالهن. في "مركز الخدمات الإنمائية" في الغبيري، وهو مساحة متعددة الغرض خاضعة لإدارة حكومية وتوفّر الخدمات للمجتمع، تروي متدرّبات عديدات تجارب العنف الجنسي التي اختبرنها وتطوّرت في بعض الأحيان إلى محاولات اغتصاب.

"منذ فترة، تعرّضت لتحرّش سائق سيارة أجرة ولكني استطعت الهرب ولجأت إلى منزل أحد الأصدقاء. لم أتوقّف عن البكاء طوال ذلك النهار" تتذكر مهى*، وهي سيدة في الثالثة والثلاثين من عمرها من جنوب لبنان وتقطن في ضاحية بيروت الجنوبية.

منذ الحادثة، التحقت مهى بصفوف الدفاع عن النفس التي توفّرها منظمة كير الدولية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان، بدعم من حكومات اليابان والنرويج وفنلندا، في سياق مبادرة "هي تستطيع" وهي جزء من مشروع شامل ينفّذ في لبنان ويهدف إلى تعزيز تمكين النساء والفتيات اقتصاديًا وحمايتهن.

تتمحور مبادرة "هي تستطيع" على إنهاء العنف ضد اللاجئات والنساء والفتيات في المجتمعات المضيفة، وتجمع بين صفوف الدفاع عن النفس وبين نشاطات الوقاية والاستجابة بما في ذلك الدعم النفسي الاجتماعي والإحالات إلى الجهات مقدمة الخدمات المتخصصة. من خلال نشاطاتها المختلفة، تعمل المبادرة على تعزيز معرفة النساء لحقوقهن وحصولهن على الحماية، بالإضافة إلى إحداث تغيير إيجابي في المجتمع.

تصف مهى نفسها بالخجولة جدًا وتشرح كيف ساعدتها صفوف الدفاع عن النفس في الشعور بأنها أقوى. تسترجع مهى الحادثة التي مرّت بها وتقول إنها وبالاعتماد على ثقتها بالنفس المكتسبة حديثًا، في حال تعرّضت للتحرّش اليوم، ستتصرّف على نحو مختلف. تضيف "لقد غيّرت هذه الصفوف العلاقة التي تربطني بزوجي. تعلّمت كيف أعبّر عن آرائي وأطالب بحقوقي وأعرب عن وجهات نظري. في السابق، لم أجرؤ على معارضته."

شاركت إلى الآن 220 سيدة وفتاة في هذه الدورات التي بدأت في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المنصرم. وبالرّغم من اعتقاد الكثير أن إرشادات الدفاع عن النفس ترتبط بالسلامة الجسدّية فقط، تشرح المدرّبة ياسمين أبو جواد أن هذه الصفوف تتناول أيضاً الجوانب النفسية المتعلقة بالشعور بالأمان. تقول "عملت مع العديد من المنظمات غير الحكومية على مدى 12 سنة. تقدّم هذه الدورات الكثير للمتدرّبات على مستوى السلامة النفسية والرفاهية؛ تغيّرت علاقات النساء بأجسامهن ومحيطهن وشركائهن، وتمنحهن هذه الدورات الثقة بالنفس وتسمح لهن بعيش حيواتهن بطريقة مختلفة".

وتقول فاطمة* وهي أم لأربعة أولاد، إن تدريبات الدفاع عن النفس منحتها الثقة اللازمة لتوقِف تحرّش أحد الأقرباء. وتضيف "لم أفكّر يومًا أن هذا قد يحدث لي. لو لم أشارك بهذه الصفوف، لما استطعت الدفاع عن نفسي". وتشرح فاطمة أن في المجتمع حيث تعيش، ليس في وسع المرأة الكشف عن حدوث حادث مماثل لتضيف "لم يكن ليصدّقني أحدهم. كانوا سيعتقدون إنني دفعته للتحرّش بي أو شجّعته على ذلك".

تقول فاتن طيبي وهي مديرة برنامج التمكين الاقتصادي للنساء والفتيات في هيئة الأمم المتحدة للمرأة: "في إطار هذا البرنامج، نعمل على الحدّ من الضرر الجسدي والنفسي الممارس ضد النساء. لا يقدّم التدريب على الدفاع عن النفس المهارات والتقنيات العمليّة للمرأة لحمايتها الذاتية فقط، بل يعزّز شعورها بالسلامة والثقة أيضًا لكي تستطيع التعامل مع المواقف العصيبة. ينبغي لنا أن نبذل قصارى جهدنا للتصدي للعنف ضد النساء والفتيات، وللقضاء عليه".

*تم تغيير اسمي المتدربتين لحماية هويتيهما.